عن "الشعبوية الزائفة" لوادي السيليكون

19 سبتمبر 2017
يا أنتم، اهدؤوا قليلًا (Getty)
+ الخط -
يتحدث مُحرّر مجلة "الجمهورية الجديدة" السابق عن القوةّ التوسعيّة لشركات التكنولوجيا العملاقة، مقابلة يجريها ألكسندر بيسلي مع فرانكلين فوير.

"تسعى الاحتكارات الصاعدة اليوم إلى أن تشمل كل شيء في الوجود"، هكذا يقول فوير الذي عمل لـ 14 عامًا محرّراً في مجلة "الجمهورية الجديدة"، في إشارة منه إلى القوّة الجامحة التي تملكها شركات مثل فيسبوك وآبل وغوغل وأمازون. يتخذ فوير موقف الخائف والقَلِق تجاه محتكري الإنترنت في كتابه الجديد "عالم بلا عقل: تهديد الشركات التكنولوجية الكبيرة الوجوديّ".

يكتب فوير: "لقد بنيت الديمقراطية الأميركية على خوف مستحق، وهو قلق من أن السلطة قد تُجمع كلها في مؤسّسة واحدة على حساب البقية. أما الشركات التكنولوجية فليس لديها مثل هذه المخاوف. فكلما تدخلوا في حياتنا أكثر، كان ذلك أفضل لهم. لا حدّ لما يمكن أن يقوموا به".

وقبل عدة أسابيع، جادلت غوغل حول طرد أحد منتقديها من مركز أبحاث مموّل بشكل كبير من غوغل نفسها. وفي حزيران/يونيو الماضي، كتب باري لين الأكاديمي في مؤسّسة أميركا الجديدة، بشكل مقنع بحثًا لصالح غرامة مكافحة الاحتكار للاتحاد الأوروبي ضدّ غوغل، ليجد نفسه مطرودًا من المؤسسة نفسها بعد عدة أشهر.


ويحذّر فوير بأن هذه الحالات يمكن أن تزداد سوءًا لأن الشركات التكنولوجية الكبيرة وعلى نحو متزايد تجمع في يديها المزيد من السلطة. ويقع اللوم على السياسيين الأميركيين أيضًا بهذا الشأن – بمن فيهم الرئيس السابق باراك أوباما – الذين كانوا وما يزالون غير راغبين في كبح جماح هذه الشركات.

فوير كاتب ومحرّر ومعلق سياسي يحظى باحترام كبير. وقد ظهرت أهميّته في عمله في مجلة سليت وذي أتلانتيك، حيث يعمل مراسلاً. تواصلت معه عبر الهاتف، إذ كان في مهمّة تحقيق حول ترامب ومدير حملته السابقة بول مانافورت في إطار العلاقات المقلقة مع نظام فلاديمير بوتين. تحدّثنا عن غوغل وعن التفرّد وعن زيف فيسبوك وعن جوليان أسانج وعن فشل أوباما في السيطرة على الشركات التكنولوجية الكبيرة.

ألكسندر بيسلي: "يمكن النظر إلى وادي السليكون كما ننظر تمامًا إلى دونالد ترامب، فهما جزء لا يتجزأ من التقاليد الشعبية الأميركية العظيمة الزائفة". هذه المقارنة على لسانك قوية جدًا.

فرانكلين فوير: قبل أن يشتري جيف بيزوس (المدير التنفيذي لأمازون) صحيفة واشنطن بوست، أمضى الكثير من الوقت في نقد مبدأ وجود حُرّاس حامين بشكل عامٍ. لأنهم وحسب ادّعائهِ يشكّلون حاجزًا بين الناس وبين الأشياء التي يريدونها حقًا ونصّب نفسهُ وقتها عدواً للنخبوية. وهذا ربّما يكون صحيحًا في ما يخص الشركات التكنولوجية (ككل). فعلى الرغم من الملايين التي يملكونها، فإنهم ينصّبون أنفسهم حماة للناس والشعوب. ويمكنك أن ترى هذا في المساواة المصطنعة بين الجنسين وفي مكاتبهم المفتوحة وفي اللغة المجازية السخيفة التي يستخدمونها. في الحقيقة، ما يقوم به أمثال بيزوس وهذه الشركات، هو أنهم يقومون بإزالة الحرّاس ليضعوا أنفسهم مكانهم.

