حلم الانتعاش الاقتصادي يتبخر بسرعة وسط عدم الاستقرار السياسي الذي زرعه ترامب في العشرة أيام الأولى من رئاسته، حيث هرب المستثمرون من أسواق المال العالمية، الكل يبيع الآن وقليل من المشترين، وبالتالي فقد مؤشر "داو جونز" الذي يقيس اداء الأسهم الأميركية قوة الدفع التي اكتسبها في بداية الأسبوع الماضي، ليهبط يوم الاثنين إلى أقل من 20 الف نقطة. وهو الرقم التاريخي الذي بلغه في بداية الأسبوع الماضي وأحتفل به ترامب وإداراته في التغريدات التي تبادلوها عبر تويتر. كما سجل الدولار أسوأ أداء في التعاملات التي جرت أمس بلندن. وشهد مؤشر نيكاي في اليابان أكبر هبوط يومي بنسبة 1.7%.
القلق يسيطر على المستثمرين في الأدوات الاستثمارية، سواءٌ كانت هذه الأدوات أسهماً أو سندات دين، والدولار يواصل الانخفاض وسط شكوك واسعة بأن ترامب لن يتمكن من الحصول على موافقة الكونغرس لتمويل برامج البنية التحتية ومشروع بناء الحائط، وحتى الخفض في الضرائب التي وعد بها. وفي هذا الصدد، قال أعضاء في الحزب الجمهوري لنشرة "ذي هيل" التي تنقل أخبار الكونغرس والبيت الأبيض، يوم الثلاثاء، إنهم لن يوافقوا على التعديلات الضريبية، لأنها ستزيد من العجز في الميزانية، وربما لن تدخل حيز التنفيذ قبل العام 2018. وبالتالي، فإن الفجوة بين ترامب والجماهير تتسع، وحتى أعضاء حزبه في الكونغرس، باتوا الآن يعارضونه علناً.
وبالتالي، فإن مناخ عدم الاستقرار السياسي ينعكس هذا الأسبوع بقوة، على نفسيات المستثمرين وشهيتهم الاستثمارية. ويلاحظ ومنذ دخول ترامب البيت الأبيض، أن أميركا تتحول تدريجياً إلى دولة من العالم الثالث، وسط التضارب الصارخ بين الدستور الأميركي والمراسيم الرئاسية، وبين سياساته الخاصة بالهجرة والحماية التجارية ومصالح مجتمع الاستثمار وتعاملات الشركات الأميركية الممتدة تجارياً في أنحاء المعمورة.
من هذا المنطلق، يلاحظ أن أسهم شركات الطاقة في سوق "وول ستريت"، فقدت يوم الاثنين 2.3% من قيمتها في المتوسط. وكان قطاع الطاقة من القطاعات التي ارتفعت قيمة اسهمها بسبب قرارات "أوبك" بعد خفض الإنتاج وسياسات ترامب الداعمة لزيادة إنتاج النفط الأميركي. فيما انخفضت كذلك، أسهم البنوك وشركات التقنية، بنسبة 3% في المتوسط.
ومن بين القطاعات التي تكبدت خسائر كبيرة شركات التقنية التي تعتمد على تصاريح العمل في جذب المهارات والعقول. تعارض هذه الشركات بشدة سياسات ترامب، وبدأت في اتخاذ خطوات عملية لمحاربة سياسة الهجرة ومرسوم الحظر المؤقت على دخول اللاجئين والمسافرين من سبع دول مسلمة، منها من تبرع بإيواء اللاجئين ومنهم من تبرع بمبالغ مالية.
ومن بين نقاط القلق الرئيسية التي تنتاب المستثمرين، السياسات الحمائية التي بدأ بتطبيقها ترامب، وتداعياتها على شركاء التجارة مع الولايات المتحدة، وفي مقدمتهم الصين والمكسيك والاتحاد الأوروبي وكندا وحتى اليابان وألمانيا. والمسؤولون في هذه البلدان وفي مقدمتهم الرئيس الصيني، حذروا من نهج سياسات تجر إلى حروب تجارية وتضر بالجميع، بمن فيهم الولايات المتحدة.
وبالفعل فإن قسما كبيراً من الشركات الأميركية يعتمد في إنتاجه على مواد أولية وسلع يتم استيرادها من الخارج بمستوى 60%. وفي حال تم فرض رسوم جمركية عقابية على هذه السلع فإن الشركاء سيبادرون إلى إجراءات مماثلة. وقد يؤدي ذلك إلى ازدياد تكاليف الإنتاج في الولايات المتحدة، ويقلص حجم الصادرات والواردات ويرفع من مستوى الأسعار ونسب التضخم. كما سيكون من تبعات ذلك تراجع القوة الشرائية لدى شرائح اجتماعية واسعة داخل الولايات المتحدة وخارجها.
