فجر تصريح رئيس الحكومة التونسية المقال، الحبيب الصيد، حول مطالبة أطراف سياسية بعسكرة منطقة الحوض المنجمي لتسهيل استخراج الفوسفات، حالة من الغضب وجدلاً كبيراً داخل البرلمان.
واعتبر عدد من نواب البرلمان تصريح الصيد، محاولة لإثارة الفتنة الجهوية في منطقة ساخنة طالما اشتكت من ظلم السلطات، ما أجبر أهاليها على الاحتجاج واللجوء إلى وقف إنتاج الفوسفات للمطالبة بنصيبهم في التنمية.
وقال الصيد، خلال جلسة سحب الثقة من حكومته أمام البرلمان قبل يومين: "أرفض أن يوضع قطاع الفوسفات تحت وصاية الجيش وليس من مهام الجيش ذلك، وأنا أرفض وضع منطقة قفصة التي تضم مناجم الفوسفات منطقة عسكرية".
واتهم الصيد ما وصفهم بـ "أطراف سياسية" في إشارة إلى حزب نداء تونس، بمحاولة استغلال قضية استخراج الفوسفات في منطقة الحوض المنجمي جنوب البلاد، لتنفيذ أجندات سياسية.
في المقابل حمّل نواب البرلمان، الحكومة المقالة مسؤولية الفشل في حل مشكلة الحوض المنجمي، وهو ما تسبب في خسارة كبيرة لميزانية الدولة بسبب تراجع الإنتاج بأكثر من 60%، فيما يذهب المهتمون بالشأن السياسي إلى أن أزمة الفوسفات هي التي أطاحت بحكومة الصيد.
وعلى امتداد السنوات الخمس الماضية، شهدت محافظات الجنوب التونسي، التي تحتوي على منشآت منجمية وبترولية، تصاعد حركة احتجاجية مستمرة، إذ يطالب الأهالي بحقهم في أولوية الاستفادة من ريع الثروات الطبيعية، خصوصاً وأن هذه المناطق تعاني من ارتفاع نسب الفقر والبطالة. غير أن الاحتجاجات بلغت ذروتها مع حكومة الصيد التي وعدت في أكثر من مناسبة بإيجاد حل للمشاكل الاجتماعية في المنطقة، في محاولة لفك الحصار عن مناجم الفوسفات.
ويعتبر مراقبون للشأن الاقتصادي، أن الحبيب الصيد دفع ثمن فشل حكومته اقتصادياً، في إشارة إلى أن توقف إنتاج الفوسفات كان من العناصر الرئيسية التي أدت إلى تراجع عائدات الدولة وإجبارها على التداين الخارجي لسداد عجز الموازنة على الرغم من امتلاكها للحلول الداخلية التي تغنيها عن طرق أبواب الخارج بحثاً عن التمويل.
ويرى النائب في البرلمان، سفيان طوبال، أن رئيس الحكومة أراد بالحديث عن مطالب بعسكرة منطقة الحوض المنجمي تغطية فشله في التعاطي مع ملف الاحتجاجات الاجتماعية في محافظة قفصة، مؤكداً أن الحديث عن وضع المنطقة تحت الحماية العسكرية أمر خطير ولا أساس له من الصحة.
وأضاف طوبال لـ "العربي الجديد"، أن الصيد كان يرغب في توريط أحزاب سياسية في أزمة الفوسفات لافتاً إلى أن الأحزاب سعت إلى التدخل مع النقابات العمالية لفض الاعتصامات غير أن الإشكال وفق تقديره يتعلق بوضع اقتصادي منهك في المنطقة نتيجة مراكمات سنين من غياب التنمية والتهميش تواصل إلى ما بعد الثورة.
وفي السياق ذاته، دعا عضو البرلمان، عدنان الحاجي، الحكومة بعدم "التجاسر" على منطقة المناجم والتهديد بعسكرتها، مشيراً إلى أن الأهالي سيتصدون إلى أي محاولة لغلق أحواض المناجم من المؤسسة العسكرية.
وأشار الحاجي في تصريح لـ "العربي الجديد" إلى أن كل محاولات التدخل العنيف في منطقة تحطمت على صخرة الأهالي المحتجين، معتبراً أن الاحتجاج حق مشروع لمنطقة عانت 60 عاماً من التلوث والأمراض وشح الموارد مقابل النزر القليل من التنمية، حسب وصفه.
