15 نوفمبر 2024
عودة إلى حدود أولمرت
لم يكن أحد يتوقع، حين تحدّث الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، عن خطة لمواجهة صفقة القرن، أنه كان يقصد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، وأنه سينتشله من تحت أنقاض حياته السياسية ليرافقه إلى مجلس الأمن الدولي، لتقديم مقترح سلام بديل. حين سرّبت القناة العبرية الثانية نيّة أبو مازن، لم يصدّق كثيرون أن من الممكن أن يكون هذا خياراً، وأن الأمر ليس إلا فبركةً إسرائيلية للتقليل من قدرة الفلسطينيين على مواجهة الصفقة، خصوصاً أن التعويل كان على خطواتٍ جدّية، أوحى بها أبو مازن، خلال كلمته أمام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب. غير أن المندوب الفلسطيني في الأمم المتحدة، رياض منصور، خرج ليؤكّد أن أولمرت هو فعلاً جزء من خطة عباس، وأن مؤتمراً صحافياً سيعقد بين الاثنين في أعقاب جلسة مجلس الأمن المقررة الثلاثاء المقبل.
وعلى الرغم من أن منصور لم يذكر الغاية من الاستعانة بأولمرت، إلا أنه يمكن الرجوع إلى الخبر الأولي المسرّب من القناة العبرية، أن أبو مازن يريد من رئيس الوزراء الأسبق أن "يساعده في حشد دعم دولي واسع لرفض خطة ترامب، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق سيكون دليلا على أن الفلسطينيين لا يستبعدون التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل كجزء من المفاوضات بين الطرفين"، في إشارة إلى أن أولمرت من المقرّر أن يقول إنه كان قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين قبل نهاية ولايته في رئاسة الحكومة.
من غير المفهوم وفق أيّ منطق تتصرّف السلطة الفلسطينية في خطواتها التي تقول إنها مخصّصة لإفشال الصفقة الأميركية الإسرائيلية، فما تم الحديث عنه، في الأيام الأولى للإعلان عن الصفقة، لم يظهر منه شيء على أرض الواقع، لا في ما يخص التنسيق الأمني ولا تحصين الجبهة الداخلية، فالحديث عن وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال لم يخرج من دائرة الاستهلاك الإعلامي إلى حيز التطبيق، بل يجري الحديث عن قنوات تنسيق إضافية قائمة. الأمر نفسه بالنسبة إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني، فبعدما كان الحديث عن اتفاق عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، على اللقاء في غزة، على الرغم من أن الأخير غير موجود في القطاع، وربما ممنوع من العودة بعد زيارته إيران للتعزية بقاسم سليماني، اقتصرت الخطوة على زيارة وفد فتحاوي، بزعامة روحي فتّوح، إلى القطاع، غير مرتبطة أساساً بملف إنهاء الانقسام.
لم يتحدّث أحد في السلطة بعد عن إلغاء الخيارين، لكنّ الواضح أنه تم تجميدهما، بانتظار نتائج "خطة عباس"، والتي تدور في منطق التفاوض الذي لا يستطيع الأخير مغادرته. أبو مازن سيعرض خطته، والتي قال إنها ستكون دعوةً إلى مؤتمر دولي للسلام، مستعيناً بـ"شريكه السابق" إيهود أولمرت، والذي سيقدّمه باعتباره مثالاً على إمكان التفاهم الفلسطيني الإسرائيلي. لكن أي آذان دولية ستصغي لعباس، ومَنْ مِنَ القوى المتحكمة في مجلس الأمن، وفي مقدمتها الصين وروسيا، ستكون مستعدةً لمواجهة إدارة ترامب في الشأن الفلسطيني، لا سيما أن أصواتاً دولية غير قليلة، إضافة طبعا إلى الأصوات العربية الكثيرة، أبدت تأييدها الخطة الأميركية؟ وأيٌّ من هذه الدول التي سيخاطبها أبو مازن ستكون في وارد رعاية مثل هذا المؤتمر، ناهيك عن الجدوى منه في وجود حكومة نتنياهو وإدارة ترامب، وأيّ مكاسب سيخرج منها الفلسطينيون غير الدخول في دوامة جديدة من المفاوضات؟
"صفقة القرن"، أو الخطة الأميركية الإسرائيلية، هي عملياً تطبّق على أرض الواقع، وباتت تتجاوز الأراضي الفلسطينية إلى فتح الحدود والسموات العربية أمام دولة الاحتلال، فيما لم يعد لأبو مازن إلا العودة إلى "حدود أولمرت".
من غير المفهوم وفق أيّ منطق تتصرّف السلطة الفلسطينية في خطواتها التي تقول إنها مخصّصة لإفشال الصفقة الأميركية الإسرائيلية، فما تم الحديث عنه، في الأيام الأولى للإعلان عن الصفقة، لم يظهر منه شيء على أرض الواقع، لا في ما يخص التنسيق الأمني ولا تحصين الجبهة الداخلية، فالحديث عن وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال لم يخرج من دائرة الاستهلاك الإعلامي إلى حيز التطبيق، بل يجري الحديث عن قنوات تنسيق إضافية قائمة. الأمر نفسه بالنسبة إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني، فبعدما كان الحديث عن اتفاق عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، على اللقاء في غزة، على الرغم من أن الأخير غير موجود في القطاع، وربما ممنوع من العودة بعد زيارته إيران للتعزية بقاسم سليماني، اقتصرت الخطوة على زيارة وفد فتحاوي، بزعامة روحي فتّوح، إلى القطاع، غير مرتبطة أساساً بملف إنهاء الانقسام.
لم يتحدّث أحد في السلطة بعد عن إلغاء الخيارين، لكنّ الواضح أنه تم تجميدهما، بانتظار نتائج "خطة عباس"، والتي تدور في منطق التفاوض الذي لا يستطيع الأخير مغادرته. أبو مازن سيعرض خطته، والتي قال إنها ستكون دعوةً إلى مؤتمر دولي للسلام، مستعيناً بـ"شريكه السابق" إيهود أولمرت، والذي سيقدّمه باعتباره مثالاً على إمكان التفاهم الفلسطيني الإسرائيلي. لكن أي آذان دولية ستصغي لعباس، ومَنْ مِنَ القوى المتحكمة في مجلس الأمن، وفي مقدمتها الصين وروسيا، ستكون مستعدةً لمواجهة إدارة ترامب في الشأن الفلسطيني، لا سيما أن أصواتاً دولية غير قليلة، إضافة طبعا إلى الأصوات العربية الكثيرة، أبدت تأييدها الخطة الأميركية؟ وأيٌّ من هذه الدول التي سيخاطبها أبو مازن ستكون في وارد رعاية مثل هذا المؤتمر، ناهيك عن الجدوى منه في وجود حكومة نتنياهو وإدارة ترامب، وأيّ مكاسب سيخرج منها الفلسطينيون غير الدخول في دوامة جديدة من المفاوضات؟
"صفقة القرن"، أو الخطة الأميركية الإسرائيلية، هي عملياً تطبّق على أرض الواقع، وباتت تتجاوز الأراضي الفلسطينية إلى فتح الحدود والسموات العربية أمام دولة الاحتلال، فيما لم يعد لأبو مازن إلا العودة إلى "حدود أولمرت".