اقــرأ أيضاً
أميركا تئن الآن من عاصفة اسمها ترامب، فالجماهير غاضبة والشارع السياسي يهدر بالمظاهرات التي تنتظم كل الولايات والكونغرس بشقيه الجمهوري والديمقراطي منزعج من مراسيم ترامب. وسط هذا المناخ السياسي المضطرب من الصعب تنفيذ برنامج اقتصادي يقود إلى ازدهار اقتصادي، حسبما وعد ترامب ناخبيه.
ويرى العديد من كبار المستثمرين، أن ما يحدث في أميركا حالياً، من رفض لترامب وسياسته ثورة حقيقية وليست "رعدة" أو "هبة" أو "غضبة جماهيرية"، كما يعتقد البعض، إنها ثورة حقيقية ذات أهداف وغايات وتمويل ومنظرين وفلسفة. والشعب الأميركي المنقسم والمتشرذم، يشعر بالصدمة في عتمة الأحداث المتسارعة يسعى لتلمس طريقه والتعرف على ما يخبئه المستقبل.
ففي أميركا اليوم، انقسام حقيقي وخطير داخل الشعب الأميركي، بين تيارين، تيار يقوده دونالد ترامب الذي فاجأ الشعب الأميركي والعالم بفوزه، ويرغب في تنفيذ برنامج "شعبوي أبيض" داخل أميركا، هو أشبه بالانقلاب اللاديقراطي أو أشبه بما حدث في ألمانيا حينما تمكنت النازية من السيطرة على البندستاغ. وبالتالي على الصعيد الداخلي، يعمل ترامب بسرعة ومنذ اليوم الأول من رئاسته على تغيير جذري في الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في أميركا، عبر فرض "واقع اقتصادي انغلاقي شوفيني" على اقتصاد ومجتمع متحرر ومنفتح على العالم.
على الصعيد الخارجي، يسعى الرئيس ترامب إلى تقويض " النظام العالمي" القائم منذ الحرب العالمية الثانية وبناء "نظام عالمي" يكرس عظمة أميركا وتقزيم العالم، ويهدد اتفاقات التجارة الحرة وحركة انسياب الاستثمار والكفاءات والخبرات المهنية.
فالصراع الجاري ا لآن في أميركا ويهدد الاستقرار السياسي وينعكس على أسواق المال والنمو الاقتصادي العالمي بين تيارين ، وهما التيار الليبرالي وقوى المجتمع المدني المعارضة لسياسات ترامب. ويتشكل هذا التيار من جماهير الأقليات العرقية أو ما يسمى بالملونين والنساء ومؤسسات الدولة العميقة، وعلى رأسها المخابرات المركزية الأميركية ووزارة الخارجية والاحتياط الفدرالي "البنك المركزي الأميركي" وحتى بعض أعضاء الحزب الجمهوري في الكونغرس من المحافظين الجدد. وهؤلاء يرون أن أن ترامب لا يمثل أميركا، وأن ما حدث من تصويت خطأ ويرغبون في عرقلة حكمه، وربما إستغلال بعض الثغرات القانونية لإسقاطه قبل إكمال ولايته.
أما التيار الثاني: فيشكل من القوي اليمنية الشعبوية البيضاء والحركات العنصرية التي تتكون من طبقات العمال وذوي التعليم المتوسط من غير خريجي الجامعات، اذلين ينظرون للعالم بمنظار"أميركا أولاً".
اقــرأ أيضاً
وبالتالي، فإن مناخ عدم الاستقرار السياسي ينعكس هذا الأسبوع بقوة، على نفسيات المستثمرين وشهيتهم الاستثمارية. ويلاحظ ومنذ دخول ترامب البيت الأبيض، أن أميركا تتحول تدريجياً إلى دولة من العالم الثالث، وسط التضارب الصارخ بين الدستور الأميركي والمراسيم الرئاسية، وبين سياساته الخاصة بالهجرة والحماية التجارية ومصالح مجتمع الاستثمار وتعاملات الشركات الأميركية الممتدة تجارياً في أنحاء المعمورة.
من هذا المنطلق، يلاحظ أن أسهم شركات الطاقة في سوق "وول ستريت"، فقدت يوم الاثنين 2.3% من قيمتها في المتوسط. وكان قطاع الطاقة من القطاعات التي ارتفعت قيمة اسهمها بسبب قرارات "أوبك" بعد خفض الإنتاج وسياسات ترامب الداعمة لزيادة إنتاج النفط الأميركي. فيما انخفضت كذلك، أسهم البنوك وشركات التقنية، بنسبة 3% في المتوسط.
ومن بين القطاعات التي تكبدت خسائر كبيرة شركات التقنية التي تعتمد على تصاريح العمل في جذب المهارات والعقول. تعارض هذه الشركات بشدة سياسات ترامب، وبدأت في اتخاذ خطوات عملية لمحاربة سياسة الهجرة ومرسوم الحظر المؤقت على دخول اللاجئين والمسافرين من سبع دول مسلمة، منها من تبرع بإيواء اللاجئين ومنهم من تبرع بمبالغ مالية.