ألكسندر بيسلي: كان فيسبوك أحد الأهداف التي وجّهت لها النقد بذكاء في كتاب "عالم بلا عقل"، حيث قرأنا فيه: "عزز السيل الجارف من المؤامرات اليمينية الملفقة ترشيح دونالد ترامب.. إنه لمن دواعي السعادة مشاهدة زوكربيرغ يسير بعيدًا عن الانهيار الكارثي للأعمال الإخبارية وتدهور الثقافة المدنية الأميركية، لأن موقعه لعب دورًا أساسيًا في كلتا الحالتين". وأيضًا وصفت فيسبوك بأنه عكس الساحة العامة الحقيقية، وبأنه يعزّز وجهات نظر المستخدمين ويرسلهم في الوجهات التي تضمن بقاءهم في الموقع لأطول فترة ممكنة. أتحاول أن تقول إن فيسبوك عبارة عن كتلة كبيرة من الزيف؟

فرانكلين فوير: نعم، فيسبوك كتلة كبيرة من الزيف. وما يجعل الأمر خطيراً جدًا هو أن طريقة توجيهه للمستخدمين تجاه تفضيلاتهم غير المرئية لمعظم المستخدمين.

أكثر ما يثير غضبي الآن إلى أبعد حدٍ، هو أن فيسبوك قد قرّر أن ما يريده مستخدموه هو الفيديو، وبالتالي يجعل أولوية المشاهدة والانتشار له. في الحقيقة، هذا ليس الشيء الذي يريده المستخدمون، وإنما هذا هو الشيء الذي يجلب له أكثر العوائد من الإعلانات. وبهذا تقرّر تحديد أولويات إنتاج الفيديو. وعندما يتخذ فيسبوك قرارًا من هذا القبيل لنفسه فهو حقيقة يتّخذ هذا القرار نيابة عن كل من يعمل في حقل الإعلام، لأن الإعلام برمته الآن يعتمد تمامًا على فيسبوك. وهو ما يقود كل المؤسّسات الإعلامية لتوجيه مواردها لإنتاج الفيديو.

وفي الوقت الذي يمكن لهذه الفيديوهات أن تكون عظيمة ومفيدة ومهمة صحافيًا، إلا أنها تأتي على حساب الكلمات والصحافة المكتوبة. والشيء الذي يحاول فيسبوك دفعك تجاهه باستمرار هو المشاهدة غير المنقطعة للفيديوهات. إذ قالوا إنهم يريدون إنتاج فيديوهات تجعل المستخدمين مدمنين عليها. ويستند هذا النموذج على جبال عملاقة من البيانات. لذلك تحاول الشركات مثل فيسبوك وآبل ومن لف لفيفها جعلك مدمنًا لها تمامًا باستخدام خريطة شاملة لذهنك وتفضيلاتك واختياراتك. وبالتالي فإن احتمال نجاحهم مرتفع للغاية.

في الماضي، كان هذا الاحتمال ليرعب معظم الناس، ولكني أعتقد بأننا قد وصلنا إلى مرحلة أصبحنا فيها مدمنين جدًا، وتأقلمنا إلى الدرجة التي لم يعد معها ما يحصل يدقّ أي جرس أو ينبه لأي خطر، وهو ما يسبب لي الاكتئاب حقًا.

ألكسندر بيسلي: هل تعتقد أن لمارك زوكربيرغ أي تطلعات سياسية؟
فرانكلين فوير: مما يظهر لدينا، نعم. فهو يتصرّف مثل رجل يستعد لحملة رئاسية. في مرحلة ما، أود أن آخذ بتلابيبه وأقول له: "ما هو مقدار القوّة التي تريدها حقًا؟ لقد أنشأت نظامًا صرنا نحن بالفعل فئران المختبر الخاص بك وقد جمعت قوة وسلطة في وسائل الإعلام أكثر من أي شخص في التاريخ البشري. والآن تريد السيطرة على السياسة كذلك؟".

في مرحلة ما في الجيل الأخير، توقفنا عن القلق بشأن تراكم السلطة. لقد بدأنا بالسماح لهذه التجمّعات الضخمة من السلطة ولم نسائلها أو نراقبها. ولهذا، لم يعبأ أي أحد بجيف بيزوس عندما اشترى واشنطن بوست. ربّما لو ترشح مارك زوكربيرغ رسميًا لمنصب الرئيس، فحينها قد يبدأ الناس بطرح الأسئلة التي يجب أن تُسأل.

