16 فبراير 2021
عقد الحراك الأردني
اتصف العقد الماضي أردنيا بتعدّد مظاهر الاحتجاج والغضب، مع تعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي دفعت مزيدا من الأردنيين إلى دوائر الفقر والعوز والغضب، مؤسسا لتشكل خيارات سياسية جديدة أخرى. ويمكن القول إن العقد الماضي أسس، بشكل كبير، ما يمكن وصفها بالقطيعة بين النظام السياسي وقواعده التاريخية، والتي كانت مظاهر الاحتجاج والغضب هي السمة الأبرز لتحركها، مؤديا إلى إسقاط جملة من الثوابت، كانت حصانة النظام السياسي من النقد والثقة بمؤسسات الدولة أبرز تلك الأطراف التي نالتها سهام النقد، ما دفع النظام السياسي إلى الحديث عن تعمق الهوة مع الأردنيين، وضرورة ردمها عبر استعادة الثقة بين الطرفين.
وقد تشكلت في العقد الماضي سبع حكومات، تعرّضت، في مجملها، إلى هبّات شعبية، أدت إلى إسقاط عدد منها، بينما بقي خطاب الإصلاح السياسي والاقتصادي يشكل عنواناً لتلك الحكومات التي تجد في التحدّيات الإقليمية أحد أهم مبرّرات عجزها عن إنجاز ما وعدت به، في ظل حالة من السيولة في الإقليم الذي بقي في حالة من الفوضى والارتباك، طوال العقد المنصرم الذي كان الربيع العربي عنوانه الأبرز.
وتعرّض الأردن، خلال العقد الماضي، إلى سلسلة من الهزّات، أبرزها تداعيات اللجوء السوري والعربي الذي ساهم في زيادة عدد سكان البلاد بنحو الضعف، حيث كان العدد مطلع العقد الحالي نحو خمسة ملايين، ارتفع ليصل إلى نحو عشرة ملايين في نهاية العام الماضي، حسب إحصاءات رسمية. ومع تداعي الدولة السورية، وعجز الدولة العراقية عن فرض سيطرتها على أجزاء واسعة من ترابها الوطني، إضافة إلى حالة انفلات طاولت مصر، المورد الرئيسي للغاز إلى المملكة، ما جعل الأردن الضحية الكبرى لتلك التداعيات اقتصاديا، خصوصا في ملف الصادرات الأردنية، كما ساهم عدم استقرار الإقليم بتراجع عائدات السياحة وفرص الاستثمار.
فاقمت تلك الأزمة أزمة البلاد، ودفعت المديونية إلى الارتفاع بشكل هائل، حيث بلغت، في
العام 2010، نحو 11.46 مليار دينار، مشكلة ما نسبته 61 % الى الناتج المحلي الإجمالي، وبلغ إجمالي الدين العام حتى نهاية العام الماضي 30.05 مليار دينار، مشكلا بذلك ما نسبته 96.7% من الناتج المحلي الإجمالي. وترافقت هذه التحديات الاقتصادية الداخلية والإقليمية مع جملة من التحولات الداخلية العميقة في بنية (وشكل) النظام السياسي الذي أجرى، خلال العقد الماضي، سلسلة من التعديلات الدستورية، كانت أولاها على وقع الربيع العربي، وأسست لمحكمة دستورية وهيئة مستقلة للانتخاب، وزادت من حصانة المجلس النيابي، بينما ذهبت التعديلات الدستورية في عام 2015 نحو زيادة صلاحيات الملك، خصوصا تجاه المؤسسات العسكرية والأمنية السيادية.
وعلى مستوى القوى السياسية، ساهم الربيع العربي بدفع القوى السياسية التقليدية إلى الانخراط بشكل مباشر في الفعل الجماهيري نحو مزيد من الحرية والديمقراطية، إلا أن أزمات الإقليم، وخصوصا الأزمة السورية، أدت إلى تشظي هذه الكتلة ما بين مؤيد ومعارض لمسار الأحداث هناك. ويمكن القول إن القوى الاجتماعية غير المسيسة، والتي كانت تاريخيا ترى في برنامج النظام المعبر عنها معتمدةً على سلسلة من الامتيازات والأعطيات التي كانت تحت عنوان "الريع" اندفعت إلى مواجهة علنية ومفتوحة مع برنامج النظام الذي سعى إلى تقليص تلك الامتيازات، عبر برنامج الخصخصة، وما سماه رئيس الوزراء الحالي عمر الرزاز "الانتقال من الريع إلى الإنتاج".
على الرغم من كل تلك الأزمات والتحديات، إلا أن القوى الجديدة التي جاءت إلى ميدان الفعل الاحتجاجي والسياسي بقيت مبعثرة وغير منظمة، وهو ما حرمها من إيجاد سياقها الخاص، أو القدرة على إنفاذ برنامجها، خصوصا أن القوى البيروقراطية التي كانت هي عنوانا لتلك الفئات الاجتماعية سعت إلى توظيف هذا الحراك، بغرض ابتزاز النظام السياسي، لتحسين مواقعها في السلطة.
