عبد الكريم جويطي: تاريخ "المغاربة" الذي نلاحقه

19 ديسمبر 2016
(طنجة في بداية ثلاثينيات القرن الماضي)
+ الخط -

هل بدأ الروائيون المغاربة يتصالحون مع تاريخهم وماضيهم؟ هل أمسى التاريخ "أفقاً تخييلياً" قابلاً للاستيعاب في المتن الروائي المغربي؟ كيف يفكّر هذا الأخير في ماضيه وكيف يبلوره ضمن مشروعه التخييلي؟

هي بعض من أسئلة الروائي المغربي عبد الكريم جويطي التي قدّمها في ندوة عُقدت مؤخراً نظّمها "منتدى أطلس للثقافة والفنون" في مدينة خنيفرة المغربية، حول روايته الجديدة التي تحمل عنوان "المغاربة" (صادرة عن "المركز الثقافي العربي"، 2016)، والتي التفتت إليها قراءات نقدية عدّة منذ صدورها، وتأتي في سياق تجربته السردية التي بدأها منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي ضمن موجة جديدة في الرواية المغربية أظهرت أسماء مثل: عبد الرحيم لحبيبي وزكريا أبو ماريا وعبد الجليل الوزاني.

يشير جويطي إلى أنه حلم أن يكتب نصاً روائياً عن المغاربة، من خلال سؤال استفزازي طرحه على نفسه: ما معنى أن تكون مغربياً اليوم؟ وهو السؤال الذي جعله يبلور متناً روائياً متشعّباً يوازي الوقائع التاريخية بمتخيّل مفتوح الاحتمالات والمسارات.

منذ روايته "ليل الشمس" عام 1992، تتالت أعماله التي تبحث في مساحات حرجة في الراهن المغربي، وهي: "زغاريد الموت" (1996)، و"الموريلا الصفراء" (2002)، و"كتيبة الخراب" (2007)، وهي جميعها توسّع هامش نقاشها النقدي لمتن يحتشد بأحداث سياسية واجتماعية وثقافية بارزة وتحيل إلى كثير من المناطق المسكوت عنها في الواقع.

راكم جويطي مقارباته للراهن وتناقضاته، من قوارب الموت التي تقلّ أبناء وطنه الحالمين بحياة أفضل في المهجر، إلى الوضع السياسي بمفارقاته التي لا تنتهي، والصراعات المركّبة داخل المجتمع، وفي كل مرة يقرن الوقائع التاريخية بالمحطّات المعاصرة في ربط استعاري للعبور إلى أكثر الأسئلة إلحاحاً عند المثقف المغربي اليوم.

في روايته "المغاربة" يتبلور صوتان؛ الأول صوت المدينة من خلال حكاية الأعمى والمعطوب، والثاني صوت التاريخ في ارتباطه بالأمكنة والوقائع. ولعلّ إيمانه بمقولة الروائي المكسيكي كارلوس فوينتس في أن الرواية "إمبراطورية الريبة" جعله يختار نصاً روائياً يطرح أزمة "الهوية" وإشكالياتها في مواجهة قاسية تعتمد الشك وتتخلّى عن المقولات التوفيقية التجميلية.

في اللقاء أشار جويطي إلى أن رواية "المغاربة" تنهل من طقوس المغاربة على اختلافها وتشعبها، مبيّناً أن على الروائي أن يأخذ الوقت الكامل لكتابة نصه، نظراً إلى تعدّد مرجعيات الكتابة واحتياجاتها المعرفية، كما أنه مطالب أن يبتعد عن هواجس الجوائز وأطماعها. كما أشار إلى أنه "يلاحق التاريخ الذي بقي فينا، هذا التاريخ لكي نتحرّر منه يجب أن نتحدّث عنه بجرأة والرواية هي النص الأجناسي المؤهل لهذا الفعل".

دلالات
المساهمون