13 نوفمبر 2024
على خطا عبد الحليم حافظ
كانت مفاجأة غير متوقعة، ولا متخيلة لي، أنا التي كانت تحدّق في إعجاب وهيام، بوسامة (وأناقة) ذلك الشاب الأسمر الذي يطل الحزن من عينيه العميقتين، على الرغم من أنه يعيش في فقر مدقع، لكنه كان يرتدي البذلة الرسمية الكاملة، والتي كان يرتديها معظم الرجال والشباب، وحتى الأطفال في سن مبكرة، في ذلك الزمن (ستينيات القرن الماضي)، لكن المفاجأة التي كانت في انتظاري، حين خلع الجاكيت وبدا قميصه مهلهلاً أو بقايا قميص، أو حتى، إن صح التعبير والوصف، كان ليس فيه من القميص سوى المعصمين، وما يظهر من صدره من تحت الجاكيت، والذي يحكم إغلاقه غالباً، لكي يبدو هندامه كاملاً أمام معبودة الجماهير، شادية، وهي الفنانة الشهيرة الثرية، ولم يكن وقتها أي في الفيلم سوى "كومبارس" صغير.
تذكّرت هذا المشهد من الفيلم، حين شاهدت الفيديو القصير الذي قام أحد أبناء صحافي أردني بتصويره لوالده، حيث يظهر الأب وهو يرتدي الجاكيت والقميص تحتها مع ربطة عنق أنيقة، في أثناء مداخلة له على الشاشة الفضية. والحقيقة أن الأب لم يكن يرتدي البنطال، وظهر وهو يضع جهاز الكمبيوتر المتنقل على ركبتيه، فيما تدلت ساقاه من شورت قصير. وقد فضح الابن وضع والده، عن حسن نية، حيث أرسل الفيديو إلى صديق له في أستراليا، وما كان من هذا إلا أن نشر الفيديو على نطاق واسع.
والطريف أن الأب علق على ذلك بقوله إنه نال شهرةً من الفيديو أكثر من الشهرة التي كان ينتظرها من مداخلاته السياسية، كما أنه ليس غاضباً من تصرف ابنه الذي منحه هذه الشهرة التي تأخرت أربعين عاماً، وأن الجو كان حاراً، فلذلك لم يرتد البنطال. ويبدو أن الأب وابنه تربطهما علاقة مميزة، لأن الأب تقبل الأمر، خصوصا حين صرح الابن أن والده يصادق أصدقاءه الأجانب، وهذا يبدو طيباً من ناحية تربية الأب أولاده. ولكن، يظل السؤال: هل تصل هذه العلاقة إلى درجة أن يكشف الابن عورة البيت، فيصور والده بهذا الشكل؟ أم أن توفر الكاميرات الحديثة وسهولة التقاط الصور وتصوير الفيديوهات أصاب هذا الجيل بالهوس، بحيث يستغل أبناؤنا كل موقف، ويصوّرونه ويرسلونه إلى الأصدقاء أو ينشرونه على مواقع التواصل الاجتماعي، لجلب التعليقات الطريفة وحصد الإعجابات، حتى لو على حساب خصوصية بيوتنا، ومحبتنا واحترامنا والدينا؟
إن كنا سنتحدث عن خصوصية البيوت، فقد قلنا أقل ما يجب أن يقال. ولكن حين ننظر إلى الجانب الآخر من الموضوع، وهو ما يحدث في كواليس البث الإذاعي والتلفزيوني المباشر، فهناك مواقف طريفة ومؤسفة عديدة، رصدتها الكاميرات وتداولها الجمهور فترات طويلة، حتى جاءت حادثة أكثر طرافةً أو أشد قسوة فطغت عليها.
وفي زاوية أخرى، إلى من استغل فيديو الصحافي الأردني، مجيد عصفور، للإساءة إلى قناة الجزيرة، سجّلت حادثة مماثلة لمحلل سياسي من كوريا الجنوبية عرضت على قناة بي بي سي، حيث فوجئ المذيع والمشاهدون بدخول أطفاله إلى الغرفة التي كان يجري منها المقابلة.
في النهاية، يجب اعتبار أن هذا الفيديو سيمر مرور الكرام، وسيأخذ وقته ويمضي، ولن يتسبب بأزمة سياسية مثلاً، مثلما حدث مع الرئيس الأميركي الأسبق، رونالد ريغان، حين أراد كعادته أن يمارس هوايته في التعليق الإذاعي، ولم يكن يعرف أن الميكروفون متصل على الهواء مباشرة، حين أراد تجريبه، فقال بصوته المجلل الحماسي المعتاد عبارته التي أدت إلى توتر العلاقات الأميركية الروسية وهي: أيها الأميركيون، يسرني أن أخبركم أنني وقعت على تشريع سيمسح الاتحاد السوفييتي عن الأرض إلى الأبد، وسنبدأ القصف خلال خمس دقائق.
