عربي في جامعة بورنموث

01 نوفمبر 2015
ريان علي، باحث سوري في علوم الكومبيوتر(العربي الجديد)
+ الخط -
الدكتور ريان علي أستاذ محاضر في علوم الحاسب الآلي ورئيس البحث العلمي في قسم الحاسبات والمعلوماتية في جامعة بورنموث في المملكة المتحدة، وقد حصل على درجة الدكتوراه في هندسة البرمجيات من جامعة تورينتو بإيطاليا. كما شغل منصب زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في جامعة تورينتو ثم المعهد الأيرلندي لبحوث هندسة البرمجيات في جامعة ليمريك في جمهورية إيرلندا.
وتركز أبحاثه على هندسة المعلوماتية الاجتماعية، أي التصميم المنهجي للحلول القائمة على البرمجيات بهدف تلبية الاحتياجات الاجتماعية وخلق حالة من التكامل في نسيج النظام الاجتماعي والتقني. أمثلة ذلك ما قام به مع عدد من الباحثين في إمكانية الحد من الإدمان الرقمي من خلال تطبيق رسائل تفاعلية تحذيرية على الهواتف والأجهزة اللوحية لتساعد المستخدم على ضبط استخدامه، شبيهة بتلك التي توضع على علب السجائر محذرة من مخاطر التدخين.
يرى الدكتور ريان أنه لا يوجد حالياً تعريف مجمع عليه للإدمان الرقمي أو اتفاق على ما يمكننا اعتباره إدمانا بالمعنى التقليدي، لكن هذا المفهوم الجديد هو حالياً محل تمحيص ودراسة في عدة مراكز بحثية على مستوى العالم. ويضيف الدكتور ريان أنه: "في مركز دراساتنا نعرّفه على أنه الاستخدام غير الصحي للأجهزة الرقمية المرتبط بخصائص معينة كالاستخدام المفرط، المتسرع بدون تفكير مسبق، والواقع تحت تأثير الرغبة غير المسيطر عليها وغير المرتكز على غاية أخرى، أي الاستخدام بهدف الاستخدام. والأبحاث صنفت الإدمان الرقمي في عدة أشكال وذلك يتضمن الإدمان على الجنس الإلكتروني، الألعاب الرقمية، والعلاقات الافتراضية في مواقع التواصل الاجتماعي. في بعض الحالات تتشابه أعراض الإدمان الرقمي مع تلك المرافقة لإدمان المخدرات والكحول والتدخين. ومع ذلك، في حين أن القانون عادة يلزم منتجي السجائر باعتماد رسائل تحذيرية لرفع مستوى الوعي وتحذير المستهلكين من آثار التدخين، لا شيء من هذا مطبق حالياً في إنتاج التكنولوجيات الرقمية وشبكة الإنترنت".
ما هو الاختراع الجديد وما هي أهميته اجتماعيا؟
الدكتور ريان علي يرأس فريقا من الباحثين في جامعة بورنموث Bournemouth University في المملكة المتحدة، يعمل على تصميم حلول برمجية لتجنب الإدمان الرقمي المرتبط بشبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي من خلال استحداث برمجيات يمكن أن تحذر مستخدميها من مخاطر الاستهلاك المفرط للتكنولوجيا.
وفقا للدراسة التي أجراها الدكتور ريان وفريقه، فإن هناك رغبة وحاجة من قبل المستخدمين إلى آلية تحذيرية من هذا النوع للهواتف والأجهزة اللوحية. ثلاثون بالمائة من الذين شملتهم الدراسة اعتقدوا أن هذه التقنية أصبحت حاجة ملحة في حين اعتقد خمسون بالمائة أن هذه
التقنية قد تكون مفيدة وأرادوا رؤيتها وتجريبها.
