عودة أغاثا كريستي: 10 أعمال جديدة غير منشورة

30 اغسطس 2015
صورها في جريدة محلية حين اختفت بعد اكتئابها (Getty)
+ الخط -
عثر جوليوس غرين، المنتج المسرحي والخبير في كتابة قصص المسرحيات البوليسية، خلال بحثه في أرشيف يحوي أوراق الروائية المبدعة، أغاثا كريستي، على خمس مسرحيات كاملة وخمس مسرحيات تتألّف من فصل واحد، صاغتها كريستي. وسينشر غرين المسرحيات في كتابه الجديد "Curtain Up" في سبتمبر/أيلول المقبل لمناسبة الاحتفال بمرور 125 عاما على ولادة كريستي.

لا تزال بريطانيا تولي كريستي اهتماماً كبيراً، على الرّغم من مرور ما يزيد عن قرن على ولادتها. وتحتفل بالمناسبة بلدة توركاي بمدينة ديفون، جنوب غرب بريطانيا حيث ولدت، "أغاثا كلاريسا ميلر" في 15 سبتمبر/أيلول، ضمن مهرجان "أغاثا كريستي الدولي"، الذي يقدّم على مدى تسعة أيّام أحداثاً جديدة وفريدة من نوعها تبدأ في 11 سبتمبر/أيلول المقبل وتنتهي في 18 من الشهر ذاته.

اقرأ أيضاً: لص كوري يجري جراحة تجميل ليعاود نشاطه

أبدعت كريستي في كتاباتها، على الرّغم من عدم ارتيادها المدرسة، إلى أن بلغت سنّ المراهقة. لكن قد يكون ابتعادها عن مقاعد الدراسة التقليدية قد ساهم في تركها العنان لخيالاتها، بعيداً عن توجيهات أو برامج مدرسية منظّمة تبدل من طموحاتها أو تقضي على عالم أبطالها الوهميين.

تلقّت كريستي تعليمها في المنزل من قبل والدها الأميركي بشكل عام، أمّا والدتها كلارا، التي كانت راوية قصص متميّزة، فلم ترغب في أن تتعلّم ابنتها القراءة قبل بلوغها الثامنة، بيد أنّ كريستي شعرت بالملل، فعلّمت ذاتها القراءة وهي في سن الخامسة.

شكّلت قراءتها قصص الأطفال، في ذلك الزمن، النواة الأولى لبداية إبداعها وخلقها أصدقاء لها من عالم الخيال إلى جانب اللعب مع حيواناتها وعشقها للكلاب بشكل خاصّ. كما ارتادت صفوف الغناء وعزف البيانو وهي في عمر الخامسة عشرة، وكادت أن تصبح عازفة محترفة لولا خجلها المفرط أمام الحضور.

اقرأ أيضاً: مئات السنوات سجناً لأميركي تباهى بجرائمه في أغانٍ

تصف أغاثا طفولتها بـ"السعيدة" وتقول إنّ أوفر الأشخاص حظّاً هو الذي يحظى بطفولة سعيدة.

توفي والدها في فرنسا، حيث انتقلوا للعيش لمدّة، وذلك بعد إصابته بسكتة قلبية، جرّاء معاناته من صعوبات مالية. ودخلت والدتها في دوّامة حزن فأصبحت كريستي الصديقة الأقرب لها وهي في الحادية عشرة من عمرها.

وفي زمن غابت عنه التكنولوجيا، كانت كريستي، وهي في عمر الثامنة عشرة، تتسلّى بكتابة قصص قصيرة، نشر بعضها في عام 1930. أمّا أوّل قصّة قصيرة، فكتبتها حين كانت مراهقة مريضة في الفراش، إذ طلبت منها والدتها أن تقطع الوقت بتأليف قصّة إن كانت قد انتهت من قراءة جميع الكتب الموجودة في المنزل. أجابتها أغاثا: "لكنّني لا أعرف"، فردّت الوالدة: "لا تقولي لا أعرف".

تقدّم العديد من الرجال لطلب يد كريستي من طبقات غنية ومتوسطة وفقيرة لكنّها رفضتهم جميعاً، إلى أن التقت بزوجها الأوّل، آرتشي كريستي، في عام 1912، الطيّار الشجاع وأحد الذين تقدّموا بطلب الانضمام إلى سلاح الطيران الملكي. وقعا في الحب واستماتا للارتباط رسمياً، فتزوّجا ليلة عيد الميلاد عام 1914.

اقرأ أيضاً: كذبت على والديها وعندما فضحاها استعانت بقاتل للتخلص منهما

ومنذ ذلك الحين عُرفت باسم أغاثا كريستي، نسبة إلى عائلة زوجها آرتشي، ولازمها اللقب حتّى بعد مماتها. ثم عاشا منفصلين بسبب الحرب، آرتشي في فرنسا وكريستي في بلدها، حيث تطوّعت للعمل في مستشفى الصليب الأحمر في توركاي.

