علي بونغو... من الغناء إلى رئاسة الغابون

09 يناير 2019
تتفاوت الآراء إزاء شخصية بونغو (فرانس برس)
+ الخط -

قصص كثيرة تدور حول رئيس الغابون، علي بونغو. كثيرون يعتبرونه طفلاً مدللاً ومستهتراً يتعامل مع البلاد كأنها ملكيته الخاصة، وينتقدون تحوله من الغناء إلى وراثة سيطرة عائلته على البلاد طوال 50 عاماً.

في المقابل، يراه آخرون إصلاحياً تولى رئاسة البلاد بانتخابات ديمقراطية.

لكن مرضه في الفترة الأخيرة دفع بالتوترات في البلاد إلى الظهور على السطح، إذ حاولت مجموعة ضباط من الجيش الغابوني استغلال غيابه من البلاد للانقلاب عليه، غير أن المحاولة لم تدم سوى بضع ساعات، قبل إعلان الحكومة سيطرتها على الوضع واعتقال 4 من أصل 5 ضباط شاركوا فيها.

كان قد غادر إلى السعودية في 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد إصابته بجلطة، وخضع هناك للعلاج لأكثر من شهر قبل نقله إلى الرباط في المغرب. في 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ألقى كلمة في شريط مصوّر سُجّل في الرباط، في أول كلمة يتوجه فيها إلى مواطنيه منذ دخوله إلى المستشفى.

وفي كلمته بمناسبة العام الجديد أقرّ بونغو بمشكلاته الصحية لكنه قال إنه "يتعافى"، وتلعثم في نطق بعض الكلمات ولم يحرّك ذراعه اليمنى، لكن بخلاف ذلك بدا في حالة صحية معقولة. وطالبت المعارضة والمجتمع المدني المحكمة الدستورية بإعلان شغور السلطة بموجب الدستور. لكنها لم تلب الطلب ونقلت السلطات جزئياً إلى رئيس الوزراء ونائب الرئيس.

ولد علي بونغو باسم ألان برنار بونغو، في الكونغو برازافيل، في فبراير/شباط عام 1959، وكانت ولادته أيضاً مثيرة للجدل، إذ انتشرت شائعات، على مدار سنوات، مفادها أنه قد تمّ تبنيه من جنوب شرق نيجيريا، خلال حرب بيافرا (الحرب الأهلية النيجيرية)، لكن بونغو نفى هذه الشائعات مرات عدة.

وكان بالمرحلة الابتدائية في المدرسة حين تولى والده، عمر بونغو، رئاسة الغابون، في العام 1967.

وقد واجه انتقادات حادّة لأنه "ارتاد المدارس الأفضل في العاصمة ليبرفيل، ولم يتعلم اللهجات المحلية"، وفق ما قال المؤرخ الفرنسي والمتخصص في سياسات الغابون، فرانسوا غولم، لـ "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي).

وأُرسل لاحقاً إلى مدرسة خاصة، في ضاحية نويلي الراقية في العاصمة الفرنسية باريس، وبعدها التحق بـ "جامعة السوربون" حيث درس القانون. نشأته خارج البلاد عرضته لانتقادات، ودفعت بالكثيرين في الغابون إلى اعتباره "دخيلاً".

تغير اسمه من "ألان برنار" إلى علي واسم والده إلى عمر (ولد باسم ألبرت برنار بونغو)، عام 1973، بعد اعتناقهما الإسلام. واعتبر البعض هذا التحول وسيلة لجذب الاستثمارات من الدول الإسلامية.

موسيقى الـ "فانك"

أظهر علي بونغو شغفاً مبكراً إزاء كرة القدم والموسيقى، علماً أن والدته، باتيانس داباني، كانت مغنية، وفقاً لـ "بي بي سي".

ذاع صيته كشاب مستهتر ومنغمس في ملذاته. وعام 1977، أصدر ألبوماً غنائياً عنوانه "إيه براند نيو مان" A Brand New Man، تولى إنتاجه تشارلز بوبيت الذي أدار أعمال الفنان الأميركي الشهير، جيمس براون. في السنوات الأخيرة، قال إنه يفضل موسيقى الـ "جاز" والـ "بوسا نوفا" (موسيقى برازيلية) والموسيقى الكلاسيكية.


بعد 4 سنوات من إصدار هذا الألبوم، تحول إلى السياسة.

تولى وزارة الدفاع في حكومة والده طوال 10 سنوات بعد أن تولى وزارة الخارجية عام 1989، لكن مهمته هذه انتهت بعد 3 سنوات، بسبب تغيير دستوري ينص على أن يتخطى عمر الوزراء الـ 35 عاماً. وكان في الـ 32 من العمر حينها.

بعد وفاة والده عام 2009، فاز بالانتخابات الرئاسية، بـ 42 في المائة من الأصوات. لكن معارضيه عبروا عن شكوكهم مراراً إزاء شرعيته.

اتهامات بالفساد

يواجه بونغو انتقادات عدة من الجماعات المعنية بحقوق الإنسان التي تتهمه بتحويل البلاد إلى "نظام الكلِبتوقراطية" (نظام حكم اللصوص)، ونهب الثروات الطبيعية والنفطية. كما اتهم معارضوه أفراداً في عائلته باختلاس المال العام، وإدارة موارد البلاد كأنها ممتلكاتهم الخاصة.

كما أوقفت السلطات الفرنسية مدير ديوانه بتهمة تلقي رشى من شركة أجنبية مقابل منحها صفقة، وقد أثارت الحادثة توترا في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

لم ينجح في كسب الود الفرنسي، وتجلى ذلك في تصريح لرئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أوائل 2016 سخر فيه من طريقة انتخاب بونغو 2009، فاستدعت الغابون سفيرها بفرنسا احتجاجا على هذا التصريح.

في العام 2017، أسقطت الشرطة الفرنسية تحقيقاً في فساد عائلة بونغو، استمر سبع سنوات، كشف عن امتلاكها أصولاً بينها 39 عقاراً في فرنسا و9 سيارات فاخرة.

وذكرت وكالة "فرانس برس" حينها أن لا أدلة كافية على "مكاسب غير مشروعة" مزعومة لتوجيه الاتهام لأي من أفراد الأسرة.

 

 

دلالات