عبد الفتاح ماضي: كيف أخفقت الثورة

22 مارس 2020
+ الخط -

في كتابه "عثرات في الميدان: كيف أخفقت ثورة يناير في مصر؟"، الصادر حديثاً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، يستعيد الباحث المصري عبد الفتاح ماضي مسار ثورة المصريّين المتعثّر ضدّ نظام مبارك، باعتباره جزءاً من نضالٍ ممتدّ في التاريخ المصري من أجل التغيير، وحدثًا أداره عدّة فاعلين داخليّين وخارجيّين بقناعات ومصالح مختلفة، وفي سياقات إقليمية ودولية لم تكُن في صالح الثورة.

يُحاول الكتاب فهم التحوّلات الكبرى التي طرأت على مسار ثورة 25 يناير 2011، كما يبحث في مجموعة من القضايا المحورية المرتبطة بها؛ مثل: دور النخب وجنرالات الجيش في الثورة، والعامل الخارجي والديمقراطية في مصر، وقضايا الهوية والتغيير في البلاد.

يتوزّع العمل على سبعة فصول، يستعرض الأوّل "مقدّمات ثورة 25 يناير"، متمثّلةً خصوصاً في إرث حسني مبارك السياسي والاقتصادي؛ حيثُ يوضّح كيف عمد نظامه إلى إغلاق سُبل الإصلاح السياسي وإفساد الحياة السياسية، وهو ما أدّى إلى انتفاض قطاعاتٍ واسعة من المصريّين ضدّ حُكمه في مظاهراتٍ شعبية انتهت بإسقاط الرئيس والحزب الحاكم. في هذا الفصل، يُضيء المؤلّف، أيضاً، على الدور الذي لعبته الجماعات الشبابية والحركات الاجتماعية والعمّالية والمنظّمات المدنية والسياسية ووسائل التواصل الاجتماعي في تعبئة الشارع ضدّ مبارك.

يقف الفصل الثاني عند "اندلاع الثورة وردّ النظام"؛ مستعرضاً مسار ردود فعل السلطة على الحراك الشعبي؛ بدءاً بالتهوين من أمره في البداية، مروراً بخطابات التهديد وقمع المتظاهرين، ووصولاً إلى آخر محاولات التشبُّث بالسلطة وبدايات تدخُّل الجيش في المشهد.

ويرصد الفصل الثالث "تحوّلات الثورة المصرية" من خلال البحث في الطريقة التي أدار بها الفاعلون السياسيّون الرئيسيّون المرحلة الانتقالية التي تلت إسقاط مبارك (12 شباط/ فبراير 2011 - 30 حزيران/ يونيو 2013)، موضحّاً كيف انفرد "المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة الدولة، مسلّطاً الضوء على سلوكات القوى السياسية التقليدية التي تصدّرت المشهد، إلى جانب غياب الحوار والتوافقات الكبرى.

ويضيء هذا الفصل على تحوُّل ثورة يناير من كونها "انتخابية" إلى "مضادة"؛ من خلال عرض الطريقة التي أوقف بها جنرالات المجلس العسكري المسار الديمقراطي، وقادوا ثورةً مضادة أطاحت المكتسبات القليلة التي حققتها ثورة يناير، وأقامت نظامًا يقوم على الصراع الصفري مع القوى التي لا تصطف مع النظام. كما يوضّح كيف كانت اختيارات النخب تعكس قناعاتٍ مغلوطة، أو مقدّمات أيديولوجية متحجّرة، أو مصالح ضيقة، أو شيئاً من كلّ ذلك.

في الفصل الرابع، يتوقّف الكتاب عند "محاولات الحوار الوطني" التي جرت في مراحل مختلفة؛ بدايةً بالحوار الذي بدأته جماعة الإخوان المسلمين قبل اندلاع الثورة بأشهر واستمرّ في الشهور الأولى للثورة، وتُوّج بما سُمّي "وثيقة التحالف الديمقراطي"، مروراً بحوارات المجلس العسكري الحاكم، ولقاء "فيرمونت" وانتخاب الرئيس محمد مرسي، إضافة إلى الحوارات التي أجراها الأخير، ثم بعض المبادرات التي قُدمت بعد 30 حزيران/ يونيو 2013.

