عرب أميركا... انتظارات في مرحلة ترامب

11 نوفمبر 2016
مسلم أميركي يرفع لافتة مناوئة لترامب خلال الحملة الانتخابية(Getty)
+ الخط -

أيا تكن صورة المشهد في الأوقات التي ستلي الانتخابات الأميركية، ليس رئيسها المثير للجدل، دونالد ترامب، بل ما سيكون عليه الداخل الأميركي، ومن ذلك العرب والمسلمون الأميركيون، كبقية الأقليات في البلاد، حيث سيجدون أنفسهم مع يناير 2017 ضمن استحقاقات أخرى، وأسئلة ستكون بحجم القلق. إنها بكل الأحوال ديمقراطية بلاد "العم سام"... وقد جربها هؤلاء مرات عدة سابقاً.

صوّتت أغلبية العرب الأميركيين لصالح مرشحة الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، وذلك على الرغم من تحفظات لدى الكثيرين منهم، تتعلق بتأييدها لاجتياح العراق عام 2003 وتصريحاتها اليمينية تجاه القضية الفلسطينية وأمور أخرى تتعلق بشعور عام بعدم الثقة لدى الكثير من الناخبين الأميركيين تجاهها.

ويشير استطلاع للرأي قام به "المركز العربي الأميركي" في واشنطن، إلى أن أكثر من ستين بالمئة من العرب الأميركيين الذين أدلوا بأصواتهم في هذه الانتخابات قاموا بالتصويت لصالح مرشحة الحزب الديمقراطي، في حين صوت 26 بالمئة منهم لصالح دونالد ترامب، المرشح عن الحزب الجمهوري الذي فاز بالانتخابات.



ويلاحظ المركز أن العرب الأميركيين في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، بعد أحداث أيلول/ سبتمبر 2001، بدأوا يهجرون الحزب الجمهوري، بعدما كانت نسبة التصويت لصالحه بين العرب الأميركيين أعلى من نسبة التصويت لصالح الحزب الديمقراطي. ويعزو المختصون ذلك لأسباب عديدة، من بينها كون معدل الدخل عند العرب في الولايات المتحدة أعلى من المعدل القومي، ما يجعل تصويت عدد لا بأس به منهم لأسباب أقتصادية ورغبة بالحصول على نسبة ضرائب منخفضة، كما أن القيم المحافظة للحزب الجمهوري المتعلقة بمعارضة زواج المثليين وحق الإجهاض وغيرها كانت عامل جذب لهؤلاء.

لكن الخريطة وطريقة التصويت تغيّرت بين العرب الأميركيين بعد أحداث أيلول/ سبتمبر، بسبب ما عاناه الكثيرون منهم من عنصرية ومراقبة وتجسس من قبل أجهزة الدولة والشرطة عليهم، كما زيادة في العنصرية ضدهم، إضافة إلى احتلال العراق وغيرها.



مع ظهور ترامب وتقدمه المتزايد في استطلاعات الرأي وارتفاع وتيرة تصريحاته العنصرية، زادت نسبة الهجمات العنصرية المسجلة ضد المهاجرين، بمن فيهم العرب والمسلمون. وسط هذه الأجواء، كان خبر فوز ترامب بالانتخابات بمثابة صاعقة على ملايين الأميركيين، ومن ضمنهم الكثير من العرب الذين صوتوا كذلك ضده، وخاصة أن الفوز لم يكن متوقعا بحسب أغلب استطلاعات الرأي.

واحدة من هؤلاء سارة جبالي، وهي أميركية من أصول لبنانية تعيش في نيويورك، قالت لـ"العربي الجديد": "لقد ذهبت للنوم في حدود منتصف الليل ولم يكن الأمر محسوما بعد، وعندما أفقت في الصباح سمعت الخبر وشعرت بقبح شديد وألم. لا أستطيع أن أصدق أن كل هذا القبح ما زال في هذا البلد الذي كبرت به، وأن الناس مستعدة أن تنتخب شخصاً عنصرياً وذكورياً كارهاً لكل ما هو مختلف عنه. إنه شخص نصاب ديماغوغي، وأغلب الأميركيين انتخبوا شخصاً يمثلهم مع كل هذه الصفات القبيحة... في أي زمن نعيش؟ إنه زمن الفاشية...".



أما المغربية ريم الرزقي، المولودة في فرجينيا بالقرب من واشنطن العاصمة، فقد عبّرت عن قلقها الشديد، لأن والدتها تلبس الحجاب، وقالت إن ذلك "يجعلها أكثر عرضة لهجمات عنصرية، وخاصة أن الأجواء أصبحت متوترة جدا ونحن نشهد تصاعداً في نسبة الهجمات، وهذا لا يطمئن".

طلال، من اليمن، والذي يعمل مع والده في محل للبقالة في منطقة بروكلين في نيويورك، قال إنه "صوّت لترامب لأسباب عديدة، من بينها أنه سينهي الحرب في اليمن". وأضاف "كنت أشعر بخيبة أمل كبيرة وخوف من أنه لن يحقق الفوز. شعرت بالسعادة لفوز ترامب، كذلك لأننا ندفع الكثير من الضرائب وهو سيساعد على خفضها. إن الضرائب العالية أتعبتنا وكلينتون مثلها مثل باراك أوباما الذي وعد بالكثير ولكن لم يتحسن الكثير".

وعلى الرغم من أن أوباما تمكن من إخراج الاقتصاد الأميركي من ركوده وخفض نسبة البطالة، لتصل إلى أقل من سبعة بالمئة، إلا أن هذا التحسن لا ينعكس بالضرورة على حياة الأغلبية، بسبب غلاء المعيشة وعدم انعكاس ذلك بالضرورة على ارتفاع في الرواتب لمعظم الأميركيين. كما لم يف أوباما بوعوده بتحسين البنية التحتية.

تعاني الولايات المتحدة، مقارنة بدول صناعية أخرى، من مشاكل جذرية ومرهقة في ما يخص بنيتها التحتية، من جسور وشوارع وقطارات ومطارات وغيرها. ويشعر أولئك الذين يسكنون في ضواحي المدن الكبيرة ويتنقلون بشكل يومي إلى تلك المدن للعمل، بحجم تلك المشاكل وسوء تلك البنية التحتية والمواصلات.

  • إغفال
تطرح الكثير من الأسئلة عن السبب وراء إغفال استطلاعات الرأي نسبة عالية ومهمة من الناخبين الأميركيين، وهم الطبقة العاملة البيضاء، والذين تصل نسبتهم إلى حوالي 45 بالمئة من المجتمع الأميركي. ويتساءل البعض إلى أي مدى أصبحت الطبقة الحاكمة، بما فيها الإعلام والجهات التي تنظم استطلاعات الرأي إلخ، بعيدة كل البعد عن شرائح واسعة من الأميركيين الذين لا يعيشون بالضرورة بالمدن الكبيرة، وإلا كيف يمكن تفسير عدم عكس تلك الاستطلاعات لمزاج تلك الشريحة بما فيه الكفاية. 

المتغيّرات الأخرى هي زيادة القلق بين الأميركيين العرب مما سيحمله قادم الأشهر والسنوات على معظم هؤلاء الذين لم يصمت ترامب يوما عن استهدافهم، وبالتحديد على "المسلمين". بينما ينقسم عرب أميركا بين متفائل حول قدرات ترامب الخارقة والخوف من "خرجاته" غير المحسوبة.


المساهمون