أنهى زعيم حزب "الأمة" السوداني المعارض الصادق المهدي، غيابه لعامين ونصف عن السودان، قضاها في منفاه الاختياري في القاهرة، بعدما غادر الخرطوم في يوليو/ تموز 2014 غاضباً من الحكومة، التي اعتقلته لنحو شهر بسبب انتقادات وجّهها لقوات الدعم السريع "الجنجويد" وحركت معها إجراءات جنائية ضده وأُخضع للتحقيق من قبل النيابة.
وفور وصوله، ظهر أمس الخميس، قوبل المهدي بحفاوة من قبل أنصاره وقادة المعارضة الذين استقبلوه في مطار الخرطوم، بينما غاب التمثيل الرفيع لحزب "المؤتمر الشعبي"، وخصوصاً الأمين العام للحزب إبراهيم السنوسي، بينما حرص السفير السوداني في مصر على وداع المهدي قبل مغادرته القاهرة. ورحب مجلس الوزراء السوداني، في جلسته أمس، بعودة المهدي إلى البلاد، واعتبر أن الخطوة تصب لصالح عملية الحوار الوطني.
ولم تكن مغادرته الخرطوم في 2014 المرة الأولى التي يترك فيها البلاد إلى منفى اختياري، إذ غادرها عام 1974 أيام حكم الرئيس السوداني الراحل جعفر نميري، ومرة أخرى في عهد النظام الحالي في إبريل/ نيسان 1997، وكان العامل المشترك بين المرات الثلاث أنه غادر بعد عمليات اعتقال بسبب معارضته الحكومة.
ونشط الصادق المهدي طيلة وجوده في القاهرة في تحركات مكوكية بهدف تسريع عملية إيجاد نظام جديد للحكم في السودان عبر تسوية سياسية، بالضغط على الحكومة لتقديم جملة من التنازلات وإقناع الحركات المسلحة التي تقود حرباً ضد الحكومة في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان بالخطوة.
وجال خلال تلك الفترة على نحو عشرين دولة، كما أعلن بنفسه، ونجح في ضم المعارضة المسلحة والسلمية في تحالف جديد أطلق عليه اسم "قوى نداء السودان"، فضلاً عن إقناع هذه الحركات بتغيير النظام عبر النضال السلمي والجلوس في حوار مع الحكومة، وهو أمر كانت ترفضه هذه الحركات.
ويرى مراقبون أن عودة المهدي من شأنها أن تنعش الساحة السياسية وتنهي حالة الجمود، فضلاً عن تقوية المعارضة الداخلية بعد الفتور الذي انتابها، إضافة إلى تأثيراتها على عملية الحوار الوطني، إلى جانب حسم الخلافات التي هزت حزبه عقب مغادرته البلاد.
ويعتبر محللون أن قرار المهدي بالعودة جاء بعد فشل الرجل في تحقيق أهدافه التي أعلن عنها عقب مغادرته، والمتمثلة في إحداث تسوية سياسية يوقّع معها الفرقاء السودانيون على اتفاق وقف الأعمال العدائية في مناطق النزاع في ولايات دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، ويأسه من إمكانية تحقق الخطوة، فضلاً عن اقتناعه بضرورة قيادة معارضة وضغط من الداخل لا سيما في ظل تطور العلاقات السودانية - الأميركية والأوروبية.
اقــرأ أيضاً
بينما يرى آخرون أن السبب الأساسي لعودته هو ترتيب البيت الداخلي لحزبه واختيار خليفة له، بالنظر لإعلانه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بالتزامن مع احتفاله بعيد ميلاده الثمانين، عن معاناته من "ورم" قال إنه تعافى منه بفضل دعوات أنصاره، فضلاً عن أنه خطّ في عيد ميلاده الـ79 مرثية لنفسه وأوصى بكتابة عبارات محددة على شاهد قبره في حال وفاته. ويعتقد مراقبون أن وفاة زعيم "المؤتمر الشعبي" حسن الترابي في فبراير/ شباط الماضي بشكل فجائي أثرت في الصادق وقادته للتفكير في تحديد خليفته في ظل النزاع الكبير والصراعات داخل حزبه.
ويرى المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ، أن عودة المهدي لها علاقة بمستقبل قيادة حزبه وترتيب بيته الداخلي باعتبار أن ذلك يمثّل تحدياً له، لا سيما في ظل تنامي وتمدد غريمه مبارك الفاضل، الذي عاد إلى الحزب أخيراً بعد أن انسحب منه وشكّل حزباً آخر وعقد تحالفات مع تيارات غاضبة ومحبطة من المهدي داخل حزبه، مضيفاً أن "الأوضاع السياسية في البلاد حالياً ضبابية وتفرض عليه العودة في الوقت الراهن".