وقال الحاجي: "كان على الحكومة التي تفكر في الاستقواء بالمؤسسة العسكرية لتشغيل مناجم الفوسفات، أن تتذكر أن منطقة الحوض المنجمي لم ترضخ زمن الجمر لقمع السلطة، وواجهت رصاص بوليس بن علي في سنة 2008 بغضب شعبي كان الشرارة الأولى التي مهدت لسقوط النظام".
ويرى الحاجي، أن من يطالبون بعسكرة قفصة لا يطالبون بتنميتها، فقفصة تعاني من العطش وغياب المياه الصالحة للشرب بسبب توجيه المياه لغسل الفوسفات، وفي غياب التنمية من حق السكان الدفاع عن حقوقهم الاجتماعية.
اقــرأ أيضاً
وكان النائب الحاجي يرد على مطالبات نواب من حزب "نداء تونس" الحاكم بشأن وضع منطقة قفصة تحت سلطة عسكرية لفض الاعتصامات التي يقوم بها الشباب العاطل عن العمل في المنطقة وتعطيل عمل مناجم الفوسفات، أسوة بتجربة أولى بتعيين عسكري لإدارة مستشفى صفاقس وسط البلاد.
وفي مايو/أيار 2015، أشارت تقارير إعلامية إلى تفكير الحكومة في وضع الجهات المنتجة للبترول والفوسفات تحت تصرف وإشراف المؤسسة العسكرية، غير أن الحكومة لم تصدر أي قرار رسمي في هذا الشأن.
وتحتل تونس المرتبة الرابعة عالمياً كمنتج للفوسفات، بمعدل إنتاج بلغ قبل ثورة يناير/كانون الثاني 2011 حوالى 8 ملايين طنّ سنوياً، قبل أن يتراجع الإنتاج بنسبة 60%، وفق آخر بيانات لوزارة الطاقة والمناجم.
وأدى تراجع القدرة الإنتاجية للفوسفات، الذي يعتبر أحد أهم الموارد الطبيعية لتونس، إلى خسائر مالية تقدر بـ 5 مليارات دينار تونسي (2.2 مليار دولار)، بحسب ذات البيانات.
وتسعى الحكومة لخفض منسوب الغضب في منطقة الحوض المنجمي بتكثيف المشاريع المشغلة في الجهة، حيث تحدث وزير الطاقة والمناجم، محسن مرزوق، أخيراً، عن إسناد 50 رخصة منجمية جديدة لدفع الاستثمار والتنمية، وهو ما سيمكن من إحداث 2273 فرصة برنامج الانتداب الخاص بسنوات 2016 - 2018.
ويشدد الخبير الاقتصادي معز الجودي، على عمق تأثير قطاع الفوسفات في الاقتصاد المحلي، معتبراً أن تعطيل إنتاج وتصدير هذه المادة الحيوية كارثي على الموازنات العامة للبلاد، وهو ما سبب تراجع نسب النمو ومعدل التشغيل فضلاً عن شح الاحتياطي من النقد الأجنبي.
وقال الجودي لـ "العربي الجديد"، إن نسب النمو الحالية لا تساعد الدولة على الإيفاء بتعهداتها بخفض البطالة وتسديد ديونها وخفض سقف اقتراضها الذي تخطى عتبة 53% من الناتج المحلي الإجمالي، داعياً إلى أن يكون ملف الفوسفات على رأس الملفات المطروحة على الحكومة القادمة.
ويعتبر الجودي، أن نجاح أي حكومة مرتبط بالسلم الاجتماعي وبمدى قدرتها على إحكام سيطرتها على الثروات المهدورة وما عدا ذلك، فإنها ستواجه نفس مصير الحكومات السابقة.
أكد الخبير الاقتصادي، أن أمام الحكومة القادمة مطالبة بحوكمة الشركات الحكومية لرفع مساهمتها في الاقتصاد وعلى رأسها شركة الفوسفات.
ولا يستبعد الجودي اللجوء إلى خصخصة نشاط الفوسفات في السنوات القادمة في حال تواصلت صعوبات القطاع، لافتاً إلى أن كثيراً من الشركات الأجنبية تسعى إلى الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.
ويخضع استغلال الفوسفات التونسي لاحتكار الدولة، التي عهدت به إلى شركة "فوسفات قفصة" بالجنوب التونسي، وهي مؤسسة عمومية أنشئت منذ الاحتلال الفرنسي سنة 1897، وتشغل 6837 عاملاً.
