قبل أيام، شاركت علياء رأفت (36 عاماً) في ورشة تدريب للتصوير الصحافي عُقدت في أمستردام لمدة ستة أشهر متواصلة. لدى عودتها إلى المنزل، استقبلتها جارتها قائلة: "هل حصلت على شهادة؟ أصلاً، ماذا فعل أولئك الحاصلين على شهادات بشهاداتهم"؟. اعتادت علياء على مواجهة سخرية الجارة وتهكّمها على طبيعة عملها، منذ بدأت العمل في مجال التصوير الصحافي قبل نحو 10 سنوات في عدد من الصحف الخاصة في مصر.
أحياناً، تردّ علياء، وأحياناً تلتزم الصمت بعدما تصدمها الكلمات. إلا أن الضغوط الاجتماعية المتعلقة بطبيعة عملها، إضافة إلى ضغوط أخرى، دفعتها إلى استشارة معالج نفسي أكثر من مرة. علياء في نظر الجارة فاشلة، وقد تجاوزت السادسة والثلاثين من دون زواج. وهي لم تسلم من الكرّ والفرّ خلال التظاهرات والأحداث السياسية التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني في عام 2011. تشفق الجارة على علياء حين تجدها عائدة من عملها في ساعة متأخرة من الليل، حاملة على ظهرها حقيبة سوداء فيها معدات التصوير، إضافة إلى كاميرتها الخاصة التي تعلقها في رقبتها.
اقــرأ أيضاً
تقول علياء: "أعلم أنني فاشلة في نظر أهلي وجيراني ومجتمعي، وفي نظري أحياناً. جميع أشقائي وصديقاتي تزوجوا. أعلم أنني انشغلت سنوات طويلة في مطاردة حلمي بأن أصبح مصورة صحافية، ما أثّر على جوانب أخرى في حياتي".
نظرة الشفقة حيال علياء ليست الوحيدة التي تشكّل ضغطاً عليها. تقول: "حين أكون مكلفة بعمل ميداني كتغطية حدث في الشارع، لا أسلم من الرجال ونظراتهم إلى جسدي، علماً أن طبيعة عملي تجبرني على ارتداء بنطال جينز وحذاء رياضي دائماً".
تمييز آخر تواجهه علياء في المؤسسة التي تعمل فيها. تقول إن مديريها يفضلون تكليف صحافيين رجال ببعض المهام، خصوصاً تلك التي تتطلب سفراً. ويحصل المكلّف على حوافز مالية إضافية. كذلك، نادراً ما يستعان بها لتغطية فعاليات رياضية، أو المشاركة في دورات تدريبية في الخارج.
وحلّت مصر في مركز متدنٍ في ترتيب الفرص الاقتصادية المتاحة للنساء، بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي في الثالث من مارس/آذار الجاري. وبحسب التقرير، "لم يطرأ أي تغيّر ملموس على وضع المرأة منذ إصدار تقرير البنك السابق في عام 2010 عن المساواة بين الجنسين". وعلى الرغم من المكاسب التي تحققت في بعض الأصعدة، لا سيما التعليم والرعاية الصحية ومعدلات البقاء على قيد الحياة والتمكين السياسي، فإنّ الفجوة الاقتصادية لم تتغير.
وجاء ترتيب مصر في المركز 135 من بين 141 بلداً في مجال المساواة بين الجنسين، لناحية المشاركة والفرص الاقتصادية. ويبيّن التقرير أن هناك تمثيلاً غير متناسب للنساء في القطاع العام والاقتصاد غير الرسمي.
وضع غادة محمود، في العقد الخامس من العمر، لا يختلف عن علياء، وإن كانت ظروف وطبيعة العمل مختلفة. غادة التي تعمل مدرسة، هي أرملة وأم لطفلين أحدهما مصاب بفشل كلوي لا تفارقه القسطرة البولية. تقول غادة: "على الرغم من ظروفي الصعبة، ومعرفة المقرّبين مني بحالة إبني الصحية، تستمر الضغوط لأتزوج. سئمت من نصائح من حولي: تزوجي يا ابنتي، فما زلت صغيرة، أو تحتاجين إلى رجل يعينك، وما إلى ذلك من كلام مصحوب بعروض زواج من رجال كبار في السن أو مطلقين أو أرامل".
في المدرسة حيث تعمل غادة، يتفهم معظم زملائها ظروفها، ويساعدونها بشتى الوسائل، كتوزيع جداول حصص التعليم، ويتسامحون معها في حال اضطرتها الظروف إلى التغيب أو التقصير. ويعرضون عليها مساعدات مالية. راتب غادة لا يتجاوز ألفي جنيه (نحو 111 دولار أميركي) شهرياً، وعليها تأمين مسكن وطعام وعلاج وتعليم طفليها في المرحلة الابتدائية. لكنها تحاول الصمود من أجلهما، ويساعدها أهلها و"أولاد الحلال" الذين يتحملون عنها الكثير من أعباء الحياة، كما تقول. وسط ذلك، لا تكف غادة عن السعي للعثور على متبرّع بكلية لابنها.
غادة واحدة من ملايين العاملات في مصر اللواتي يشكلن 22.9 في المائة من إجمالي قوة العمل (15-64 عاماً) وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري الصادرة في عام 2016.