هذه التقنية التحذيرية، وخلافاً لتلك التي عادة ما تكون على علب السجائر، يمكن تصميمها لتكون تفاعلية وذكية وقادرة على انتقاء الوقت والطريقة الملائمة لتنبه المستخدم. الحلول الممكنة لا تتضمن فقط نصوصا وصورا بل أيضاً تفاعليات خلاقة كتغيير لون الشاشة ومستوى إضاءتها لتعكس مدة الاستخدام وحث المستخدم على أخذ استراحة، وإرسال إحصائيات للمستخدم عن مدة استخدامه للإنترنيت شبيهة بفاتورة استخدام الطاقة أو الرصيد البنكي، وكيف يقارن استخدامه بأقرانه... بالإضافة إلى ارتجاج بسيط على الهاتف أو لوحة المفاتيح أو النظارات ثلاثية الأبعاد كتنبيه خصوصا لمستخدمي الألعاب، وغيرها بشكل عام.
يقول الدكتور ريان: إن أبحاثنا أشارت إلى أن النسبة الأكبر من المستخدمين تفضل التحذير المبني على الإقناع و ليس الحجر أو الإجبار. البحث يركز حالياً على إعطاء المستخدم الحرية في تحديد شكل ومحتوى هذه الرسائل بالطبع مع مراعاة الهدف الأساسي منها وبدون إنقاص فاعليتها.
أهمية هذا المفهوم الجديد تنبع مما أظهرته الدراسات الحديثة أن الاستخدام المفرط للأجهزة الرقمية يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الإبداع والاكتئاب وفقدان الاتصال مع الواقع.
ويركز الدكتور ريان والفريق الذي يقوده على أن معالجة الإدمان التكنولوجي مسؤولية اجتماعية على منتجي التكنولوجيا الرقمية ومسوقيها، ولابد من الدعوة إلى تغيير السياسات في إنتاج الوسائط الرقمية بحيث تساعد الناس على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن استخدامهم لها وتجنيبهم الإدمان الرقمي. وقال إنه يود أيضا أن يرى المزيد من الوعي العام من الآثار الجانبية المحتملة للاستخدام المفرط للتكنولوجيا، أو على الأقل تشجيع الناس على إجراء عملية تقييم ذاتي لطبيعة استخدامهم لها.
ويرى الدكتور ريان أن مواقع التواصل الاجتماعي حققت قفزة في تفكيرنا وقدرتنا على الاتصال وفهم بعضنا الآخر على نطاق واسع وسريع، وذلك قد يساهم في مجتمع أكثر تجانسا وقدرة على التحليل واستيعاب الاختلاف. ولكن المشكلة التي نحاول حلها هي عندما يصبح هذا
الاستخدام مرَضيا وخارج دائرة الوعي. كثير من المشتركين بدراساتنا والتي تمت بشكل أساسي في المملكة المتحدة، أشاروا إلى أن استخدامهم للفيسبوك أثر على راحتهم ونومهم وقدرتهم على التركيز في المحاضرات والحوارات وأصبح مصدرا للقلق.
إن مصدر هذا غير متعلق بالمستخدم فحسب بل أيضا بأقرانه على الشبكة الاجتماعية، إذ إن هذا الوسط الاجتماعي الدائم الانعقاد يبقيهم في حالة ترقب دائم وإحساس بأنهم ربما افتقدوا شيئاً مهماً أو حدثً ما تم ذكرهم فيه فيما لو خرجوا منه ليعملوا أشياء أخرى وما إلى ذلك. باختصار، تصميم التكنولوجيا الرقمية لم يعط كثيرا من الاعتبار لهذه الأبعاد الاجتماعية ذات الآثار الجانبية، وهذا ما نحاول تغييره.
في ما يتعلق بالبحث ونتائجه ومدى قابلية تطبيقه في العالم العربي، نحن ندرك أن هناك اختلافات ثقافية ومجتمعية يجب اعتبارها عند تصميم الحلول لمشكلة الإدمان الرقمي.

المساهمون