ويرجح أبو الجوخ أن ينشغل المهدي في الفترة الحالية في ترتيب حزبه وأن يستعجل عقد مؤتمر الحزب الرابع ليقوم عبره بإعلان تنحيه عن قيادة الحزب وتقديم أحد أبنائه مكانه، متوقعاً أن يقدّم ابنه صديق باعتبار أنه يمكن أن يشكّل منافساً قوياً لمبارك الفاضل، لأنه يجد قبولاً وسط الأنصار ويمتلك قدرات اقتصادية ولديه احتكاك مع قوى المعارضة الأخرى. ويضيف: "بذلك يكون قد أمّن القيادة المستقبلية لحزبه، باعتبار أن عملية توفير البديل وهو لا يزال حياً ستجد القبول ولن تؤدي إلى هزات داخل الحزب، باعتبار أن أي خطوة مماثلة في غياب المهدي يمكن أن تُحدث أزمة بالنظر للتعقيدات داخل الحزب".
وقابلت الحكومة السودانية إعلان عودة المهدي بفتور شديد، على الرغم من محاولاتها السابقة لإنهاء هجرته، وحاولت وضع العراقيل أمام ترتيبات الحزب بشأن استقباله، إذ منعت أنصار الحزب من استقبال قائدهم ومخاطبته لهم في ميدان الخليفة في أم درمان الذي يمثل رمزاً مهماً للحزب، بحجة ترتيبات حكومية مسبقة لإحياء ذكرى تحرير الخرطوم في هذا الميدان. ولم يسبق أن احتفلت الحكومة بذكرى تحرير الخرطوم على يد الإمام محمد أحمد المهدي من أيدي الانكليز، الذي يصادف في 26 يناير/ كانون الثاني، بينما عُرف حزب "الأمة" بإحياء المناسبة لما تمثله من رمزية.
ويستبعد قادة حزب "الأمة" أن تُقدِم الحكومة على اعتقال المهدي، على الرغم من تحركاته الخارجية التي تراها معارضة لها، وتحالفاته مع القوى المسلحة، لا سيما أنها درجت خلال الفترة الأخيرة على اعتقال قوى المعارضة في مناسبات لها علاقة بالتقارب مع المسلحين. وقال مدير مكتب المهدي، محمد زكي، إنه يستبعد أن تواجَه عودة المهدي بأية مخاطر، على الرغم من أنه أكد في الوقت نفسه عدم خلو الحياة السياسية من المخاطر.
ويرى مراقبون أن تيارات داخل الحزب الحاكم لا ترغب في عودة الصادق، وأنها عملت على استفزازه لمغادرة البلاد، بالنظر إلى ثقله السياسي وتأثيراته على مجرى الحوار، لا سيما أن المهدي أدى دوراً كبيراً في إعلان الرئيس السوداني عمر البشير للحوار، معتبرين أن هذه التيارات يمكن أن تُقدم على مضايقة الرجل لا سيما في حال تحرك في ملف الحوار.
اقــرأ أيضاً
وفور وصوله، ظهر أمس الخميس، قوبل المهدي بحفاوة من قبل أنصاره وقادة المعارضة الذين استقبلوه في مطار الخرطوم، بينما غاب التمثيل الرفيع لحزب "المؤتمر الشعبي"، وخصوصاً الأمين العام للحزب إبراهيم السنوسي، بينما حرص السفير السوداني في مصر على وداع المهدي قبل مغادرته القاهرة. ورحب مجلس الوزراء السوداني، في جلسته أمس، بعودة المهدي إلى البلاد، واعتبر أن الخطوة تصب لصالح عملية الحوار الوطني.
ولم تكن مغادرته الخرطوم في 2014 المرة الأولى التي يترك فيها البلاد إلى منفى اختياري، إذ غادرها عام 1974 أيام حكم الرئيس السوداني الراحل جعفر نميري، ومرة أخرى في عهد النظام الحالي في إبريل/ نيسان 1997، وكان العامل المشترك بين المرات الثلاث أنه غادر بعد عمليات اعتقال بسبب معارضته الحكومة.
وجال خلال تلك الفترة على نحو عشرين دولة، كما أعلن بنفسه، ونجح في ضم المعارضة المسلحة والسلمية في تحالف جديد أطلق عليه اسم "قوى نداء السودان"، فضلاً عن إقناع هذه الحركات بتغيير النظام عبر النضال السلمي والجلوس في حوار مع الحكومة، وهو أمر كانت ترفضه هذه الحركات.
