رحيل الممثل عبد الحسين عبد الرضا... وداعاً رائد المسرح الكويتي

13 اغسطس 2017
كتب ولحن إضافة إلى التمثيل (فيسبوك)
+ الخط -
فارق الفنان الكويتي عبد الحسين عبد الرضا، الحياة عن عمر ناهز الـ 79 عاماً، داخل أحد مستشفيات العاصمة البريطانية لندن، بعد مسيرة فنية حافلة، مثّل وكتب وأخرج وأنتج من خلالها أكثر من 100 مسلسل ومسرحية وفيلم وأوبريت.

ولِد الفنان عبد الحسين عبدالرضا محمد عوض خورشيد، في حي شرق القديم داخل العاصمة الكويت في 15 يوليو/ تموز عام 1939، وهو الأخ السابع من بين 14 أخاً لوالد يعمل بحاراً. تلقّى تعليمه في الكويت، قبل أن يدرس في مصر وألمانيا فنون الطباعة، ويعمل في وزارة الإعلام كمراقب لقسم الطباعة فيها. 

بدأ عبد الرضا مسيرته الفنية عام 1961، رفقة عدد آخر من "جيل الرواد" في المسرح الفني الكويتي، وهم سعد الفرج وغانم الصالح وخالد النفيسي في مسرحية "صقر قريش" التي أخرجها المخرج المصري زكي طليمات، لتتوالى بعدها الأعمال الفنية والمسرحية والفنية التي شارك فيها عبد الرضا، وأشهرها مسرحية "الكويت" و"ضحية بيت العز" ومسلسل "محكمة الفريج"، قبل أن يلمع نجمه بشكل كبير جداً في المسلسل الذي ناقش آثار تحول الكويت من دولة فقيرة إلى دولة غنية، بعد اكتشاف النفط على المجتمع "درب الزلق" عام 1977، رفقة سعد الفرج، والذي وُصِف من قبل النقاد بالمسلسل الأفضل في تاريخ الخليج العربي. بالإضافة إلى عدد آخرٍ من المسلسلات التي تحوَّلت إلى أيقونات فنيَّة في التاريخ الكويتي، أبرزها "الأقدار" و"مذكرات بو عليوي" و"الحيّالة".

ولمعَ نجم عبد الرضا في العديد من المسرحيات الفنيَّة التي قام بكتابتها وإنتاجها بنفسه فترة السبعينيات والثمانينات، والتي وصفت بأنَّها الفترة الذهبية في تاريخ الكويت الفني، وأشهرها مسرحية "على هامان يا فرعون"، ومسرحية "عزوبي السالمية"، ثم مسرحية "باي باي لندن"، والتي ناقشت السياحة الخليجية في المدن الأوروبية، والفساد المالي والسياسي، بالإضافة إلى مسرحية "سوق المناخ"، والتي ناقشت انهيار البورصة الكويتية في ثمانينيات القرن الماضي، ومسرحية "فرحة أمه" والتي عُرِضَت أمام قادة دول مجلس التعاون الخليجي أثناء اجتماعهم في الكويت عام 1984. عاد عبد الرضا بعد الغزو العراقي للبلاد، ليؤلّف ويمثّل مسرحيّته "سيف العرب" والتي قلَّد فيها شخصيَّة الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، بالإضافة إلى مسرحيّات "مراهق في الخمسين" و"قنّاص خيطان"، ثم آخر أعماله المسرحيّة "على الطاير"، والتي عُقدِت في قطر على هامش بطولة كأس الخليج عام 2004.

كما قام عبد الرضا بكتابة وتلحين وغناء عدد من الأوبريتات، رفقة الفنانة سعاد عبدالله، التي تناقش جوانب اجتماعية بحتة تخصُّ قضايا الزواج والطلاق والحب في المجتمع الكويتي والخليجي، وأبرزها "مداعبات قبل الزواج" و"شهر العسل" و"بساط الفقر" و"بعد شهر العسل". وأسس الفنان عبد الرضا "مسرح الفنون" الخاص به عام 1979، قبل أن يحوله إلى شركة إنتاج فني اسمها "مركز الفنون" عام 1989. وتعرَّض عبد الرضا لمحاولة اغتيال عام 1992 من قبل النظام العراقي بسبب تقليده الساخر لشخصية الرئيس العراقي صدام حسين عقب غزوه للكويت. كما تعرض مركز الفنون لهجوم بقذائف "الآر بي جي" من قبل متطرفين إسلاميين عام 1991.

وأصيب عبدالرضا بسبب شراهته على التدخين الذي كان يصفه "بالعلة المضرة واللعينة"، بعدد من الأزمات الصحيَّة، إذْ تعرَّض لأزمة في القلب عام 2003، أثناء تصوير مسلسل "الحيالة" نقل على أثرها إلى مدينة لندن للعلاج بأوامر من مجلس الوزراء الكويتي، قبل أن يصاب بجلطة في الدماغ عام 2005، كما قام بإجراء عمليتي قسطرة قلبيَّة عام 2015 في لندن.
وعلى الصعيد الأسري، تزوج الفنان عبد الرضا أربع مرات وأنجب ثلاث بنات وابنين، هما عدنان وبشار، كما أن شقيقه هو الفنان التشكيلي الراحل، أمير عبد الرضا، وابن عمه هو المغني الكويتي "غرّيد الشاطئ".

وبعث كل من أمير الكويت صباح الأحمد الصباح، وولي العهد نواف الأحمد الصباح ورئيس مجلس الوزراء جابر المبارك الصباح، ببرقيات عزاء لعائلة الفنان. كما نعى التلفزيون الكويتي الرسمي عبد الرضا واصفاً إياه بـ"الفنان الكبير"، ومستعرضاً مسيرته الفنية. وقال وزير الإعلام الكويتي، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، محمد العبدالله الصباح، في بيان نشرته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية "كونا": "إن الساحة الفنية الكويتية فقدت برحيل الفنان العملاق "بوعدنان" قامة فنية وقطباً من أقطاب نجوم المسرح الكويتي". وأضاف: "أن المغفور له بإذن الله استطاع أن يخلد اسمه بين الكثير من الفنانين المشاهير على الساحة العربية والخليجية لاسيما شخصية "حسين" في المسلسل الكوميدي الخالد "درب الزلق" الذي يعد من أشهر وأبرز المسلسلات الخليجية على الإطلاق بمشاركة رفيق دربه الفنان سعد الفرج".

ومن المنتظر أن يصل جثمان الفنان الكويتي الراحل من العاصمة البريطانية لندن إلى الكويت، ليدفن في المقبرة الجعفرية في الكويت، وسط استقبال حكومي وشعبي كبير وجنازة رسمية.

وتلقى الوسط الفني العربي عامة، والخليجي خاصة، الخبر بحزن بالغ، وسارع فنانون وإعلاميون إلى التعبير عن خسارتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن الراحل يعد من مؤسسي الحركة الفنية في منطقة الخليج. وقال الممثل الكويتي الكوميدي طارق العلي "الله يرحمك يا أبونا الحنون وسندنا بعد الله وأسأل الله سبحانه أن يرحمك ويغفر لك ويسكنك فسيح جناته... ادعوا له بالمغفرة والرحمة". وودّع الفنان السعودي، عبد المجيد عبدالله، الممثل الراحل، وغرّد "رحمك الله يا بوعدنان رحلت ولا رحلت". 


دلالات
المساهمون