عما فعله تويتر بالصحافيين

23 مارس 2017
التغريدة الأولى (تويتر)
+ الخط -

قبل أحد عشر عامًا، أرسل جاك دورسي، المبرمج الأميركي وأحد مؤسسي موقع التواصل الاجتماعي تويتر، أول تغريدة على الموقع، بهدف الإطلاق الرسمي له. على يديه، أبصر تويتر النور، في الحادي والعشرين من مارس/ آذار عام 2006، وبعد أكثر من عقد من الزمان، يجد الصحافيون أنفسهم في مرحلة فارقة مع الموقع، الذي عُرف بتغريداته القصيرة.

لعل المثال المدهش على طبيعة هذه المرحلة، هو ما جرى في الثالث عشر من يوليو/ تموز عام 2015، حين كانت أوروبا كلها والعالم، ينتظر الخبر الأهم عما سيقرره الاتحاد الأوربي في اجتماعه بشأن أزمة ديون اليونان، التي كادت تفضي بخروجها من النادي الأوروبي.

نتيجة الاجتماع يومها، لم تأتٍ على لسان مسؤول أوروبي يقف أمام الكاميرات، بل أعلنها بأنامله رئيس الوزراء البلجيكي تشارلز ميشيل من داخل قاعة المفاوضات، حين غرد على حسابه في "تويتر" بكلمة واحدة هي (Agreement)، أي تم الاتفاق، وهي كلمة كان لها وزن وتأثير غير مسبوق في عالم الصحافة الجديدة. أُعيد نشر هذه التغريدة آلاف المرات في غضون دقائق معدودة، وكانت هي المصدر الوحيد لخبر بهذا الحجم لوكالات أنباء عالمية كبرى، نقلت ما كتبه ميشيل.

يؤكد حجم هذه التحول أيضًا هذه المتابعة الكبيرة التي يحظى بها حساب الرئيس الأميركي دونالد ترمب منذ وصوله للسلطة وقبلها، للاطلاع على قراراته وأرائه التي يغرد بها.

إن ذهاب الصحافي بالكاميرا أو الميكرفون لمقابلة شخص مسؤول، لم يعد هو الأسلوب الوحيد للوصول إلى أهم الأخبار، بل إن قرارات سياسية وأخبارًا مهمة صار مصدرها الأول منصّات التواصل الاجتماعي.

أحدثت هذه المنصات الاجتماعية ثورة في عمليّة جمع الأخبار، وباتت المصدر الأسرع لها متقدمة في ذلك على وسائل البثّ التقليدية. وهذا التأثير الذي حدث عالميًا بالأساس، له صدى عربي أيضًا بدرجة ما، فآخر تقرير للإعلام الاجتماعي العربي، لكلية محمد بن راشد، يشير إلى أن عدد مستخدمي موقع تويتر في العالم العربي أحد عشر مليون مستخدم نشط. وهو تغيير يفرض علينا، نحن الصحافيين، حاجة ماسة للتعامل مع موقع التغريدات القصيرة كمنصة خبرية.

ولئن كان فيسبوك موقعًا يمكن الاعتماد عليه أكثر لجمع المعلومات التي تخص المواطنين العاديين وأحوالهم، فإن تويتر يظل المصدر الأهم للأخبار التي تخص المسؤولين وصناع القرار والشخصيات العامة والناشطين. فغالبية هؤلاء لديهم حسابات موثوقة على تويتر، ينشرون عليها آراءً وأخبارًا رسميّة، تمثل مصدرًا مهمًا للخبر.

وإذا سلمنا بهذا، فسيكون السؤال التالي هو: كيف يمتلك الصحافي أو حتى الشخص العادي القدرة على الاستفادة من عالم تويتر كمنصة خبرية؟ وفي الإجابة ستتبدي الخطوة الأولى في ضرورة أن تنشئ حسابًا خاصًا بك في تويتر.

ثانيًا، في أن تتقن كيفية إعداد قوائم تويتر، التي تمكنك من الوصول لنوعية الأخبار التي تريدها في وقت قصير جدًا، من دون إضاعة الوقت في تغريدات هؤلاء الذين ينشرون صور طعامهم ونزهاتهم.

ثالثًا، سيكون عبر استخدامك لخاصية التنبيهات في تويتر، التي ستمكنك من خلال الهاتف من الاطلاع على التغريدات التي يمثل أصحابها أهمية لك في التو واللحظة.

أما رابعًا وأخيرًا، فهو استخدامك لموقع تويت دِك (Tweedeck) الذي سيمكنك من مراقبة تدفّق التّغريدات والمواضيع التي تهمّك.

في تويت دك يمكنك كصحافي أن تتابع من خلاله أهم الأخبار، لن تكون بحاجة لاحتساء قهوتك وأنت تفترش أمامك الصحف الورقية الصباحية، كما هي عادة أسلافنا الصحافيين القدامي، الذين يصدمنا بعضهم بين الحين والآخر بدعوته الرافضة لاستخدام منصات التواصل.

وهي دعوة تقول شواهد العقد المنصرم أنها ستجرف أصحابها خارج الدائرة، ولن تجرف الشغف والاعتماد الكبير على منصات التواصل وأخبارها المتدفقة.

صحيح أن شركة تويتر الآن في وضع مأزوم كما يتضح من تقريرها الأخير الذي يبين تباطؤ نمو إيراداتها وخسائرها، لكن ذلك لا ينفي حقيقة أن الموقع مثّل نقلة مهمة في العمل الإعلامي عموما والإخباري خصوصًا، ضمن ما فرضته التحولات الكبرى للثورة التكنولوجية.

لم يعد بمقدور الصحافي اليوم الاستغناء عن المهارات اللازمة للوصول إلى المحتوى في شبكات التواصل الاجتماعي، لقد باتت أداة مهمة في جمع الأخبار، وفي مساعدتنا على سرد القصص والمواقف والآراء من أطرافها. وكما غيرت هذه المنصات حاضرنا، فإن المستقبل في وجودها سيكون حتمًا عرضة لتغيير أشد.

المساهمون