25 يونيو 2018
عبادة الفرد والإستبداد الذكيّ
رعد تغوج (الأردن)
ما كانَ لمُستبدٍ أنْ يعي ما يدورُ بينَ ظهرانيِّ شعبهِ إلا عبرَ عَينِ حاشيتهِ وبِطانتهِ، وما على حاشيتهِ وبطانتهِ إلا التفَنُنَ في ضروبِ التضليلِ والتظليلِ، والخُلاصة الإخلاص على الفرد العربيّ، الذي وجدَ نفسهُ مُتفرداً في اغترابهِ عَنْ تُراثِهِ، واستلابهِ عَنْ فُتوح الحضارة التي بَشّرَ بها أجدادهُ الأوائل، وتبناهَا الآخرُ بمُفارقة مَزقتْ كبريائهُ وتتمثلُ بفرضيّةٍ عينُ فحواهَا أنَّ العَلمانية، المدنيّة، أو الدهرانيّة بالصيغة التأثيليّة التي طرحهَا طه عبد الرحمن، هي سببُ هذا الفتحَ، وليس الدين أو شيء آخر.
ثمَّ إنَّ هذا العربيّ لمْ يُسعفهُ الشرط التاريخيّ، في أن يَعْبُرَ الصيرورة التي سارَتْ بها باقي الأمم، وتفَردَ عنْ غيرهِ بكونهِ لم يتحول من رعيّة إلى مُواطن، مثلما حدثَ في بريطانيا وفرنسا وأميركا، ومثلما حدث في روسيا السوفييتية بشكلٍ جُزئيّ، وسائر أوروبا، وكما حصلَ في الصين وسنغافورا وماليزيا والهند.
ثمَّ إنَّ أيّ مُحاولةٍ استكشافيّة كشفيّة كهفيّة أفلاطونيّة لفضّ سِتر عورة الزعيم المَشرقيّ الشهرياريّ، تُجابهُ بفقهٍ سُلطانيّ سُلطَويّ، تساندهُ في ذلك رساميلٌ غنميّة وكسبيّة، تجلّتْ في الآونة الأخيرة، بتوظيف الدينيّ الآخرويّ المُنزه عَنْ درائن مكر السياسة، بالدُنيويّ الدهريّ المُتساوق مع الدسائس والكمائن والمُؤامرات النفعيّة الدُونيّة، كما فعلتْ دول حصار قطر، في توظيف ذلك الدينيّ، كسباً وتكسباً للتحشيد والتحريض ضدَّ قطر.
وأيَّ محاولةٍ توليديّة سُقراطيّة لهتك تلك الإشتباكات، ستُجابه مُجتمعياً بفقهٍ تأثيميّ غوغائيّ، تقودهُ مفاهيمُ الرُشد السياسيّ والحوكمة الحكيمة، وتكفي مُؤشراتُ آداب السُجون المُتواترة في السرديات العالميّة، ومنها عددُ الموقوفين تحفظياً في السجون دون مُحاكمة في الإمارات العربيّة، ومُؤشرُ مُدركات الفساد عندَ دُولِ "حلف الرقاب" كما يُسميها برنامجُ فوق السُلطة، وهي مُؤشراتٌ تقومُ دُول "طبائعُ الإستبداد" بطمسِ ملامح أهميّة وُجودها، وتقومُ بذلك سُلطةٌ أبويّة ترعى وتُراعي في تدابير سياستها خَلق مُنظريها وحُكَمائِها في نموذجٍ هُوَ نموذج "الفلسفمان" و"المُثقفمان" تفعيلاً وتبيةً لدور "هامان" الكُومبرادوريّ!
أمّا الحياة السائلة كما يُسميها زيجمونت باومان في دُول الإستبداد الذكيّ، فهي تُناشزُ الشرط الأنطولوجيّ للدولة بمفهومها الأرسطيّ المُتواتر حتى بحر القرن السابع عشر، كما أنها تُخالفُ تشكلات الدولة الحديثة منذ مُؤتمر ويستفاليا، فحاصلُ جمع الدولة المجازيّة بعُرف الإستبداد هُوَ "السوق" بكلّ ما تحويهِ هذه الكلمة مِن استنساخٍ مُسوخيّ تحوّليّ لمفهومِ الدولة التي غدتْ مولاً تحرسه شُرطة سياحيّة أنثويّة بطراز الفيراريّ، وأبراجٍ شاهقة للبصرِ والنظرِ معاً، قال عنها جمال الغيطانيّ في "مقاصد الأسفار" أنها تصلحُ للغثيان وخصوصاً إذا عرفنا أنَ خلفَ مكاتبها تقبع وحدات غسل الأموال وعقد الصفقات الرسملوتيّة الكسبيّة السُحتيّة.
