علاء الأسواني وعيال رتيبة

02 نوفمبر 2017

ماذا ستفعل الزانة القديمة يا علاء الأسواني؟ (فرانس برس)

+ الخط -
تركت سلطة الانقلاب في مصر الروائي، علاء الأسواني، يلعب بالزانة مرتاحاً سنوات، ويصول ويجول منذ الأيام الأولى لثورة يناير مروراً بـ "30 يونيو"، تاركة له العنان والسفر وتسويق الانقلاب وفض الاعتصام في ميدان رابعة العدوية في القاهرة، وغزارة التويتات بكل زخمها الثوري. ولولا الخجل، لمنحته رخصة طائرة خاصة، كما حدث للممثل محمد رمضان، وخصوصاً حينما نادى علاء الأسواني بسرعة إلى فض الاعتصام، وعدم التأخير ولو ساعة أخرى، بل زايد على سلطة الانقلاب نفسها، واعتبرها متراخيةً ومتسامحةً جداً في تأخر الفض، إلا أن الأسواني يحاول الآن، وبالزانة نفسها، بعد ما يقرب من سبع سنوات إلا قليلا أن يلعب حول السيسي، مذكّراً عياله أو "عيال رتيبة"، في تويتة يتيمة، من أيام، بحال البلد الفقير الذي يعطي في مباراة فوز مبلغَ "مليون ونص" لكل لاعب، وخصوصاً بعدما اشتد عود عبد الفتاح السيسي، وحوله عيال رتيبة بالشواكيش والخناجر والسيوف والسكاكين من كل طيف وملة، وخصوصاً وأن فريقه القومي لكرة القدم قد تأهّل لكأس العالم، وأحمد موسى نزل راقصاً بالكلب والشومة والساطور والمستحد. فهل يستطيع الإنسان أن يخوض في مياه البحر نفسها مرتين؟.
لاحظ أن مياه البحر نفسها تتغير، وتجرى إلى هناك، وتتلون بألوان عديدة، علاوة على أن الزانة نفسها فقدت رشاقتها، من كثرة ذنوب اللعب. وحمل "عيال رتيبة" أسلحتهم، وأصبحت لهم منابر في صحيفة الدستور وقنوات رجال الأعمال والأمن، وعدسات نظاراتهم الطبية صارت أكثر حدّة وبياضاً، وانضموا، بالطبع، إلى كلاب أحمد موسى وسواطيره. وتتطابق أجندتهم نفسها الآن بالحرف مع أجندة توفيق عكاشة الذين كانوا يضحكون عليه، وعلى بطه وحمامه (سبحان الله). وينافسونه الآن في سوقي "الوطنية" و"تبييض نحاس النظام"، كما نافس أحمد موسى توفيق عكاشة في الطرافة والمنهج، وأخذ منه "المارك" أو "صك الاستعباط" و"فرش الملاية" كل ليلة، بكل ما لذّ وطاب من السباب لكل المعارضين، متخطياً كل أخلاق المهنة والنقابة وطلبات استدعاء حمدي الكنيسي، فسكت بالطبع حمدي الكنيسي، حتى إن السباب طاول أحمد عرابي نفسه عن طريق دكتور يوسف زيدان، حتى إن إبراهيم عيسى التزم ميكروفون الإذاعة من منازلهم، وجاؤوا "بتوامر" كُثر من كل فج عميق، كتامر عبد المنعم وآخرين، وزغردت رتيبة لعيالها وهم بالسواطير يدافعون عن هدية السيسي للاعبي المنتخب، ويدافعون عن "المليون ونص"، كما كانوا بالضبط يدافعون عن المساكن الشعبية لجمال عبد الناصر، وحتى عن أغنية محمد منير عن "المساكن الشعبية"، بعدما انتقل بالألحان إلى شرم الشيخ والجونة، تاركاً نعناع الجنينة وحوائط المساكن الشعبية غارقة في مياه المجاري، وحوّلها بعضهم إلى دكاكين لبيع الخضار وصناعة الفسيخ.
حتى الزانة نفسها تقدمت في العمر، بعدما تم ركنها في المخازن طويلاً (في نادي الترسانة البحرية)، فالتفت حولها العناكب وشربت من الرطوبة، حتى إن مياه يناير نفسها تعطنت بعد تحريض "30 يونيو"، حتى إنها وصلت إلى المساكن الشعبية، فماذا تفعل الزانة بعد ذلك؟. بعدما مرض عكاشة نفسه، وصار السيسي بالقرب من نتنياهو يضحك، وكمال أحمد الذي رفع الحذاء في وجه عكاشة يبارك خطوات السيسي في البرلمان بعد ضحكاته مع نتنياهو، واعتزل دكتور محمد أبو الغار السياسة تماماً، واستقر في منزله، وقال أحدهم "لقد اعتزلنا واصل". وتوزعت باقي الكوادر الناصرية الشابة على صحيفة الدستور والقنوات الفضائية، بعدما حلّ محمد الباز محل إبراهيم عيسى، إلا أن الكرش لم يصل بعد إلى حد الاستعانة "بالحمّالات"، وإن كنا نتعشم في ذلك. وصمتت تماماً الجبهات الاشتراكية عن العمل، بعدما قال الراحل رفعت السعيد إن "تيران وصنافير سعوديتان واللي مش عاجبه يشرب من البحر". فماذا ستفعل الزانة القديمة، يا أستاذ علاء الأسواني في ميدان التحرير بعد سبع سنوات، إلا قليلا من طفح المجاري، وخصوصاً بعدما توسّطت ميدان التحرير سارية طويلة من صنع القوات المسلحة بالطبع، توعّد بها الصحافي محمود الكردوسي الجميع، حينما قال: "من يقترب من الميدان لن نجد له علاجاً سوى أن نُجلسه على تلك السارية". وللأمانة كان يتوعد بها الدكتور شادي الغزالي حرب، حينما فكر فقط بالخروج للتظاهر من سنة على السيسي. وأخيراً نقول لك: وماذا ستفعل زانة صغيرة أمام عبقرية أيزنهاور؟.
720CD981-79E7-4B4F-BF12-57B05DEFBBB6
عبد الحكيم حيدر

كاتب وروائي مصري