بدأت أغاثا كتابة قصصها البوليسية خلال الحرب العالمية الأولى. وأخذت الرواية الأولى لها "قضية ستايلز الغامضة" وقتاً لإنهائها ووقتاً أطول للعثور على ناشر، إذ رفضت من قبل ستّة دور نشر. وكان لأختها دور في حثّها على كتابة القصص البوليسية حين قالت لها متحديّة، إنّها تعجز عن كتابة قصّة بوليسية جيّدة.

مع انتهاء الحرب العالمية الأولى، بدأت حياة كريستي تسير نحو الأفضل، ويعتبر عام 1919 مميّزاً إذ تمكّن آرتشي من إيجاد وظيفة في المدينة وتوفير مبلغ كاف من المال لاستئجار شقّة مفروشة في العاصمة البريطانية، لندن. وفي العام ذاته أنجبت أغاثا في 5 أغسطس/آب ابنتها الوحيدة، روزاليند، وأيضاً في ذلك العام اتّصل بها ناشر اسمه، جون لين، وأعلمها بموافقته على نشر قصّتها " قضية ستايلز الغامضة" وطلب منها إنتاج خمسة كتب إضافية.

اقرأ أيضاً: عن رضيع ربيع كحيل الذي يشبهنا... نحن أيتام الوجع

كانت كريستي الكاتبة الوحيدة في القرن العشرين التي خلقت شخصيتين بوليسيتين مميزتين وهما: "هرقل بويروت" و "الآنسة ماربل". أمّا كيف استلهمت شخصية التحرّي، بويروت، فتقول إنّها وجدتها حين مرّت بها حافلة تحمل لاجئين بلجيكيين خلال الحرب العالمية الأولى.

وكانوا متواجدين في غالبية مناطق ريف بريطانيا وتوركاي، مكان ولادة كريستي. رأت كريستي فيها الشخصية التي تبحث عنها لروايتها على الرّغم من أنّها لم تركّز على شخص بعينه، لكنّها آمنت أنّ لاجئاً بلجيكياً عمل كشرطي سابق، قد يمثّل دور التحري البارع في رواية "قضية ستايلز الغامضة".

مرّت كريستي بأصعب مراحل حياتها حين مرضت والدتها وتوفيت، في وقت اكتشفت فيه خيانة زوجها لها، بعد أن وقع في غرام نانسي نيال، صديقة العائلة وزميلته في لعبة الغولف، التي لم تكن ضمن هوايات كريستي.

بقيت كريستي وحيدة معظم الأوقات بعد وفاة والدتها، وعانت حتى تنهي كتابة روايتها لدار نشر كولنز في الوقت المطلوب.

ويروى أنّه، ذات ليلة من ليالي ديسمبر/كانون الأوّل، وفي ظلّ غياب سكرتيرها وصديقها المقرّب كارلو، فتك الحزن بكريستي لفقدانها والدتها وزوجها في وقت واحد. فغادرت المنزل تاركة ابنتها روزاليند للخدم ومن دون أن تبلغ أحداً عن وجهتها.

اقرأ أيضاً: أشهر روايات الجريمة البوليسية... مسلسلاً على BBC

اختفت كريستي وعثر على سيارتها مهجورة على بعد بضعة أميال من منزلها. فبدأت عملية بحث وطنية شاملة عنها، وتبيّن في نهاية المطاف، وبعد مرور 11 يوماً، أنّها وصلت بطريقة ما إلى محطّة أنفاق "كينغس كروس" في لندن حيث أخذت القطار وتوجّهت إلى مدينة هاروغيت في شمال بريطانيا، وحجزت فندقا تحت اسم مستعار "تيريزا نيال". بيد أنّ موظفي الفندق تمكنّوا من التعرّف عليها وبلّغوا الشرطة عنها.

وفي عام 1945 عاد زوجها ماكس مع نهاية الحرب ليعيشا سوياً. وأخذ الإنتاج المسرحي الكثير من وقتها في الأربعينيات والخمسينيات، فلم تجد المزيد من الوقت للتفرّغ للكتابة. وكان آخر ظهور لها عام 1974، في ليلة افتتاحية فيلم "جريمة على قطار الشرق السريع".

ومع تقدّمها في العمر، أكّدت كريستي على مقولة الصينيين عن أجمل سنوات العمر، فقالت: "أوافق مع الصينيين أنّ سنوات العمر بين الستينيات والسبعينيات هي الأفضل في الحياة".
توفيت كريستي، في 12 يناير/كانون الثاني 1976 بعد حياة مليئة بالإنجازات والانتصار دوماً على أية عوائق تواجهها. ودفنت في فناء كنيسة سانت ماري في منطقة تشولسي بالقرب من مدينة وولينغفورد، حيث عاشت مع زوجها ماكس في بيتهما الريفي.

اقرأ أيضاً: "10 عبيد زغار" ينافس هيفا وهبي وعادل إمام
المساهمون