عن الحزب والليرة

26 فبراير 2020
+ الخط -
في سورية، ورغم قناعة الجميع بما فعلته الحرب فيها من دمار، وخرّبت بيوت الناس ودُورهم السكنية، و"أجْلَت" أغلبهم وانتزعتهم من منازلهم إلى بيوت ليست بأحسن حال مما كانوا يقيمون فيها.

في زمن الأسدين الأب والابن اللذين ملآ جيوبهما بكنوز سورية، ووزع الأخير ما بقي من خيرات على حاشيته المستفيدة والتي تزيد في تصفيقها وولائها له، وما زالت تقود زمام المبادرة، و"تدعس" على كل من يقترب من هُمامها البطل بشار الذي يدافعون عنه حفاظاً على كراسيهم، وبكل وقاحة، وإلى يومنا هذا، وهذا من حقهم لأنهم هم من أكبر المستفيدين من هذه الفوضى الخلاّقة، وبحضور نخبة من المليشيات التي أسقطت كيان وهيبة الدولة!

وما زلنا نقرأ اليوم، وبكل خسّة ووقاحة، ما سبق أن سجلته وتناقلته الصحف المحلية السورية عن الواقع العبثي لانتخابات الشعب والفرق الحزبية، وما أعلنت عنه القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي من قرارات بإعادة تشكيل قيادات فروع الحزب في المحافظات والجامعات بعد اطلاعها على نتائج المؤتمرات الانتخابية لهذه الفروع، وعلى مقترحات اللجان القيادية المختصّة التي درست هذه النتائج وتقدّمت بمقترحاتها إلى قيادة الحزب التي تمّ إقرارها وإعلانها، وعلى إثرها تم تشكيل الجهاز الحزبي، وفروعه في المحافظات وفي الجامعات، وما تركه من أثر سيئ في الشارع، وخاصة لدى جماهير الحزب، وبصورةٍ خاصة لمن لم يحالفهم الحظ في القرار، غير مرتاحين، لأن أمانيهم ونشاطاتهم لم تكلل بالوصول إلى المطلوب شخصياً، وغيرها من أمثال هذه الترّهات والمسمّيات التي قرف المواطن السوري من سماعها وذكرها والمشاركة فيها، لأنها لم تعد تلبي طموحه ولا حتى هاجسه اليومي، وهو صار بحاجة اليوم إلى تحسين معيشته، وهذا هو المطلوب في الوقت الذي نجد أن هناك من يتغنّى بأمثال هذه الانتخابات والمرشحين وما آلت إليه النتائج من صعود وهبوط من قبل ضعاف النفوس، والتي يهلل لها "حرامية" الدولة. بالطبع الحزبيون منهم، على وجه التحقيق، الذين استفادوا الكثير من المال لقاء تزوير الحقائق وتبييض الوجه!.


وماذا يعني هذا التفاخر؟ وماذا يعني المواطن السوري الساذج من الحزب، وبعد كل الذي جرى في سورية ولا يزال يجري؟

أليس من المعيب حقاً أن يفاخر هؤلاء المرتزقة بنجاحهم غير المرضي، وإن كان مرضياً فالمواطن في سورية صار أكثر ما يبحث عن توفير لقمة العيش، ولم يعد تنطلي عليه أمثال هذه الصور البغيضة المزخرفة الفارغة.. فالمواطن شبع كذباً ونفاقاً وتهريجاً!

يكفينا تلفيقاً والضحك على الناس بأمثال هذه الانتخابات، الترّهات الزائفة، وهذا الحزب الذي دمّر سورية ولم يعد له "لزوم"!. فالحزبيون وشلليتهم الضالة، والقائمون عليه هم من أضاعوا المواطن وخرّبوا أسس الدولة وتركوها عرضةً للخراب والدمار، ناهيك بصغار الموظفين المستفيدين من هذه الحرب والدمار الذي لحق بها!

في سورية، وكالعادة الذي يضحك أخيراً هو ذلك الشخص المستفيد من عطاءات النظام، ومن خزائن الدولة، وهم كثر، فضلاً عن مدّخراتها التي فتكت بالمواطن وأردته قتيلاً.

فالمواطن المسكين لم يَعُد يهمّه من كل ذلك سوى تحصيل رزقه، وهذا كل ما صار يحلم به اليوم، وتأمين متطلبات بيته الرئيسة التي تساعده على إكمال مسيرة حياته اليومية التي لم تعد تلبي ربع ما كانت ترضيه قبل نحو عشر سنوات من الآن.

وفي الصورة المقابلة، وما يضحكنا، هو واقع صرف الدولار واليورو مقابل الليرة السورية التي انهارت تماماً وأصبحت في الحضيض، والفارق الشاسع بينهما.. وهذا ما صار واضحاً ويرسمه الشارع وبكل وضوح، وينبري من كل ذلك المستفيدون الذين يتعاملون بالدولار على الرغم من القرارات الصارمة التي صدرت مؤخراً، وعلى إثرها تم توقيف واحتجاز مسؤولين كبار، وكذلك نجد أن أمثالهم يمجّدونها ويفاخرون بالليرة ومكانتها، ويصرّون على أنها ما زالت في أوجها. عجبي!
6C73D0E8-31A0-485A-A043-A37542D775D9
عبد الكريم البليخ
صحافي من مواليد مدينة الرقّة السوريّة. حصل على شهادة جامعيَّة في كلية الحقوق من جامعة بيروت العربية. عمل في الصحافة الرياضية. واستمرّ كهاوي ومحترف في كتابة المواد التي تتعلق بالتراث والأدب والتحقيقات الصحفية.