عندما لا نخشى الثدي

07 أكتوبر 2016
تتزين الحملات باللون الزهري (مايكل دودج/Getty)
+ الخط -
أكتوبر/ تشرين الأول من كلّ عام هو شهر التوعية بسرطان الثدي. فيه تُشجَّع النساء على ضرورة الكشف المبكر. في هذا الشهر تتلوّن شاشات "فيسبوك" باللون الزهري، ويحمل المذيعون والمذيعات شريطاً زهرياً للتأكيد على أوسع انتشارٍ وتأكيداً للحملة.

اللافت أنّ الثديين في هذا الشهر يتحرران من ثقل المنظومة الذكورية. لا يعود هنا من يرشّ الإعلانات باللون الأسود في بعض المناطق في لبنان، تأكيداً للحشمة. ولا يعود من التابو ذكرهما أو الإشارة إليهما في الأحاديث أو منشورات "فيسبوك"، أو غيرها. باختصار، يتحرر الثديان بشكل مؤقت من كونهما رمزاً لتشييء واختزال النساء بأجزاء "فاتنة" من أجسادهن. هذا الكلام ليس دقيقاً مائة في المائة، إذ ما زال هناك من يحاول، خصوصاً من جانب شركات الإعلان خلال هذا الشهر، استغلال مناسبة التوعية الصحية ضد سرطان الثدي ليشير بشكل تلميحي إلى الإثارة والشهوة اللتين ينطوي عليهما الثديان، كرسم الثديين على شكل حمالتي ملابس برمزية فاقعة ورسائل ذكورية مبطنة تحتويها.

هناك مناسبة أخرى في حياة النساء يتحرر فيها الثديان من عبء وثقل الذكورية. وذلك يعني أنّهما لم يعودا رمزاً للفتنة أو الإثارة الجنسية. تلك المناسبة هي الرضاعة التي تلي فترة الولادة لدى النساء. فجأة يُصبغ الثديان بلباس العفّة، ويختفي الحياء من خلع الملابس أمام العامة بسبب القيام بفعل الرضاعة (المقدّس في نظر المجتمع)، وتكثر الحملات للمطالبة بالرضاعة في الأماكن العامة للتعبير عن حرية المرأة في القيام بأحد أدوارها.

يستوقفنا أنّه في كلا الحالتين، المرض أو الرضاعة حصراً، تختفي الصبغة الذكورية عن الثديين. هي إذاً الأمومة أو المرض، وفي بعض الأحيان، الشيخوخة لدى النساء، كمناسبات لا تعود فيها النساء أو بالأحرى أجسادهن "خطراً" على المجتمع في نظر المجتمع.

لنحتفل اليوم بالتحرر الجزئي المبدئي لأجساد النساء، وبالحديث عن الثديين بكثير من الأريحية، حتى ولو كانت المناسبة مرضاً. ولننتظر تلك المرحلة التي يتم فيها التعامل مع الثديين كأحد أجزاء الجسم كاليدين أو الركبتين مثلاً، من دون أن يحملا تاريخاً من الكبت والشهوة الجنسية، أو أن يتم استغلالهما إعلامياً للإعلان عن منتجات وبالتالي اختزال النساء بهما، لاغين هوية النساء، ومحولين إياهن لأشياء.

الكلام عن الثديين في شهر أكتوبر بالذات يشفع له أن يكون أقل خدشاً للحياء العام عن غيره من الشهور (بلا مناسبة)، طالما أنّ حملة التوعية ضد سرطان الثدي يجب أن تكون مسؤولية الجميع ويمكن التحدث عن الأمر فيها علمياً.

*ناشطة نسوية

المساهمون