يمكن القول إن نقابة المعلمين اختتمت العقد الحراكي الأردني، عبر جولة صراع في خريف العام الماضي، أسست ما يمكن تسميته جسما بيروقراطيا حراكيا متجاوزا الصيغ القديمة، عبر دفع النقابة النظام السياسي إلى تقديم تنازل لها، عبر منح المعلمين علاوتهم الوظيفية، وهو ما انسحب على عموم موظفي الدولة.
ويدخل الأردن العقد الجديد على وقع التحضير لانتخابات نيابية، من المزمع عقدها في شهر سبتمبر/ أيلول، على وقع كل تلك التحوّلات العميقة في الدولة والمجتمع، في انتظار أن تؤدي تلك الانتخابات إلى نقل عوامل الغضب والاحتقان من الدواوين والغرف المغلقة إلى قبة البرلمان، ما يؤدي إلى إيجاد واقع سياسي جديد، يعكس تلك التحولات ويعبر عنها، أو أن تعجز القوى الجديدة والسلطة معا عن إنجاز تسوية تاريخية، تؤسس لدولة أردنية تقف على أعتاب المئوية الأولى، فاتحة الأفق لخيارات الفوضى والفشل.
وتعرّض الأردن، خلال العقد الماضي، إلى سلسلة من الهزّات، أبرزها تداعيات اللجوء السوري والعربي الذي ساهم في زيادة عدد سكان البلاد بنحو الضعف، حيث كان العدد مطلع العقد الحالي نحو خمسة ملايين، ارتفع ليصل إلى نحو عشرة ملايين في نهاية العام الماضي، حسب إحصاءات رسمية. ومع تداعي الدولة السورية، وعجز الدولة العراقية عن فرض سيطرتها على أجزاء واسعة من ترابها الوطني، إضافة إلى حالة انفلات طاولت مصر، المورد الرئيسي للغاز إلى المملكة، ما جعل الأردن الضحية الكبرى لتلك التداعيات اقتصاديا، خصوصا في ملف الصادرات الأردنية، كما ساهم عدم استقرار الإقليم بتراجع عائدات السياحة وفرص الاستثمار.
فاقمت تلك الأزمة أزمة البلاد، ودفعت المديونية إلى الارتفاع بشكل هائل، حيث بلغت، في
وعلى مستوى القوى السياسية، ساهم الربيع العربي بدفع القوى السياسية التقليدية إلى الانخراط بشكل مباشر في الفعل الجماهيري نحو مزيد من الحرية والديمقراطية، إلا أن أزمات الإقليم، وخصوصا الأزمة السورية، أدت إلى تشظي هذه الكتلة ما بين مؤيد ومعارض لمسار الأحداث هناك. ويمكن القول إن القوى الاجتماعية غير المسيسة، والتي كانت تاريخيا ترى في برنامج النظام المعبر عنها معتمدةً على سلسلة من الامتيازات والأعطيات التي كانت تحت عنوان "الريع" اندفعت إلى مواجهة علنية ومفتوحة مع برنامج النظام الذي سعى إلى تقليص تلك الامتيازات، عبر برنامج الخصخصة، وما سماه رئيس الوزراء الحالي عمر الرزاز "الانتقال من الريع إلى الإنتاج".
على الرغم من كل تلك الأزمات والتحديات، إلا أن القوى الجديدة التي جاءت إلى ميدان الفعل الاحتجاجي والسياسي بقيت مبعثرة وغير منظمة، وهو ما حرمها من إيجاد سياقها الخاص، أو القدرة على إنفاذ برنامجها، خصوصا أن القوى البيروقراطية التي كانت هي عنوانا لتلك الفئات الاجتماعية سعت إلى توظيف هذا الحراك، بغرض ابتزاز النظام السياسي، لتحسين مواقعها في السلطة.
يمكن القول إن نقابة المعلمين اختتمت العقد الحراكي الأردني، عبر جولة صراع في خريف العام الماضي، أسست ما يمكن تسميته جسما بيروقراطيا حراكيا متجاوزا الصيغ القديمة، عبر دفع النقابة النظام السياسي إلى تقديم تنازل لها، عبر منح المعلمين علاوتهم الوظيفية، وهو ما انسحب على عموم موظفي الدولة.
ويدخل الأردن العقد الجديد على وقع التحضير لانتخابات نيابية، من المزمع عقدها في شهر سبتمبر/ أيلول، على وقع كل تلك التحوّلات العميقة في الدولة والمجتمع، في انتظار أن تؤدي تلك الانتخابات إلى نقل عوامل الغضب والاحتقان من الدواوين والغرف المغلقة إلى قبة البرلمان، ما يؤدي إلى إيجاد واقع سياسي جديد، يعكس تلك التحولات ويعبر عنها، أو أن تعجز القوى الجديدة والسلطة معا عن إنجاز تسوية تاريخية، تؤسس لدولة أردنية تقف على أعتاب المئوية الأولى، فاتحة الأفق لخيارات الفوضى والفشل.
مقالات أخرى
30 أكتوبر 2020
31 اغسطس 2020
13 اغسطس 2020