ألكسندر بيسلي: أنت تبني انتقادات مهمّة لغوغل من خلال كتابك، مشيرًا إلى أن غوغل لديها قوة ضغط كبيرة الحجم في واشنطن. "أمضى أوباما رئاسته هتافًا وتشجيعًا لشركات التكنولوجيا، حتى أنه ناشد الأوروبيين بعدم جمع الضرائب المستحقة لهم". يبدو هذا فشلًا كبيرًا لأوباما.

فرانكلين فوير: أجرت غوغل حسابا ذكيًا، وهو أنهم سينساقون سياسيًا مع اليسار، لأنهم أدركوا أن أكثر انتقادات الشركة يمكن أن تأتي من اليسار. لم يكن لديهم ما يدعو للقلق تجاه اليمين وبأنه قد يصفعهم بالقوانين. وقد نجحت.. أليس كذلك؟ فقد نجت غوغل من غضب لجنة التجارة الفيدرالية. في حين أن الأوروبيين أثاروا جميع أنواع القضايا الهامّة مع غوغل، وقد طبقت قوانين التدقيق على سياساتها، ونحن سمحنا لهم بالمضي قدمًا. ومن المحزن أن أقول إن هذا كان فشلًا لأوباما. والآن، بعد أوباما، بدأ الحزب الديمقراطي بتغيير وجهة نظرهِ تجاه هذه الأمور.

ما دفعني لقول هذا هو أن كوري بوكر، الشهر الماضي، عندما استجوب من قبل ريكود على في بث إذاعي، قال إنه يعتقد بأنهم سوف يضطرون إلى سحب بساط السلطة والقوة من تحت غوغل وفيسبوك وأمازون بجديّة. وأعتقد أن هذا الموقف الافتراضي للحزب الديمقراطي سيتّجه على نحو متزايد تجاه تطبيق سياسات التدقيق ضدّ الاحتكار عند هذه الشركات.

ألكسندر بيسلي: كما ذكرتَ، فإن تهرّب شركات التكنولوجيا الضريبي الصناعي لهو قضية ديمقراطية هائلة أيضًا. وقد قام الاتحاد الأوروبي بتحد ملحوظ ضد شركة آبل في هذا الصدد. هل تعتقد بأن آبل ستدفع؟

فرانكلين فوير: لا، لأن طبيعة العولمة كانت تقول وما زالت بأن هناك شركات ستتجاوز حدود أي شركة معينة. وكان هذا صحيحًا دائما بالنسبة للشركات المالية، حيث كان المال قادرًا على أن يطفو على سطحٍ نوع من الأثير الدولي. ولكني أعتقد أن الأمر أكثر صحّة مع هذه الشركات والتي لا تحتاج إلى أن يكون مقرّها في أي مكان بسبب الطبيعة اللامركزية للإنترنت.

الكثير من قيمة هذه الشركات يقع على عاتق الملكية الفكرية والتي يمكن نقلها إلى أي مكان. وإذا كان هناك شيء واحد تتفوق فيه هذه الشركات فسيكون التهرّب من الضرائب، وبفعل انتشار كل هذه الملاذات الضريبية في جميع أنحاء العالم، وجيوش المحامين والمحاسبين الذين يصنعون ثروة في مساعدة هذه الشركات في طريقها نحو تلك الملاذات الضريبية.

إنها مشكلة عمل جماعي. ويتعيّن على السياسيين في العالم أن يتصرّفوا معًا لتطبيق التدقيق في حل المشكلة فعلًا. سيكون هناك دائما لوكسمبورغ سيكون هناك دائمًا أيرلندا أو بعض البلدان الأخرى التي تقرّر أن تقدم الشروط الضريبية الأكثر ملاءمة. لذلك، ربما إذا قرر رئيس الولايات المتحدة جعلها قضية كبيرة يجب مواجهتها، فأنا أراهن بأنه يمكن أن يجد وسيلة لاستعادة بعض هذه الأموال. أعلم بأني سأموت وأنا أنتظر حدوث ذلك.

ألكسندر بيسلي: أخبرني هوارد دين مؤخرا: "هناك تكنولوجيا يعرف جيلنا كيفية استخدامها ولكنه لا يعرف ما تعنيه حقا". ونظرا لتعليقات ريكود التي ذكرتها للتو، هل لدى كوري بوكر أي فكرة عن هذا؟

فرانكلين فوير: كوري بوكر مثير للاهتمام لأنه يحسب نفسه رجل تكنولوجيا. فقد أخذ الكثير من المال من فيسبوك عندما كان عمدة نيو آرك؛ وأخبره فيسبوك بأن هذه الأموال ستساعده على إصلاح مدارس مدينته. موقفه مثير للاهتمام.