وغير مُجدٍ في ملةِ دول الإستبداد واعتقادها، نسخُ تاريخها بتاريخٍ آخرَ طالما المنفعة تتطلبُ ذلك، فصُنعُ القرار يخضعُ (خُضوعَ النعل للنعل) للتطيّرِ والطِيرة، ومَرهونٌ بارتجالاتٍ وقتيّة عبثيّة، ومِنها قائمةُ الحرمان الكهنوتيّ لمُفكرين ونُخب تمَّ تكريمهم في تلك الدول، مثل يوسف القرضاويّ وغيره. فتجريفُ الوعي والذاكرة، وتعليف السياسة بالدين بطريقة فضائحيّة مَكشوفة، هُو أسُّ وأساس صُنع القرار في تلك الدُول، ولو تشابه ذلكَ مع سرديات "الطرد الكنسيّ" والحرمان السماويّ وصكوك الرحمة والغفران وقوائم الإيمان في عصر الإسترداد الموريكيّ، كما تُسميه الأدبيات الإسبانيّة الأندلسيّة.
ويبدو أنَّ العربَ في خريفهم العاري هذا مَحكومونَ بثنائية العيش بين طبائع الاستبداد أو تحتَ حُكم العَسكرتاريّة القهريّة، والتي كانتْ في مِصرَ تُجابهُ بأصحاب الطرابيش وأصحاب العمائم، أو التيار الإسلامويّ والليبراليّ، أما الآن فالزواج كاثوليكيّ بينَ بعضِ تلك القوى، وبعض آخر منفيٌّ منْ ملكوت الإدلاء الديمقراطيّ.
وما في أديم السياسة في دُول الإستبداد وعبادة الفرد سِوى الحشوُّ البلاغيّ والخُطب الشعريّة التي نسختْ آخر دواوينَهَا في المُطالبات الثلاثة عشرَ لدُولِ الحصار، وهي قائمة لا تُشبه المجناكارتا البريطانيّة الإصلاحيّة فذلك شجنٌ آخر لا مُفكرَ فيهِ عندَ دُول التيه السياسيّ والإستبداد الذكيّ.
ثمَّ إنَّ هذا العربيّ لمْ يُسعفهُ الشرط التاريخيّ، في أن يَعْبُرَ الصيرورة التي سارَتْ بها باقي الأمم، وتفَردَ عنْ غيرهِ بكونهِ لم يتحول من رعيّة إلى مُواطن، مثلما حدثَ في بريطانيا وفرنسا وأميركا، ومثلما حدث في روسيا السوفييتية بشكلٍ جُزئيّ، وسائر أوروبا، وكما حصلَ في الصين وسنغافورا وماليزيا والهند.
ثمَّ إنَّ أيّ مُحاولةٍ استكشافيّة كشفيّة كهفيّة أفلاطونيّة لفضّ سِتر عورة الزعيم المَشرقيّ الشهرياريّ، تُجابهُ بفقهٍ سُلطانيّ سُلطَويّ، تساندهُ في ذلك رساميلٌ غنميّة وكسبيّة، تجلّتْ في الآونة الأخيرة، بتوظيف الدينيّ الآخرويّ المُنزه عَنْ درائن مكر السياسة، بالدُنيويّ الدهريّ المُتساوق مع الدسائس والكمائن والمُؤامرات النفعيّة الدُونيّة، كما فعلتْ دول حصار قطر، في توظيف ذلك الدينيّ، كسباً وتكسباً للتحشيد والتحريض ضدَّ قطر.