ويُخصّص المؤلّف الفصلَ الخامس من كتابه لـ "التجربة الدستورية بعد الثورة"؛ حيثُ يستعرض مختلف الوثائق الدستورية التي ظهرت في مرحلة المجلس العسكرية؛ وهي الإعلان الدستوري في 13 شباط/ فبراير 2011، والتعديلات الدستورية التي مسّت تسع مواد من دستور 1971، والإعلان الدستوري في 30 آذار/ مارس 2011، ثم الإعلانَان الدستوريّان اللذان يعدّلان إعلان 30 آذار/ مارس (في 25 أيلول/ سبتمبر و19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011)، وأخيراً الإعلان الدستوري المكمّل في 17 حزيران/ يونيو 2012.

ويستعرض هذا الفصل، أيضاً، الوثائق الدستورية التي ظهرت في مرحلة مرسي؛ وهي الإعلان الدستوري في 12 آب/ أغسطس 2012 الذي ألغى الإعلان الدستوري الصادر في 17 حزيران/ يونيو 2012، والإعلان الدستوري في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، ودستور 2012.

وأخيراً، يستعرض الوثائق الدستورية التي ظهرت في مرحلة ما بعد 30 حزيران/ يونيو 2013؛ ويتعلّق الأمر ببيان القوات المسلحة في 3 تموز/ يوليو 2013، والإعلانَين الدستوريين اللذين صدرا في5 و7 تموز/ يوليو 2013)، ثمّ دستور 2014.

ويتوقّف الفصل السادس عن العلاقة بين "جنرالات الجيش وثورات الشعب"؛ حيث يستعرض علاقة مجموعةٍ من جنرالات الجيش المصري بثورة يناير. ومن خلال عرض حالاتٍ من خارج البلاد العربية، يوضّح المؤلّف سبب استيلاء العسكريّين على السلطة وطريقة خروجهم منها، وطبيعة الحكم العسكري، قبل أن يعود إلى الحالة المصرية، ليُقدّم جذور تدخّل العسكريّين في السلطة وتنامي أدوارهم على الصعيدَين السياسي والاقتصادي، كما يُخصّص جانباً من هذا الفصل للحديث عن المغالطات التي مارسها الإعلام المصري بعد 30 حزيران/ يونيو 2013 حول دور الجيش، ليخلُص إلى المخاطر التي تترتّب عن طبيعة النظام الاقصائية والبوليسية؛ على الثورة والحياة السياسية أوّلاً، وعلى المؤسّسة العسكرية ذاتها ثانياً، وعلى الأمن القومي العربي ثالثاً.

ويُقدّم الفصل السابع والأخير قراءةً في "العوامل الخارجية والثورة المصرية"، بالوقوف عن بعض الأدوار الدولية والإقليمية في مسار الثورة المصرية، مثل موقف القوى الغربية من مسألة الديمقراطية في البلدان العربية قبل ثورات 2011، وموقف الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وروسيا من الثورة المصرية، ودعم القوى الإقليمية نظامَ ما بعد 30 حزيران/ يونيو 2013، إضافةً إلى أثر استخدام خطاب الحرب على الإرهاب واستراتيجياته في مسار الثورة.

يُذكر أنّ عبد الفتاح ماضي هو منسق "مشروع التحول الديمقراطي" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات". حاصل على دكتوراه في العلوم السياسية والماجستير في الدراسات الدولية من جامعة كليرمونت للدراسات العليا في لوس أنجلس بالولايات المتحدة الأميركية. شغل وظيفة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإسكندرية، وله دراسات عدّة في نظم الحكم والتحول الديمقراطي، وعلاقة الدين بالسياسة، والصراع العربي - الصهيوني، وحقوق الإنسان، والحريات الأكاديمية. صدر له: "الدين والسياسة في "إسرائيل""، و"العنف والتحول الديمقراطي في مصر بعد الثورة"، و"عمليات الحوار بعد انتفاضات 2011 العربية".

المساهمون