عجيب أمر الدولجية وإعلام السلطة
عجيب أمر "الدولجية"، وإعلام التضليل الذي يحركه العسكر، يقيمون الأفراح والليالي الملاح، إن صدر تصريح من أحد أعضاء الكونغرس، أو أي مسؤول أميركي، يطالب فيه بدعم عبد الفتاح السيسي، الحليف الاستراتيجي لأميركا. عجيب فعلاً أمر "الدولجية"، وأنصار الفاشية العسكرية... يطبّلون لكل أميركي ينتقد أوباما، بغض النظر عن انتمائه وأفكاره، عجيب أمر وسائل إعلام المخابرات الحربية و"سريحة العواطلية" الذين يطلقون على أنفسهم لقب "خبراء استراتيجيين". يتحدثون، طول الوقت، عن المؤامرات الكونية، ضد السيسي، وكيف أن الغرب يكره مصر، ويحاول تفكيك المنطقة، في حين أن الإعلاميين والخبراء العسكريين الإستراتيجيين، أنفسهم، يتفاخرون بأي تصريح أميركي بأن السيسي حليف إستراتيجي.
مثلاً، احتفلت وسائل الإعلام المصرية، أخيراً، بتصريحات لجيب بوش، شقيق جورج بوش، الرئيس السابق للولايات المتحدة، أبدى فيها إعجابه بالسيسي ودعا إلى المزيد من دعمه، وكذلك تحتفل وسائل الإعلام المصرية، وباقي المطبلين بأي مقالة يكتبها السيسي أو أحد أنصاره في أي جريدة أميركية قريبة من الحزب الجمهوري.
عجيبٌ أمر هذا الفصام أو النفاق الذي يعاني منة "الدولجية"، وأنصار السيسي، ففي الوقت الذي يحاولون خداع الشعب وإيهامه بأن السيسي حامي حمى العروبة، ويتصدى للمؤامرات المزعومة وحروب الجيل الرابع، نجدهم يخطبون ود الجمهوريين وحزب الشاي، واللوبي الصهيوني "أيباك"، ونجد الوفود الرسمية المصرية وشبه الرسمية تطلب دعم الجمهوريين و"أيباك" في الكونغرس، بل تدفع الحكومة المصرية الملايين لشركات الدعاية الأميركية، من أجل تحسين صورة السيسي، ومن أجل شراء حلفاء لهم داخل أميركا، وهناك تقارير عديدة تتحدث عن ذلك.
عجيب أمر العسكر الذين يحكمون مصر الآن، يستغلون عدم معرفة أغلبية الناس بعملية صناعة القرار المعقدة في أميركا، فهذه الدولة، ليست كتلة واحدة، كما يصور لنا إعلام السلطة، أو خبراء الجهل والنفاق العسكريين، بل هناك حكومة أميركية وشعب أميركي، وهناك منظمات حكومية ومنظمات غير حكومية، وهناك مراكز أبحاث وجماعات ضغط لأهداف مختلفة، وهناك حركات شبابية احتجاجية، وهناك البيت الأبيض والكونغرس والبنتاغون، وهناك الحزب الجمهوري. كل هؤلاء يشاركون في صنع القرار داخل أميركا بنسب مختلفة وليس أوباما وحده.
وعلى الرغم من اتفاق الديمقراطيين والجمهوريين على الأهداف الاستراتيجية، والأهداف العامة، إلا أن هناك خلافاً كبيراً في التنفيذ، فمثلاً، تجد الديمقراطيين مع تدخل الدولة بشكل ما في المنظومة الصحية والاجتماعية والدعم، وتجد الجمهوريين، حلفاء السيسي، ضد ذلك ويؤيدون السوق الحرة، بدون أي ضوابط أو رعاية اجتماعية. وتجد الجمهوريين، حلفاء السيسي، مع الحق المطلق لإسرائيل في الاعتداء على الفلسطينيين، وتجد الجمهوريين، حلفاء السيسي، هم من دعوا نتنياهو لإلقاء خطاب في الكونغرس، عنادا لأوباما والبيت الأبيض. وتجد، أيضاً، أن الجمهوريين، حلفاء السيسي، هم من يؤيدون التدخل العسكري الأميركي المباشر، عكس أوباما، فهم من يؤيدون ضرب إيران لحماية إسرائيل، في حين أن الديمقراطيين يؤيدون الحل الدبلوماسي والمفاوضات، وتجد أن معظم الحروب الأميركية، وغزو العراق تم في عهد الجمهوريين حلفاء السيسي.
ومن أكاذيب يروجها إعلام السيسي وخبراء الجهل والتضليل العسكريين أن داعش صناعة أميركية، لتفتيت المنطقة، وهذا تسطيح وتضليل متعمد، فصحيح أن أميركا ساهمت في إنشاء تنظيم القاعدة "أصل داعش"، لكن داعش يعتبر انشقاقا عن القاعدة. وهناك أيضا دول عربية ساهمت في دعم تنظيم القاعدة في السبعينيات. وهناك من يتجاهل أن الفكر الداعشي إنتاج محلي وليس أميركيا، وهناك من يدعم داعش عن طريق القمع وإحباط الشباب، ليتجه إلى العنف، للأسف الشديد.
أمثال السيسي ومعاونيه، وإعلامه، هم من يصنعون الدواعش، ثم يتحدثون عن المؤامرة، على الرغم من صداقتهم بالجمهوريين واللوبي الصهيوني.