ويرى مراقبون أن عودة المهدي من شأنها أن تنعش الساحة السياسية وتنهي حالة الجمود، فضلاً عن تقوية المعارضة الداخلية بعد الفتور الذي انتابها، إضافة إلى تأثيراتها على عملية الحوار الوطني، إلى جانب حسم الخلافات التي هزت حزبه عقب مغادرته البلاد.
ويعتبر محللون أن قرار المهدي بالعودة جاء بعد فشل الرجل في تحقيق أهدافه التي أعلن عنها عقب مغادرته، والمتمثلة في إحداث تسوية سياسية يوقّع معها الفرقاء السودانيون على اتفاق وقف الأعمال العدائية في مناطق النزاع في ولايات دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، ويأسه من إمكانية تحقق الخطوة، فضلاً عن اقتناعه بضرورة قيادة معارضة وضغط من الداخل لا سيما في ظل تطور العلاقات السودانية - الأميركية والأوروبية.
بينما يرى آخرون أن السبب الأساسي لعودته هو ترتيب البيت الداخلي لحزبه واختيار خليفة له، بالنظر لإعلانه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بالتزامن مع احتفاله بعيد ميلاده الثمانين، عن معاناته من "ورم" قال إنه تعافى منه بفضل دعوات أنصاره، فضلاً عن أنه خطّ في عيد ميلاده الـ79 مرثية لنفسه وأوصى بكتابة عبارات محددة على شاهد قبره في حال وفاته. ويعتقد مراقبون أن وفاة زعيم "المؤتمر الشعبي" حسن الترابي في فبراير/ شباط الماضي بشكل فجائي أثرت في الصادق وقادته للتفكير في تحديد خليفته في ظل النزاع الكبير والصراعات داخل حزبه.
ويرى المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ، أن عودة المهدي لها علاقة بمستقبل قيادة حزبه وترتيب بيته الداخلي باعتبار أن ذلك يمثّل تحدياً له، لا سيما في ظل تنامي وتمدد غريمه مبارك الفاضل، الذي عاد إلى الحزب أخيراً بعد أن انسحب منه وشكّل حزباً آخر وعقد تحالفات مع تيارات غاضبة ومحبطة من المهدي داخل حزبه، مضيفاً أن "الأوضاع السياسية في البلاد حالياً ضبابية وتفرض عليه العودة في الوقت الراهن".
ويرجح أبو الجوخ أن ينشغل المهدي في الفترة الحالية في ترتيب حزبه وأن يستعجل عقد مؤتمر الحزب الرابع ليقوم عبره بإعلان تنحيه عن قيادة الحزب وتقديم أحد أبنائه مكانه، متوقعاً أن يقدّم ابنه صديق باعتبار أنه يمكن أن يشكّل منافساً قوياً لمبارك الفاضل، لأنه يجد قبولاً وسط الأنصار ويمتلك قدرات اقتصادية ولديه احتكاك مع قوى المعارضة الأخرى. ويضيف: "بذلك يكون قد أمّن القيادة المستقبلية لحزبه، باعتبار أن عملية توفير البديل وهو لا يزال حياً ستجد القبول ولن تؤدي إلى هزات داخل الحزب، باعتبار أن أي خطوة مماثلة في غياب المهدي يمكن أن تُحدث أزمة بالنظر للتعقيدات داخل الحزب".
وقابلت الحكومة السودانية إعلان عودة المهدي بفتور شديد، على الرغم من محاولاتها السابقة لإنهاء هجرته، وحاولت وضع العراقيل أمام ترتيبات الحزب بشأن استقباله، إذ منعت أنصار الحزب من استقبال قائدهم ومخاطبته لهم في ميدان الخليفة في أم درمان الذي يمثل رمزاً مهماً للحزب، بحجة ترتيبات حكومية مسبقة لإحياء ذكرى تحرير الخرطوم في هذا الميدان. ولم يسبق أن احتفلت الحكومة بذكرى تحرير الخرطوم على يد الإمام محمد أحمد المهدي من أيدي الانكليز، الذي يصادف في 26 يناير/ كانون الثاني، بينما عُرف حزب "الأمة" بإحياء المناسبة لما تمثله من رمزية.
ويرى مراقبون أن تيارات داخل الحزب الحاكم لا ترغب في عودة الصادق، وأنها عملت على استفزازه لمغادرة البلاد، بالنظر إلى ثقله السياسي وتأثيراته على مجرى الحوار، لا سيما أن المهدي أدى دوراً كبيراً في إعلان الرئيس السوداني عمر البشير للحوار، معتبرين أن هذه التيارات يمكن أن تُقدم على مضايقة الرجل لا سيما في حال تحرك في ملف الحوار.