اقــرأ أيضاً
واعتبر عدد من نواب البرلمان تصريح الصيد، محاولة لإثارة الفتنة الجهوية في منطقة ساخنة طالما اشتكت من ظلم السلطات، ما أجبر أهاليها على الاحتجاج واللجوء إلى وقف إنتاج الفوسفات للمطالبة بنصيبهم في التنمية.
وقال الصيد، خلال جلسة سحب الثقة من حكومته أمام البرلمان قبل يومين: "أرفض أن يوضع قطاع الفوسفات تحت وصاية الجيش وليس من مهام الجيش ذلك، وأنا أرفض وضع منطقة قفصة التي تضم مناجم الفوسفات منطقة عسكرية".
واتهم الصيد ما وصفهم بـ "أطراف سياسية" في إشارة إلى حزب نداء تونس، بمحاولة استغلال قضية استخراج الفوسفات في منطقة الحوض المنجمي جنوب البلاد، لتنفيذ أجندات سياسية.
في المقابل حمّل نواب البرلمان، الحكومة المقالة مسؤولية الفشل في حل مشكلة الحوض المنجمي، وهو ما تسبب في خسارة كبيرة لميزانية الدولة بسبب تراجع الإنتاج بأكثر من 60%، فيما يذهب المهتمون بالشأن السياسي إلى أن أزمة الفوسفات هي التي أطاحت بحكومة الصيد.
وعلى امتداد السنوات الخمس الماضية، شهدت محافظات الجنوب التونسي، التي تحتوي على منشآت منجمية وبترولية، تصاعد حركة احتجاجية مستمرة، إذ يطالب الأهالي بحقهم في أولوية الاستفادة من ريع الثروات الطبيعية، خصوصاً وأن هذه المناطق تعاني من ارتفاع نسب الفقر والبطالة. غير أن الاحتجاجات بلغت ذروتها مع حكومة الصيد التي وعدت في أكثر من مناسبة بإيجاد حل للمشاكل الاجتماعية في المنطقة، في محاولة لفك الحصار عن مناجم الفوسفات.
ويعتبر مراقبون للشأن الاقتصادي، أن الحبيب الصيد دفع ثمن فشل حكومته اقتصادياً، في إشارة إلى أن توقف إنتاج الفوسفات كان من العناصر الرئيسية التي أدت إلى تراجع عائدات الدولة وإجبارها على التداين الخارجي لسداد عجز الموازنة على الرغم من امتلاكها للحلول الداخلية التي تغنيها عن طرق أبواب الخارج بحثاً عن التمويل.
ويرى النائب في البرلمان، سفيان طوبال، أن رئيس الحكومة أراد بالحديث عن مطالب بعسكرة منطقة الحوض المنجمي تغطية فشله في التعاطي مع ملف الاحتجاجات الاجتماعية في محافظة قفصة، مؤكداً أن الحديث عن وضع المنطقة تحت الحماية العسكرية أمر خطير ولا أساس له من الصحة.
وأضاف طوبال لـ "العربي الجديد"، أن الصيد كان يرغب في توريط أحزاب سياسية في أزمة الفوسفات لافتاً إلى أن الأحزاب سعت إلى التدخل مع النقابات العمالية لفض الاعتصامات غير أن الإشكال وفق تقديره يتعلق بوضع اقتصادي منهك في المنطقة نتيجة مراكمات سنين من غياب التنمية والتهميش تواصل إلى ما بعد الثورة.
وفي السياق ذاته، دعا عضو البرلمان، عدنان الحاجي، الحكومة بعدم "التجاسر" على منطقة المناجم والتهديد بعسكرتها، مشيراً إلى أن الأهالي سيتصدون إلى أي محاولة لغلق أحواض المناجم من المؤسسة العسكرية.
وأشار الحاجي في تصريح لـ "العربي الجديد" إلى أن كل محاولات التدخل العنيف في منطقة تحطمت على صخرة الأهالي المحتجين، معتبراً أن الاحتجاج حق مشروع لمنطقة عانت 60 عاماً من التلوث والأمراض وشح الموارد مقابل النزر القليل من التنمية، حسب وصفه.
