عقدة مورينيو... وساسولو المجنون الجديد في الكالشيو

08 ديسمبر 2014
مورينيو بات أمام عقدة لا تنفك..وساسولو فريق متألق(العربي الجديد)
+ الخط -

وقع فريق تشيلسي في فخ الهزيمة لأول مرة هذا الموسم، فريق مورينيو يلعب أكثر وفق استراتيجية رد الفعل، وفي التكتيك العالمي هو نموذج لنوعية Reactive، أي يتمركز في مناطقه ويجيد استغلال أخطاء المنافس واللعب على المباغتة، لا يترك مرماه أبداً ومن الصعب إخراجه من مناطقه إلا بإرادته، لذلك يعتبر "البلوز" أحد أصعب المنافسين بالنسبة للفرق الهجومية التي تعتمد على الحيازة والسيطرة، مثل برشلونة وبايرن ميونخ.

العقدة "سانت جيمس بارك"
حينما يذهب البرتغالي رفقة فريقه إلى ملعب سانت جيمس بارك، فإنه يعاني كثيراً. لعب خمس مباريات، تعادل في مرتين وهُزم في ثلاث مناسبات، ولم يفز أبداً على أرضية هذا الميدان، ليصبح فريق نيوكاسل يونايتد عقدة حقيقية وسط جماهيره بالنسبة للرجل الخاص الذي يعشق الفوز مهما كانت المعوقات أمامه.

يحمي الفريق اللندني مرماه، كذلك يفعل أصحاب الأرض نيوكاسل، الضيوف لا يهاجمون بشكل مستمر، وخصمهم يعرف كيف يدافع ويحمي مرماه من الهجمات، لذلك تصبح المباراة بين فريقين متشابهين إلى حد كبير، وكأن الإشارة واحدة عند الثنائي، فلا يحدث شد وجذب متبادل طوال التسعين دقيقة، رغم التفوق الكامل لتشيلسي، على الورق وداخل الملعب وحسب سلم ترتيب الدوري الإنجليزي.

ومن فريق يجيد استغلال الفراغات والتحكم في المساحات من دون الكرة، إلى فريق آخر تماماً يستحوذ عليها ويمررها ويقوم بنقل الكرات بين اللاعبين. هكذا يصبح حال تشيلسي كلما واجه نيوكاسل على الجيمس بارك، وبالتالي وصل استحواذ تشيلسي على الكرة لنسبة تتعدى 65 % في المباراة الأخيرة، رغم أن متوسط حيازة الفريق في الدوري ككل يصل فقط إلى 53 %، وهذا المنحنى التصاعدي يعتبر نقطة ضعف لا قوة بالنسبة لكتيبة جوزيه.

العين بالعين
حصل نيوكاسل على أربع نقاط بعد أول سبعة أسابيع من عمر الدوري المحلي، لكنه انتفض في الفترة الأخيرة، ليجمع 19 نقطة أخرى ويحتل المركز السابع حتى كتابة هذه السطور في المركز السابع بالبطولة الإنجليزية، وبعد أن كانت هناك حملات جماهيرية تطالب برحيل المدرب ألان باردو، فإن الرجل ردّ على الجميع مؤخراً واستحق ثقة الإدارة في قدراته ليتفوق على البرتغالي، ويحصد لناديه ثلاث نقاط من ذهب.

استخدم المدير الفني الإنجليزي فكرة الـ Face/Off ؛ أي استنساخ طباع مورينيو ووضعها في فريق نيوكاسل، لذلك لعب "الماكبايس" بطريقة لعب 4-2-3-1 مثل تشيلسي تماماً، مع نفس التحفظ التكتيكي والتشديد على الواجبات الدفاعية قبل أي شيء. واختار باردو البدء بأيوز بيريز كرأس حربة صريح، مع أنه في الأساس يميل دائماً إلى الأطراف، ليضع مزيداً من الضغط على دفاع تشيلسي الذي وجد نفسه بعيداً عن أي مهاجم حقيقي داخل منطقة الجزاء.

رأس حربة نيوكاسل مهاجم بدرجة جناح صريح، ويعود صانع اللعب إلى الوسط لتتحول الخطة من 4-2-3-1 إلى 4-3-3 الدفاعية الأقرب إلى 4-5-1، ما أدى إلى اختناق منطقة الارتكاز، وحينما تم إرهاق تشيلسي وإجباره على الخروج من مناطقه لتسجيل هدف، وصل أصحاب الأرض إلى هدفهم الأساسي، ألا وهو استفزاز متصدر الترتيب. وهنا انقلبت الأمور تماماً، يدخل سيسيه المهاجم القوي ويتحول بيريز إلى الأطراف، ويهاجم نيوكاسل تشيلسي بتركيبات متنوعة، مستخدماً السرعة والانطلاقات على الأطراف، مع القوة البدنية الفعالة في العمق ليباغت الدفاعات، ويسجل الورقة الرابحة هدفين.