إليزابيث وارن من الأشخاص الذين يعرفون بشكل جيدٍ شركات التكنولوجيا. وألقت كلمة قبل عام حول مخاطر الاحتكار الذي تقوم به الشركات العملاقة. أنا لا أعتقد أنها بالضرورة مشكلة جيلية. على الرغم من أنه لم يكن لدى بيرني ساندرز سوى القليل ليقوله عن مشاكل الاحتكار. كان مُركّزًا على الموارد المالية بشكل كبيرٍ للحدِ الذي أفقده الكثير من الأمور عن الاقتصاد في تشخيصه.

يسعى الحزب الديمقراطي بشكل كبير لإيجاد نسخته الخاصة من الشعبوية لمواجهة دونالد ترامب. ومن خلال العودة إلى الاحتكار، الذي يعد جزءًا بارزًا من التقاليد الشعبية السياسية الأميركية، فإن لدى الديمقراطيين القدرة على – بطريقة تستند إلى الأدلة – خلق قضية شعبوية صادقة.

ألكسندر بيسلي: أحببت تحليلك لبيتر ثيل كممثل رئيس لوجهة نظر وادي السيليكون بأن الاحتكار أمرٌ طبيعي ومرغوب فيه. بشكل مثير للاهتمام، اشترى ثيل ممتلكات وجنسية من وطني الأم نيوزيلندا، مما يوحي أنه ليس واثقًا تمامًا في نتائج اليوتوبيا التكنولوجية في الولايات المتحدة كما كان يتفاخر في بعض الأحيان.

فرانكلين فوير: استثمر ثيل في دونالد ترامب. وكان يعرف تمامًا عن المجنون الذي أطلقه على الولايات المتحدة، ولربما كان لديه أسباب ليريد أن يكون له مهرب وخط رجعة أفضل من البقية. وأظن بأنه يظهر جزءًا من الخديعة والزيف المتموضع في قلب وادي السيليكون، وهو أنه يتنكّر بأنه ليبرالي، في حين أنه كان يموّل ويروج لمرشح لديه ميول استبدادية وأيضًا لكونه رأسمالياً يستغل الدولة طوال حياته المهنية.

عندما يتعلّق الأمر بوادي السيليكون، فإن ثيل يتظاهر بالاحتفال بالبطولة الفردية والاحتفال بالرأسمالية التنافسية، لكنه في الوقت نفسه قد ساعد أيضًا على إيجاد عالم الاحتكار هذا، حيث تصبح المنافسة أصعب وأصعب.

ونرى الآن أنه حتى وول ستريت بدأت بالتحسّس تجاه تأثير وادي السيليكون على الاقتصاد، لأن طبيعة هذه الاحتكارات هو أنها تصعّب مهمّة العثور على شركات ناشئة الآن. انظروا إلی بیانات الاقتصاد الكلي وتابعوها، ها نحن لا نشهد الطفرة الإنتاجية التي وُعِدنا بها. هذه الثورة العظيمة في التكنولوجيا لم تطلق العنان لموجة من الابتكار. عمل فيسبوك وغوغل وآبل على حبس وضمان امتلاكهم أفضل العقول عن طريق الاستحواذ والشراء والتخريب، لتمنع نهوض أي منافسٍ قوي.

ألكسندر بيسلي: يبدو جوليان أسانج رمزًا مناسبًا للديستوبيا التكنولوجية؟
فرانكلين فوير: صحيح. فهو ادّعى بأنه يخلق عالمًا من الشفافية والانفتاح، وانتهى به الأمر إلى عدم الوضوح تجاه فلاديمير بوتين. هذه حكاية حزينة لكيفية تحطّم المثل العليا للتكنولوجيا والمثل العليا لهذه الثورة المعلوماتية. ما أحاول إيصاله في الكتاب هو أن المثل العليا للتكنولوجيا جميلة، لكنها في نهاية المطاف تصبح مِلكًا وحكرًا لكيانات قوية أخرى. وعندما يحصل هذا، فإنه هذه المثل تصبح على عكس ما وعدت به حين بدأت.