وقال الحاجي: "كان على الحكومة التي تفكر في الاستقواء بالمؤسسة العسكرية لتشغيل مناجم الفوسفات، أن تتذكر أن منطقة الحوض المنجمي لم ترضخ زمن الجمر لقمع السلطة، وواجهت رصاص بوليس بن علي في سنة 2008 بغضب شعبي كان الشرارة الأولى التي مهدت لسقوط النظام".
ويرى الحاجي، أن من يطالبون بعسكرة قفصة لا يطالبون بتنميتها، فقفصة تعاني من العطش وغياب المياه الصالحة للشرب بسبب توجيه المياه لغسل الفوسفات، وفي غياب التنمية من حق السكان الدفاع عن حقوقهم الاجتماعية.
وكان النائب الحاجي يرد على مطالبات نواب من حزب "نداء تونس" الحاكم بشأن وضع منطقة قفصة تحت سلطة عسكرية لفض الاعتصامات التي يقوم بها الشباب العاطل عن العمل في المنطقة وتعطيل عمل مناجم الفوسفات، أسوة بتجربة أولى بتعيين عسكري لإدارة مستشفى صفاقس وسط البلاد.
وفي مايو/أيار 2015، أشارت تقارير إعلامية إلى تفكير الحكومة في وضع الجهات المنتجة للبترول والفوسفات تحت تصرف وإشراف المؤسسة العسكرية، غير أن الحكومة لم تصدر أي قرار رسمي في هذا الشأن.
وتحتل تونس المرتبة الرابعة عالمياً كمنتج للفوسفات، بمعدل إنتاج بلغ قبل ثورة يناير/كانون الثاني 2011 حوالى 8 ملايين طنّ سنوياً، قبل أن يتراجع الإنتاج بنسبة 60%، وفق آخر بيانات لوزارة الطاقة والمناجم.
وأدى تراجع القدرة الإنتاجية للفوسفات، الذي يعتبر أحد أهم الموارد الطبيعية لتونس، إلى خسائر مالية تقدر بـ 5 مليارات دينار تونسي (2.2 مليار دولار)، بحسب ذات البيانات.
وتسعى الحكومة لخفض منسوب الغضب في منطقة الحوض المنجمي بتكثيف المشاريع المشغلة في الجهة، حيث تحدث وزير الطاقة والمناجم، محسن مرزوق، أخيراً، عن إسناد 50 رخصة منجمية جديدة لدفع الاستثمار والتنمية، وهو ما سيمكن من إحداث 2273 فرصة برنامج الانتداب الخاص بسنوات 2016 - 2018.
ويشدد الخبير الاقتصادي معز الجودي، على عمق تأثير قطاع الفوسفات في الاقتصاد المحلي، معتبراً أن تعطيل إنتاج وتصدير هذه المادة الحيوية كارثي على الموازنات العامة للبلاد، وهو ما سبب تراجع نسب النمو ومعدل التشغيل فضلاً عن شح الاحتياطي من النقد الأجنبي.
وقال الجودي لـ "العربي الجديد"، إن نسب النمو الحالية لا تساعد الدولة على الإيفاء بتعهداتها بخفض البطالة وتسديد ديونها وخفض سقف اقتراضها الذي تخطى عتبة 53% من الناتج المحلي الإجمالي، داعياً إلى أن يكون ملف الفوسفات على رأس الملفات المطروحة على الحكومة القادمة.
ويعتبر الجودي، أن نجاح أي حكومة مرتبط بالسلم الاجتماعي وبمدى قدرتها على إحكام سيطرتها على الثروات المهدورة وما عدا ذلك، فإنها ستواجه نفس مصير الحكومات السابقة.
أكد الخبير الاقتصادي، أن أمام الحكومة القادمة مطالبة بحوكمة الشركات الحكومية لرفع مساهمتها في الاقتصاد وعلى رأسها شركة الفوسفات.
ولا يستبعد الجودي اللجوء إلى خصخصة نشاط الفوسفات في السنوات القادمة في حال تواصلت صعوبات القطاع، لافتاً إلى أن كثيراً من الشركات الأجنبية تسعى إلى الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.
ويخضع استغلال الفوسفات التونسي لاحتكار الدولة، التي عهدت به إلى شركة "فوسفات قفصة" بالجنوب التونسي، وهي مؤسسة عمومية أنشئت منذ الاحتلال الفرنسي سنة 1897، وتشغل 6837 عاملاً.