وأيَّ محاولةٍ توليديّة سُقراطيّة لهتك تلك الإشتباكات، ستُجابه مُجتمعياً بفقهٍ تأثيميّ غوغائيّ، تقودهُ مفاهيمُ الرُشد السياسيّ والحوكمة الحكيمة، وتكفي مُؤشراتُ آداب السُجون المُتواترة في السرديات العالميّة، ومنها عددُ الموقوفين تحفظياً في السجون دون مُحاكمة في الإمارات العربيّة، ومُؤشرُ مُدركات الفساد عندَ دُولِ "حلف الرقاب" كما يُسميها برنامجُ فوق السُلطة، وهي مُؤشراتٌ تقومُ دُول "طبائعُ الإستبداد" بطمسِ ملامح أهميّة وُجودها، وتقومُ بذلك سُلطةٌ أبويّة ترعى وتُراعي في تدابير سياستها خَلق مُنظريها وحُكَمائِها في نموذجٍ هُوَ نموذج "الفلسفمان" و"المُثقفمان" تفعيلاً وتبيةً لدور "هامان" الكُومبرادوريّ!
أمّا الحياة السائلة كما يُسميها زيجمونت باومان في دُول الإستبداد الذكيّ، فهي تُناشزُ الشرط الأنطولوجيّ للدولة بمفهومها الأرسطيّ المُتواتر حتى بحر القرن السابع عشر، كما أنها تُخالفُ تشكلات الدولة الحديثة منذ مُؤتمر ويستفاليا، فحاصلُ جمع الدولة المجازيّة بعُرف الإستبداد هُوَ "السوق" بكلّ ما تحويهِ هذه الكلمة مِن استنساخٍ مُسوخيّ تحوّليّ لمفهومِ الدولة التي غدتْ مولاً تحرسه شُرطة سياحيّة أنثويّة بطراز الفيراريّ، وأبراجٍ شاهقة للبصرِ والنظرِ معاً، قال عنها جمال الغيطانيّ في "مقاصد الأسفار" أنها تصلحُ للغثيان وخصوصاً إذا عرفنا أنَ خلفَ مكاتبها تقبع وحدات غسل الأموال وعقد الصفقات الرسملوتيّة الكسبيّة السُحتيّة.
وغير مُجدٍ في ملةِ دول الإستبداد واعتقادها، نسخُ تاريخها بتاريخٍ آخرَ طالما المنفعة تتطلبُ ذلك، فصُنعُ القرار يخضعُ (خُضوعَ النعل للنعل) للتطيّرِ والطِيرة، ومَرهونٌ بارتجالاتٍ وقتيّة عبثيّة، ومِنها قائمةُ الحرمان الكهنوتيّ لمُفكرين ونُخب تمَّ تكريمهم في تلك الدول، مثل يوسف القرضاويّ وغيره. فتجريفُ الوعي والذاكرة، وتعليف السياسة بالدين بطريقة فضائحيّة مَكشوفة، هُو أسُّ وأساس صُنع القرار في تلك الدُول، ولو تشابه ذلكَ مع سرديات "الطرد الكنسيّ" والحرمان السماويّ وصكوك الرحمة والغفران وقوائم الإيمان في عصر الإسترداد الموريكيّ، كما تُسميه الأدبيات الإسبانيّة الأندلسيّة.
ويبدو أنَّ العربَ في خريفهم العاري هذا مَحكومونَ بثنائية العيش بين طبائع الاستبداد أو تحتَ حُكم العَسكرتاريّة القهريّة، والتي كانتْ في مِصرَ تُجابهُ بأصحاب الطرابيش وأصحاب العمائم، أو التيار الإسلامويّ والليبراليّ، أما الآن فالزواج كاثوليكيّ بينَ بعضِ تلك القوى، وبعض آخر منفيٌّ منْ ملكوت الإدلاء الديمقراطيّ.
وما في أديم السياسة في دُول الإستبداد وعبادة الفرد سِوى الحشوُّ البلاغيّ والخُطب الشعريّة التي نسختْ آخر دواوينَهَا في المُطالبات الثلاثة عشرَ لدُولِ الحصار، وهي قائمة لا تُشبه المجناكارتا البريطانيّة الإصلاحيّة فذلك شجنٌ آخر لا مُفكرَ فيهِ عندَ دُول التيه السياسيّ والإستبداد الذكيّ.