فكرة الشبكة والتي هي مثال كلاسيكي للمثالية التي نشأت في ستينيات القرن الماضي، والتي كانت رؤية لعامة الناس حيث نصير جمعيًا مترابطين، ونحقق وعيًا عالميًا، هي النموذج الذي كنا نطمح إليهِ، ولكنه بدلا من هذه الرؤية المثالية، ما وصلنا إليهِ هو الاحتكار. وبدلًا من أن نحصل على نسخة جوليان أسانج للشفافية، ما نحصل عليه هو الأخبار الوهمية والدعاية والتلاعب.

ألكسندر بيسلي: هل اقتراحك لإيجاد هيئة لحماية البيانات، يهدف إلى حماية الخصوصية بينما تحمي الحكومة البيئة، واقعيًا؟

فرانكلين فوير: ليس من المرجح، ولكن نقطة اقتراح إيجاد سلطة لحماية البيانات كان لتحريك المياه الراكدة. كنت أرغب في اظهار نقطتين. الأولى، هو أن البيانات ليست مملوكة من قبل هذه الشركات، بل نحن من نسمح لهم باستغلالها، ولكن يجب أن تكون هناك قيود على استغلالهم لها. فواحدة من الأشياء المروعة حول الولايات المتحدة هو أنه لا يوجد قانون شامل يحمي بيانات المستخدمين. وعليهِ فأنا أرى أن نظامنا الحالي لمكافحة الاحتكار غير كاف في مواجهة التحديات التي تفرضها هذه الشركات.

ولذلك فإن أحد الأمور المهمة هو النظر بشكل كلّي في الطرق التي تكون فيها قضايا الاحتكار وقضايا المراقبة مترابطة بعمق شديد، حيث إن هذه الشركات قادرة على الحفاظ على احتكاراتها لأن لديها بيانات أكثر من منافسيها. ومن أجل الحفاظ على تلك الاحتكارات، عليها أن تبقي على المراقبة.

عندما اقترحت فكرة سلطة لحماية البيانات، ما كنت أقترحه هو أننا في الأساس بحاجة إلى نظام رقابيٍ جديد تمامًا إذا كنا نسعى أن نكون جديين حيال هذه الشركات. الآن هناك الكثير من الأشياء التي يمكننا القيام بها لشرح الأمر، ولكني كنت أحاول فتح نافذة الحوار وتحريك المياه الراكدة كما قلت أعلاه. كنت أحاول دفع الزعماء السياسيين وأصحاب القرار تجاه التفكير حول كيفية حل هذه المشكلة.

ألكسندر بيسلي: مدير الهندسة في غوغل، راي كورزويل من مؤيّدي التفرّد التكنولوجي، وهو ما يصف دمج الذكاء الاصطناعي مع البشر. ولكن هناك بعض التراجع عن هذه الأفكار من داخل غوغل نفسها.

فرانكلين فوير: نعم، غوغل شركة ضخمة ولا يتوجّب عليك أن تكون من عبّاد التفرد من أجل العمل هناك. ولكن النقطة التي أدرجتها في الكتاب هي أنها شركة ذكاء اصطناعي ورؤية الذكاء الاصطناعي لديها يمكن تتبع آثارها وصولًا إلى مؤسّس الشركة لاري بيج. محكوم على غوغل بشكل عام أنها مؤيدة للتفرد التكنولوجي وأن طموحاتها لما تريد القيام به مع الذكاء الاصطناعي والطريقة التي تريد أن تكمل فيها الاندماج بين الإنسان والآلة، هي من الأشياء التي تجعل منها شركة راديكالية.

السعي العميق للذكاء الاصطناعي داخل الشركة يعني أن هناك ما يشبه الحماس الديني لخلقها. وبعض هذا الحماس ببساطة مثالي، ولكني أعتقد بأنه مثالي حول كيف يمكن لها أن تدفع عجلة التطوّر البشري للأمام. وهي تعتبر هذه المهمة ملحة جدًا ومهمة للغاية، مما يعني أن غوغل لا تولي اهتمامًا في بعض الأحيان لاعتبارات أكثر تفاهة مثل القانون وحقوق الطبع والنشر والاعتبارات الأخلاقية. تريد غوغل أن تندفع إلى الأمام بهذه الوتيرة المحمومة.

ما يجدر بالمجتمع قوله: "اهدؤوا قليلًا. أنتم تلعبون بأشياء كانت ضرورية لتعريف البشرية. وقبل أن نسعى إلى هدم هذه الأشياء الضرورية وبناء أشياء جديدة مكانها، دعونا نتوقّف قليلًا ونفكر ملياً في ما نقوم به".

لنص الأصلي)

المساهمون