وعلينا أن نهمس في أذن أمثال هذا الأب من الصحافيين، وممن يظهرون باستمرار على الفضائيات من منازلهم، أن يتذكّروا تحذير الجدات، حين قلن: خذوا أسرارهم من صغارهم.
تذكّرت هذا المشهد من الفيلم، حين شاهدت الفيديو القصير الذي قام أحد أبناء صحافي أردني بتصويره لوالده، حيث يظهر الأب وهو يرتدي الجاكيت والقميص تحتها مع ربطة عنق أنيقة، في أثناء مداخلة له على الشاشة الفضية. والحقيقة أن الأب لم يكن يرتدي البنطال، وظهر وهو يضع جهاز الكمبيوتر المتنقل على ركبتيه، فيما تدلت ساقاه من شورت قصير. وقد فضح الابن وضع والده، عن حسن نية، حيث أرسل الفيديو إلى صديق له في أستراليا، وما كان من هذا إلا أن نشر الفيديو على نطاق واسع.
والطريف أن الأب علق على ذلك بقوله إنه نال شهرةً من الفيديو أكثر من الشهرة التي كان ينتظرها من مداخلاته السياسية، كما أنه ليس غاضباً من تصرف ابنه الذي منحه هذه الشهرة التي تأخرت أربعين عاماً، وأن الجو كان حاراً، فلذلك لم يرتد البنطال. ويبدو أن الأب وابنه تربطهما علاقة مميزة، لأن الأب تقبل الأمر، خصوصا حين صرح الابن أن والده يصادق أصدقاءه الأجانب، وهذا يبدو طيباً من ناحية تربية الأب أولاده. ولكن، يظل السؤال: هل تصل هذه العلاقة إلى درجة أن يكشف الابن عورة البيت، فيصور والده بهذا الشكل؟ أم أن توفر الكاميرات الحديثة وسهولة التقاط الصور وتصوير الفيديوهات أصاب هذا الجيل بالهوس، بحيث يستغل أبناؤنا كل موقف، ويصوّرونه ويرسلونه إلى الأصدقاء أو ينشرونه على مواقع التواصل الاجتماعي، لجلب التعليقات الطريفة وحصد الإعجابات، حتى لو على حساب خصوصية بيوتنا، ومحبتنا واحترامنا والدينا؟
إن كنا سنتحدث عن خصوصية البيوت، فقد قلنا أقل ما يجب أن يقال. ولكن حين ننظر إلى الجانب الآخر من الموضوع، وهو ما يحدث في كواليس البث الإذاعي والتلفزيوني المباشر، فهناك مواقف طريفة ومؤسفة عديدة، رصدتها الكاميرات وتداولها الجمهور فترات طويلة، حتى جاءت حادثة أكثر طرافةً أو أشد قسوة فطغت عليها.
وفي زاوية أخرى، إلى من استغل فيديو الصحافي الأردني، مجيد عصفور، للإساءة إلى قناة الجزيرة، سجّلت حادثة مماثلة لمحلل سياسي من كوريا الجنوبية عرضت على قناة بي بي سي، حيث فوجئ المذيع والمشاهدون بدخول أطفاله إلى الغرفة التي كان يجري منها المقابلة.
في النهاية، يجب اعتبار أن هذا الفيديو سيمر مرور الكرام، وسيأخذ وقته ويمضي، ولن يتسبب بأزمة سياسية مثلاً، مثلما حدث مع الرئيس الأميركي الأسبق، رونالد ريغان، حين أراد كعادته أن يمارس هوايته في التعليق الإذاعي، ولم يكن يعرف أن الميكروفون متصل على الهواء مباشرة، حين أراد تجريبه، فقال بصوته المجلل الحماسي المعتاد عبارته التي أدت إلى توتر العلاقات الأميركية الروسية وهي: أيها الأميركيون، يسرني أن أخبركم أنني وقعت على تشريع سيمسح الاتحاد السوفييتي عن الأرض إلى الأبد، وسنبدأ القصف خلال خمس دقائق.
وعلينا أن نهمس في أذن أمثال هذا الأب من الصحافيين، وممن يظهرون باستمرار على الفضائيات من منازلهم، أن يتذكّروا تحذير الجدات، حين قلن: خذوا أسرارهم من صغارهم.