وترى منظمة العمل الدولية أن ميل النساء إلى دخول سوق العمل والبقاء فيه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمراعاة النوع الاجتماعي في مكان العمل، وبالقواعد المتبعة بشكل عام، من بينها مدى ملاءمة ظروف السلامة والصحة لحماية النساء الحوامل والأمهات المرضعات في مكان العمل، أو اتخاذ تدابير للحد من التحرش الجنسي والتمييز في مكان العمل، أو توفير إجازات للأمهات والآباء لرعاية أطفالهم.
أحياناً، تردّ علياء، وأحياناً تلتزم الصمت بعدما تصدمها الكلمات. إلا أن الضغوط الاجتماعية المتعلقة بطبيعة عملها، إضافة إلى ضغوط أخرى، دفعتها إلى استشارة معالج نفسي أكثر من مرة. علياء في نظر الجارة فاشلة، وقد تجاوزت السادسة والثلاثين من دون زواج. وهي لم تسلم من الكرّ والفرّ خلال التظاهرات والأحداث السياسية التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني في عام 2011. تشفق الجارة على علياء حين تجدها عائدة من عملها في ساعة متأخرة من الليل، حاملة على ظهرها حقيبة سوداء فيها معدات التصوير، إضافة إلى كاميرتها الخاصة التي تعلقها في رقبتها.
تقول علياء: "أعلم أنني فاشلة في نظر أهلي وجيراني ومجتمعي، وفي نظري أحياناً. جميع أشقائي وصديقاتي تزوجوا. أعلم أنني انشغلت سنوات طويلة في مطاردة حلمي بأن أصبح مصورة صحافية، ما أثّر على جوانب أخرى في حياتي".
نظرة الشفقة حيال علياء ليست الوحيدة التي تشكّل ضغطاً عليها. تقول: "حين أكون مكلفة بعمل ميداني كتغطية حدث في الشارع، لا أسلم من الرجال ونظراتهم إلى جسدي، علماً أن طبيعة عملي تجبرني على ارتداء بنطال جينز وحذاء رياضي دائماً".
تمييز آخر تواجهه علياء في المؤسسة التي تعمل فيها. تقول إن مديريها يفضلون تكليف صحافيين رجال ببعض المهام، خصوصاً تلك التي تتطلب سفراً. ويحصل المكلّف على حوافز مالية إضافية. كذلك، نادراً ما يستعان بها لتغطية فعاليات رياضية، أو المشاركة في دورات تدريبية في الخارج.
وحلّت مصر في مركز متدنٍ في ترتيب الفرص الاقتصادية المتاحة للنساء، بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي في الثالث من مارس/آذار الجاري. وبحسب التقرير، "لم يطرأ أي تغيّر ملموس على وضع المرأة منذ إصدار تقرير البنك السابق في عام 2010 عن المساواة بين الجنسين". وعلى الرغم من المكاسب التي تحققت في بعض الأصعدة، لا سيما التعليم والرعاية الصحية ومعدلات البقاء على قيد الحياة والتمكين السياسي، فإنّ الفجوة الاقتصادية لم تتغير.
وجاء ترتيب مصر في المركز 135 من بين 141 بلداً في مجال المساواة بين الجنسين، لناحية المشاركة والفرص الاقتصادية. ويبيّن التقرير أن هناك تمثيلاً غير متناسب للنساء في القطاع العام والاقتصاد غير الرسمي.
وضع غادة محمود، في العقد الخامس من العمر، لا يختلف عن علياء، وإن كانت ظروف وطبيعة العمل مختلفة. غادة التي تعمل مدرسة، هي أرملة وأم لطفلين أحدهما مصاب بفشل كلوي لا تفارقه القسطرة البولية. تقول غادة: "على الرغم من ظروفي الصعبة، ومعرفة المقرّبين مني بحالة إبني الصحية، تستمر الضغوط لأتزوج. سئمت من نصائح من حولي: تزوجي يا ابنتي، فما زلت صغيرة، أو تحتاجين إلى رجل يعينك، وما إلى ذلك من كلام مصحوب بعروض زواج من رجال كبار في السن أو مطلقين أو أرامل".
في المدرسة حيث تعمل غادة، يتفهم معظم زملائها ظروفها، ويساعدونها بشتى الوسائل، كتوزيع جداول حصص التعليم، ويتسامحون معها في حال اضطرتها الظروف إلى التغيب أو التقصير. ويعرضون عليها مساعدات مالية. راتب غادة لا يتجاوز ألفي جنيه (نحو 111 دولار أميركي) شهرياً، وعليها تأمين مسكن وطعام وعلاج وتعليم طفليها في المرحلة الابتدائية. لكنها تحاول الصمود من أجلهما، ويساعدها أهلها و"أولاد الحلال" الذين يتحملون عنها الكثير من أعباء الحياة، كما تقول. وسط ذلك، لا تكف غادة عن السعي للعثور على متبرّع بكلية لابنها.
غادة واحدة من ملايين العاملات في مصر اللواتي يشكلن 22.9 في المائة من إجمالي قوة العمل (15-64 عاماً) وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري الصادرة في عام 2016.
وترى منظمة العمل الدولية أن ميل النساء إلى دخول سوق العمل والبقاء فيه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمراعاة النوع الاجتماعي في مكان العمل، وبالقواعد المتبعة بشكل عام، من بينها مدى ملاءمة ظروف السلامة والصحة لحماية النساء الحوامل والأمهات المرضعات في مكان العمل، أو اتخاذ تدابير للحد من التحرش الجنسي والتمييز في مكان العمل، أو توفير إجازات للأمهات والآباء لرعاية أطفالهم.