عشائر الموصل تحذّر "داعش": الرحيل أو الموت

28 مارس 2016
قوات عراقية في محيط الموصل (هيمن بابان/الأناضول)
+ الخط -

على وقع تكثّف المؤشرات حول احتمال قرب معركة تحرير مدينة الموصل العراقية، بعد بدء معركة محافظة نينوى، وجّهت شخصيات عشائرية عراقية من المدينة، نداءات لقوات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذين يتحصنون بين سكان المدينة، إلى مغادرتها حفاظاً على السكان والمدينة، كيلا تتحول إلى "رمادي ثانية" وذلك مع انطلاق عمليات تحرير المدينة.

وكانت القوات العراقيّة المدعومة بقوات العشائر وطيران التحالف الدولي، قد بدأت يوم الخميس، عمليات عسكرية تمهيدية لتحرير محافظة نينوى من سيطرة "داعش"، انطلاقاً من قرى تمت السيطرة على عدد منها. وتُعتبر تلك القرى خطرة، لكون عناصر التنظيم قد اتخذوها مواقع لتوجيه ضربات صاروخية نحو مواقع القوات العراقية والأميركية المتمركزة في بلدة مخمور.

وعزّز الهجوم البري للقوات العراقية، مشاركة قوات "البشمركة" الكردية وقوات عشائر الموصل، بغطاء جوي أميركي، من استهداف المدنيين من سكان المدينة، الذين يتخذهم التنظيم درعاً بشرياً له، وهو ما أكده وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين في قصف لطيران التحالف استهدف جامعة الموصل أخيراً.

في هذا السياق، وجّه شيوخ عشائر وشخصيات معروفة ومواطنون نداءات للقوات المهاجمة، من أجل توخّي القصف العشوائي، وأن يكون التقدم مدروساً، وتجنّب قصف الأحياء السكنية كونها مأهولة بالسكان. 
من جهته، يقول عبد العزيز النعيمي، أحد الشيوخ القبليين في الموصل، إنه "على تواصل مع قوات العشائر التي يقاتل في صفوفها عدد من أفراد قبيلته، وهناك محاولات لضمان عدم تعريض سكان المدينة للخطر". ويستدرك، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الخطر موجود على أية حال، ولا أحد يستطيع فرض رأيه على قوات التحالف حين تباشر بعمليات قصف جوي، على المدينة. بالطبع سيقع ضحايا مدنيون".

ويضيف أنه "من خلال أشخاص نعرفهم يعملون مع داعش في الموصل، طالبنا في اتصالات ورسائل هاتفية أن يتركوا المدينة ويرحلوا حفاظاً على سلامتها وأمن السكان، كما أوصلنا نداءاتنا للسكان، بأن يحافظوا على أرواحهم قدر المستطاع عبر تجنّب مواقع داعش، كذلك طالبنا الرجال أن ينتفضوا على التنظيم عند دخول القوات العراقية إلى مناطقهم، أو يقتربوا منها، لتسهيل عملية التحرير".

اقرأ أيضاً العراق: تحرير بلدة كبيسة وواشنطن تخطط لنشر قوات بالموصل

من ناحيته، يكشف حميد الجبوري، من شيوخ قبائل القيارة، أن "داعش يعتمد على تفخيخ الأماكن، ودأب على تفخيخ بيوت المواطنين، لتأخير عمليات التحرير وتقدم القوات في أثناء تطهير المدينة. وما نخشاه هو أن يتم قصف القرى والمدن بشكل عشوائي لتأمين الطرق، وهو ما سيؤدي إلى مقتل المدنيين وهدم القرى والأحياء، كما حصل في الرمادي، ونحن لا نريد أن تتحول مدينتنا إلى رمادي ثانية".

ويُردف، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "القوات العسكرية من الجيش العراقي والبشمركة الكردية وعدونا خلال لقاءاتنا بهم، بأن سلامة المدنيين هدفهم الأول. كما عمدوا إلى تحذير سكان الموصل بالبقاء في منازلهم ومحاولة تجنب مواقع القتال ومواقع وجود داعش من خلال منشورات أسقطت عن طريق الجو". ويتابع أن "تحذيراتنا وصلت لداعش، وأخبرناهم بأننا سكتنا طويلاً على استباحتهم مدينتنا وسنضحي بكل شيء لاستعادتها، والأولى لهم أن يهربوا منها سالمين، لأننا لن نرحمهم".

بالنسبة إلى المقاتل في صفوف عشائر الموصل، محمد الطائي، فإن "خسارة شيء أفضل من خسارة كل شيء. لقد قتل داعش الكثير منا واحتل مدينتنا وشرّد أهلنا. أن نستعيد مدينتنا وقد قتلنا في سبيل ذلك أفضل من بقائنا أحياء وداعش يحتلها". ويبين في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، قائلاً إن "لا خيار أمام عناصر داعش، إما أن ينسحبوا بسلام، أو هو الموت الذي لا نخشاه بعد اليوم".

بدوره، كان المفتي عبد الحكيم السعدي، قد وجّه في كلمة، له بوقت سابق، خطاباً إلى "داعش" داعياً إياه للانسحاب من الموصل، قبل أن "تقوم الحرب التي توقع أنها لا تبقي ولا تذر"، محذراً إياهم بـ"تحمّل كل قطرة دمٍ تراق". وقال في هذا الصدد، إن "الحشود التي يجرى إعدادها لتنفيذ الدخول إلى نينوى ضخمة، وإن طيران التحالف والقوات المساندة أكبر من أن تستطيع قوة كداعش مجابهتها والتصدي لها، وهذا يعني أن التصدي لها ضرب من ضروب الانتحار المرفوض شرعاً".

وكانت الولايات المتحدة، قد أعلنت، يوم الجمعة، عزمها نشر قوات بريّة في الموصل، للقضاء على "داعش"، مؤكّدة أنّ "القوات العراقيّة تتقدّم نحو معقل التنظيم في الموصل". وذكر وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، خلال مؤتمر صحافي عقده في واشنطن، أنّ "القوات العراقيّة تتقدّم صوب معقل تنظيم داعش في الموصل"، مبيّناً أنّ "تقدّم القوات العراقيّة يتم نحو مواقع جديدة لكسر سيطرة داعش على الموصل". كما أكّد أنّ "القوات العراقيّة هي التي تشن الهجمات على داعش، ونحن نوفر لها الدعم فقط".

من جهته، قال رئيس هيئة الأركان الأميركية، الجنرال جوزيف دنفورد، خلال المؤتمر، إنّ "هناك توجّهاً أميركياً لنشر قوات بريّة في الموصل خلال الأشهر المقبلة، فيما لم يتخذ بعد قرار نهائي بهذا الشأن"، مشيراً إلى أنّ "ذلك يأتي تماشياً مع رؤيتنا للضغط على داعش". ورجّح زيادة القدرات المقدمة للقوات العراقية تحضيراً لمعركة الموصل.

من جانبه قال محافظ نينوى، نوفل حمادي السلطان، في تصريحات خلال زيارته القطعات العسكرية في محور مخمور، الجمعة، إن "تقدم قواتنا سيستمر حتى الوصول إلى نهر دجلة، من أجل قطع إمدادات داعش إلى تلك المناطق، وهي الصفحة الأولى ضمن عمليات تحرير نينوى".

اقرأ أيضاً اليوم الثاني لعمليات نينوى.. تقدّم بطيء وعشرات القتلى

المساهمون