عرض إماراتي لمصر: دعم بأزمة النهضة مقابل ضربة بليبيا

19 يوليو 2020
لا تتوقف مليشيات حفتر عن التهديد بالحسم (عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر مصرية خاصة مطلعة على ملف الأزمة الليبية، لـ"العربي الجديد"، أن مشاورات مصرية إماراتية رفيعة المستوى جرت أخيراً مع تصاعد عمليات التحشيد حول مدينة سرت، عرض خلالها الجانب الإماراتي اتخاذ موقف "حاسم" إلى جانب مصر بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي، في حال بادرت القاهرة بتوجيه ضربة ضد تركيا في ليبيا، ومواجهة أطماعها هناك، على حد تعبير المصادر.

وأوضحت المصادر أن العرض الإماراتي للقاهرة جاء بعدما أرجعت مصر موقفها غير المرحب باندلاع معركة عسكرية على حدودها الغربية في ليبيا، إلى أن الظرف الراهن لا يسمح بفتح أكثر من محور للصراع، في ظل مرور مصر بصراع وجود متمثل في سد النهضة الإثيوبي، ومحاولات أديس أبابا جرّ مصر إلى صدام.
وقالت المصادر إن "ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، يدفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دفعاً لتفجير حرب واسعة ضد تركيا في ليبيا بدعم أيضاً من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يتبنى موقفاً عدائياً من تركيا، الحليف الرئيس لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً في غرب ليبيا".

بن زايد يدفع السيسي دفعاً لتفجير حرب واسعة ضد تركيا في ليبيا بدعم من بن سلمان

وحول ماهية وطبيعة التدخل الإماراتي في أزمة سد النهضة، ومدى تأثيره على موقف إثيوبيا، اكتفت المصادر بالقول إن "أبوظبي شددت على أن تدخلها سيكون حاسماً"، موضحة في الوقت ذاته أن القاهرة أكدت أنها لن تبادر باتخاذ أي خطوات عسكرية مباشرة طالما أنه لم يتم المساس بـ"الخط الأحمر" الذي أعلنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يونيو/حزيران الماضي، خلال تفقده قوات المنطقة الغربية في قاعدة سيدي براني العسكرية.

في السياق، قالت مصادر غربية في القاهرة لـ"العربي الجديد"، إنه في الوقت الذي تكتفي فيه القاهرة بالوقوف عند خط سرت والجفرة، وكذلك روسيا، فلدى الإمارات طموح بإعادة الكرّة من جديد، وغزو الغرب الليبي، ولكن هذه المرة بتدخّل صريح من القوات المصرية، بدعم من "الجيش الوطني" (في إشارة إلى مليشيات خليفة حفتر)، وعناصر مرتزقة "فاغنر" الروس، بخلاف دعم عسكري يكون واضحاً من فرنسا، وهو ما باتت ترفضه باريس أيضاً.
وأوضحت المصادر أن كافة حلفاء أبوظبي وداعمي حفتر ومعسكر شرق ليبيا، بات طموحهم الرئيسي كبْح جماح حكومة الوفاق وتركيا عند خط الموانئ النفطية، والتوصل إلى اتفاق سياسي يضمن إعادة ضخ النفط، ووقف العمليات العسكرية عند هذا الحد، والشروع في اتفاق سياسي شامل يراعي مصالح كافة الأطراف المحلية والخارجية.

وحول التحركات المصرية خلال الفترة القريبة المقبلة تجاه ليبيا، قال مصدر مقرب من اللجنة المعنية بالملف الليبي، لـ"العربي الجديد"، إنه تم الاستقرار على أحد المعسكرات السابقة للجيش الليبي في مدينة أجدابيا، كمعسكر تدريب، يستغله الجيش المصري لتدريب أبناء قبائل شرق ليبيا، لتشكيل قوة مسلحة مساندة لمليشيات حفتر، لافتاً إلى أن التواجد العسكري المصري سيقتصر على خبراء لتدريب المقاتلين من أبناء القبائل، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن مصر تتابع الوضع على الأرض بشكل دقيق ساعة بساعة عبر تقارير استخباراتية.
وكانت مصادر مصرية قد كشفت في وقت سابق لـ"العربي الجديد" أن زعماء القبائل الموالين لحفتر الذين زاروا القاهرة، بحثوا مع مسؤولين في جهازي المخابرات العامة والحربية، تشكيل قوة مساندة لمليشيات حفتر، تبدأ بتشكيل قوة من أبناء القبائل يبلغ عددها 500 مقاتل.

يأتي هذا في الوقت الذي شنّت فيه الخارجية المصرية، أمس السبت، هجوماً على تركيا، متهمة إياها بالتدخل عسكرياً وسياسياً في شؤون دول عربية من دون أي سند شرعي وفي مخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي. وأعرب المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، أحمد حافظ، في بيان، عن اندهاشه إزاء تصريحات بعض المسؤولين الأتراك بشأن مدى شرعية الدعوات التي وجهتها بعض الأطراف الليبية أخيراً إلى مصر بطلب التدخل في النزاع.

اتهمت الخارجية المصرية تركيا بالتدخل عسكرياً وسياسياً في شؤون دول عربية من دون أي سند شرعي

وأشار إلى أن هذه الدعوات تمثل "مطالبة جهات ليبية منتخبة ومجتمعية بدعم مصري في مواجهة إرهاب وتطرف يتم جلبه إلى ليبيا من سورية بعد أن تم نشره في سورية عبر الحدود التركية السورية، وفي أرجاء مختلفة في المنطقة العربية". وأبدى تعجبه حيال ما وصفه بـ"مغامرة الإدارة التركية بمقدرات الشعب التركي عبر التدخل والتورط في أزمات الدول العربية لتعميقها وتعقيدها ولتغليب تيارات معينة لا لشعبيتها وإنما لمجرد تبعيتها الأيديولوجية لمن يسعى لترويجها على نحو يهدر موارد الشعب التركي". وشدد المتحدث على رفض مصر لـ"التدخلات التركية السياسية والعسكرية في الشأن العربي"، قائلا إن هذه التدخلات "تفتقر إلى أي سند شرعي بل وتنتهك قرارات مجلس الأمن، سواء كان ذلك في العراق أو في سورية أو في ليبيا". واختتم بالقول إن "الشعوب العربية تأبى أي مساعٍ أو أطماع لمن يريدون تسيير أمورهم لتحقيق مصالح وأهداف لا علاقة لهم بها".

المساهمون