ومن بين نقاط القلق الرئيسية التي تنتاب المستثمرين، السياسات الحمائية التي بدأ بتطبيقها ترامب، وتداعياتها على شركاء التجارة مع الولايات المتحدة، وفي مقدمتهم الصين والمكسيك والاتحاد الأوروبي وكندا وحتى اليابان وألمانيا. والمسؤولون في هذه البلدان وفي مقدمتهم الرئيس الصيني، حذروا من نهج سياسات تجر إلى حروب تجارية وتضر بالجميع، بمن فيهم الولايات المتحدة.
وبالفعل فإن قسما كبيراً من الشركات الأميركية يعتمد في إنتاجه على مواد أولية وسلع يتم استيرادها من الخارج بمستوى 60%. وفي حال تم فرض رسوم جمركية عقابية على هذه السلع فإن الشركاء سيبادرون إلى إجراءات مماثلة. وقد يؤدي ذلك إلى ازدياد تكاليف الإنتاج في الولايات المتحدة، ويقلص حجم الصادرات والواردات ويرفع من مستوى الأسعار ونسب التضخم. كما سيكون من تبعات ذلك تراجع القوة الشرائية لدى شرائح اجتماعية واسعة داخل الولايات المتحدة وخارجها.
أميركا تئن الآن من عاصفة اسمها ترامب، فالجماهير غاضبة والشارع السياسي يهدر بالمظاهرات التي تنتظم كل الولايات والكونغرس بشقيه الجمهوري والديمقراطي منزعج من مراسيم ترامب. وسط هذا المناخ السياسي المضطرب من الصعب تنفيذ برنامج اقتصادي يقود إلى ازدهار اقتصادي، حسبما وعد ترامب ناخبيه.
ويرى العديد من كبار المستثمرين، أن ما يحدث في أميركا حالياً، من رفض لترامب وسياسته ثورة حقيقية وليست "رعدة" أو "هبة" أو "غضبة جماهيرية"، كما يعتقد البعض، إنها ثورة حقيقية ذات أهداف وغايات وتمويل ومنظرين وفلسفة. والشعب الأميركي المنقسم والمتشرذم، يشعر بالصدمة في عتمة الأحداث المتسارعة يسعى لتلمس طريقه والتعرف على ما يخبئه المستقبل.
ففي أميركا اليوم، انقسام حقيقي وخطير داخل الشعب الأميركي، بين تيارين، تيار يقوده دونالد ترامب الذي فاجأ الشعب الأميركي والعالم بفوزه، ويرغب في تنفيذ برنامج "شعبوي أبيض" داخل أميركا، هو أشبه بالانقلاب اللاديقراطي أو أشبه بما حدث في ألمانيا حينما تمكنت النازية من السيطرة على البندستاغ. وبالتالي على الصعيد الداخلي، يعمل ترامب بسرعة ومنذ اليوم الأول من رئاسته على تغيير جذري في الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في أميركا، عبر فرض "واقع اقتصادي انغلاقي شوفيني" على اقتصاد ومجتمع متحرر ومنفتح على العالم.
على الصعيد الخارجي، يسعى الرئيس ترامب إلى تقويض " النظام العالمي" القائم منذ الحرب العالمية الثانية وبناء "نظام عالمي" يكرس عظمة أميركا وتقزيم العالم، ويهدد اتفاقات التجارة الحرة وحركة انسياب الاستثمار والكفاءات والخبرات المهنية.
فالصراع الجاري ا لآن في أميركا ويهدد الاستقرار السياسي وينعكس على أسواق المال والنمو الاقتصادي العالمي بين تيارين ، وهما التيار الليبرالي وقوى المجتمع المدني المعارضة لسياسات ترامب. ويتشكل هذا التيار من جماهير الأقليات العرقية أو ما يسمى بالملونين والنساء ومؤسسات الدولة العميقة، وعلى رأسها المخابرات المركزية الأميركية ووزارة الخارجية والاحتياط الفدرالي "البنك المركزي الأميركي" وحتى بعض أعضاء الحزب الجمهوري في الكونغرس من المحافظين الجدد. وهؤلاء يرون أن أن ترامب لا يمثل أميركا، وأن ما حدث من تصويت خطأ ويرغبون في عرقلة حكمه، وربما إستغلال بعض الثغرات القانونية لإسقاطه قبل إكمال ولايته.
أما التيار الثاني: فيشكل من القوي اليمنية الشعبوية البيضاء والحركات العنصرية التي تتكون من طبقات العمال وذوي التعليم المتوسط من غير خريجي الجامعات، اذلين ينظرون للعالم بمنظار"أميركا أولاً".