ساسولو.. مجنون جديد
قدم ساسولو خدمة جليلة ليوفنتوس وحرم روما من نقطتين في سباق التنافس على لقب الكالشيو الإيطالي لهذا العام، وكما آمن نيوكاسل بالدفاع أمام تشيلسي، فإن الفريق الإيطالي المغمور راهن على الهجوم أمام أفضل من يتقنه في ملاعب الدوري الإيطالي، وعلى الملعب الأوليمبي في العاصمة روما، ليسجل هدفين ويحصل على تعادل، كان قاب قوسين أو أدنى من تحوله إلى فوز تاريخي.

وبعيداً عن المباراة، فإن ساسولو يسير بخطى ثابتة في الدوري، وحصل على 19 نقطة كاملة بفارق نقطة فقط عن فيورنتينا ونقطتين عن ميلان، ويعتبر مدربه أوزيبيو دي فرانشيسكو البطل الحقيقي لتطور مستوى الفريق وتفرده وظهوره بشكل مغاير خلال هذا الموسم، لأنه مدرب مبادر وجريء لا يهاب أبداً، ويحاول دائماً فرض شخصيته على أي منافس مهما كان اسمه وتاريخه وشخصيته.

ساسولو لم يخسر من روما ولا من يوفنتوس، ويقدم نفسه كصاحب لخطة 4-3-3 التي لا يُغيّرها ويمزج بينها وبين 3-4-3 مع ثلاثي خلفي أثناء الهجوم على طريقة الكبار، سيموني مسيرولي لاعب الارتكاز المتأخر الوحيد الذي يلعب بين الوسط والدفاع، أما ماتيو بريجي لاعب الدائرة فهو الدينامو الذي يربط خطوط الفريق معاً، مع إعطاء حرية كاملة للجزائري العربي سفير تايدر في اللعب كـ"بوكس" دفاعاً وهجوماً.

وكلما حصل الفريق على أفضلية بالوسط كلما زادت الفرص لعناصر الهجوم، لذلك يجد المهاجم سيموني زازا أريحية كاملة في التحرك بالثلث الأخير. مهاجم غير تقليدي يضرب الدفاعات ويستغل الهفوات بين القنوات، لا يرحم أبداً ويسجل من أي زاوية بالصندوق، لذلك هو الاسم الأبرز على الإطلاق في صفوف الأزوري الإيطالي خلال المستقبل القريب.

العرّاب
يعترف دي فرانشيسكو بأن كل أفكاره تعود إلى عرّابه المجذوب زيدنيك زيمان، العدو الأول لليوفنتوس والرجل المعروف بولائه الكبير لطريقة لعب 4-3-3 بأسلوب هجومي بحت، حيث يعتقد أن السيطرة على الكرة والتمريرات الطويلة هي مجرد مضيعة للوقت. ولعب أوزيبيو في نهاية التسعينات مع روما وتدرب تحت قيادة زيمان ليتأثر كثيراً بجنونه ويتبع فكره الهجومي مع كل الفرق التي قام بتدريبها.

"لن أغيّر أبداً تكتيكي، وسألعب دائماً للهجوم كما فعل أستاذي، لأنني أعشق المبادرة ولا أتأثر بأي عوامل خارجية"، يتحدث دي فرانشيسكو في حوار قديم مع "لا جازيتا ديلي سبورت" أيام الفترة السابقة مع نادي ليتشي. ويضيف المدرب: "تدربت تحت قيادة فابيو كابيلو، جيجي كاجني، سباليتي، تعلمت منهم قدر المستطاع وسرقت أفكارهم حتى النفس الأخير، لكني أدين بالفضل الأكبر إلى زيمان".

يؤمن المدرب الشاب بقيمة خطة 4-3-3، ثلاثي في الوسط وثلاثي هجومي مكّون من مهاجم صريح وثنائي على الأطراف، لكنه لا يمانع في استخدام "التركوارتيستا" بتواجد رأسَي حربة داخل منطقة الجزاء. وبعد أدائه المبهر أمام يوفنتوس ونجاجه في خطف نقطة من فم حامل اللقب، كشف قائد ساسولو عن خطته التي قهرت السيدة العجوز، بعد تفضيله البدء بثلاثي دفاعي والتحول إلى 3-4-3.

ضغط ساسولو على دفاع اليوفي وبيرلو بثلاثة لاعبين، ولم يلعب بنظام الرقابة الفردية على الريجستا الإيطالية، وكانت محاضرة دي فرانشيسكو قبل المباراة عبارة عن كلمات سريعة واضحة: لماذا لا نمتلك شخصية مثل يوفنتوس؟ وما الذي يمنعنا من المحاولة؟ المباراة في النهاية 11 ضد 11 والملعب هو الحد الفاصل، لذلك لعب ناديه بقتالية وكان الند والخصم الحقيقي للبطل الخبير، ليؤكد تلميذ زيمان في النهاية أن الروح والتكتيك وجهان لعملة كروية واحدة.

المساهمون