عن تغريدات ستيفن سلايطة

06 يوليو 2015

ستيفن سلايطة...كرسي إدوارد سعيد في الجامعة الأميركية في بيروت

+ الخط -
آخر أخبار البروفسور الأميركي الشاب، ستيفن سلايطة، الأردني الأب والفلسطيني الأم، أنه يشغل، الآن، كرسي إدوارد سعيد في الجامعة الأميركية في بيروت للعام الدراسي الحالي، على الأقل. هذا ما تخبرنا به الصحافة الإسرائيلية التي انشغلت، ولا تزال، بقضية البروفسور ذي الأصل العربي الذي أنهت عقده جامعة إلينوي في أميركا، بعدما طلبت منه الاستقالة من جامعته الأولى، بسبب تغريداته "العنصرية" ضد الحكومة الإسرائيلية التي حوَّلت قطاع غزة، في آخر حرب ضدها، إلى جحيم، إلى مسرح للموت والدمار والأشباح. هذه مشكلة البروفسور الشاب الذي كان سيقوم بالتدريس في قسم دراسات سكان أميركا الأصليين (الهنود الحمر) مع جامعته، وهذه مشكلته مع أصدقاء إسرائيل، وهم القائمون على أحوال أميركا، للأسف.

ويبدو أن تغريدات سلايطة الذي له نصيب من اسم عشيرته المادبية (نسبة إلى مادبا، جنوبي عمّان)، الذي يعني في لسان العرب الفصاحة والشدة، قد أثارت انتباه جماعات الضغط الصهيونية في الولايات المتحدة الأميركية إليه، فأدرجوها في خانة العداء لإسرائيل، لأنهم لم يستطيعوا اعتبارها عداءً للسامية. فلا شيء فيها معاد للسامية، ولا للأعراق أو الأديان. لكن، ليس هذا ما يحاسب عليه المرء في قلعة الصهيونية: أميركا، بل يكفي العداء للحكومة الإسرائيلية، لكي يحرم من يفعل ذلك من أحد حقوقه الدستورية التي لا يعتز الأميركيون بشيء قدر اعتزازهم بها: حرية التعبير. أي شيء تلهج به أميركا الرسمية أكثر من حرية التعبير التي لا ديموقراطية حقيقية من دونها؟ لكن الوقائع اختبرت مراراً الحدود التي تتوقف عندها حرية التعبير في أميركا. ففي حين يمكن أن تصل إلى حد العنصرية أو التنميط الذي لا يتزحزح ضد شعوب بعينها (الروس، العرب، الأفارقة، اليابانيون في أفلام هوليوود) تخرس وتغلق فمها بـ "الضبَّة والمفتاح"، بتعبير المثل المصري، عندما تحضر إسرائيل. لا يمكن حصر الوقائع التي فشلت في نيل نعمة حرية التعبير عندما تتصل بإسرائيل، حتى إن هذا الموضوع صار مملاً من فرط تكراره والحديث عنه. لكنه، على تكرار حدوثه، لم يغيّر في الواقع شيئاً: إسرائيل فوق مرمى سهام النقد، وستظل إلى أن يكون للمصالح الأميركية في المنطقة العربية قول آخر، وهذا، للأسف، لن يحدث. 

المهم في أمر بروفسورنا، ذي اللسان الفصيح والحديد، بحسب تعبير لسان العرب المشار إليه أعلاه، وجد جامعة (وأميركية أيضاً) تعطيه صفَّاً دراسياً ليقدم على منبره مطالعاته في دراسات الهنود الحمر التي أزعجت الدوائر الصهيونية، لربطها بين احتلال أرضهم وتدمير تراثهم الثقافي وطمس هويتهم على يد المستوطنين الأوروبيين، الباحثين عن "أرض مقدسة"، وما حصل مع الفلسطينيين، مع فارق أن الفلسطينيين لن يكون مصيرهم كالهنود الحمر. فهم ليسوا "مقطوعين من شجرة"، كما يقول المثل، في منطقتهم. إنهم قلب هذا المحيط، وقلب هذه المنطقة، ولا أمن ولا استقرار فيها من دون أن ينالوا حقوقهم المجزوءة التي قبلوا بها، ولم يقبل بها عدوهم. فنحن اليوم، للمفارقة، لا نطالب بكامل حقوق الفلسطينيين، بل بجزء منها، وحتى هذا الجزء غير قابل للتحقق، بسبب الميل المتزايد إلى اليمين عند الإسرائيليين، ما ينتج حكومات استيطانية، تعمل على قضم مزيد من الأرض، بدل ترك هذه الأرض لتقوم عليها دولة فلسطينية قابلة للحياة والاستمرار، وليس لوحة إعلانية تحمل اسم الدولة الفلسطينية تُرفع فوق "المقاطعة".. ونشيداً وطنياً واستعراضاً لحرس شرفٍ ببنادق منزوعة الطلقات.

والبروفسور سلايطة لمن لا يعرفه، أكاديمي له نحو ستة كتب ودراسات عديدة في الشؤون السياسية والثقافية، مثل كتبه عن العنصرية ضد العرب في أميركا، والرواية الأميركية العربية، روح إسرائيل الميتة.

في الثاني من يوليو/تموز الحالي، غرَّد سلايطة يقول: بعد الإعلان عن عملي الجديد، تعلمت شيئين: الأول، أن الحب ينتصر. والثاني، أن بعض الصهاينة يغضبون بعنف، إذا علموا أن ناقداً لإسرائيل تمكَّن من إيجاد لقمة عيش.
E7B23353-660D-472F-8CF3-11E46785FF04
أمجد ناصر

شاعر وكاتب وصحفي من الأردن