ماكرون في المغرب: دفعة للعلاقات الاقتصادية

28 أكتوبر 2024
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يزور المغرب اليوم (فرانس برس)
+ الخط -

 

لا يغيب عن المراقبين البعد الاقتصادي للزيارة التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب ابتداء من اليوم الاثنين، وهي الزيارة التي ينتظر أن تكرس عودة الدفء إلى العلاقات الثنائية بين البلدين بعد حالة من التوتر دامت ثلاثة أعوام.
تأتي زيارة ماكرون التي تمتد من 28 أكتوبر/ تشرين الأول إلى الثلاثين منه، بعد تحسن تلك العلاقات، إثر إعلان الرئيس الفرنسي في نهاية يوليو/ تموز الماضي عن دعم بلده مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وهو "الأساس الوحيد" لتسوية النزاع حول الصحراء التي تطالب بها جبهة البوليساريو، مشدداً على أن "حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية".
وواكبت اعترافَ فرنسا بمغربية الصحراء آمال عريضة بإنعاش العلاقات الاقتصادية بعد البرود الذي شاب العلاقات بين البلدين على مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة، حيث أغلقت جميع قنوات الاتصال بينهما، إلى درجة عدم استجابة المملكة لعرض تقديم الدعم إثر الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز في سبتمبر/ أيلول 2023.
تتجلى أهمية البعد الاقتصادي للزيارة من كون المغرب يحتضن 1300 شركة فرنسية. ورغم الطابع السياسي لزيارة الرئيس الفرنسي إلى المغرب، فإن شركات فرنسية عملاقة ينتظر أن ترافقه بهدف توقيع عقود استثمار أو البحث عن فرص استثمار جديدة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ورغم التوتر بين البلدين، إلا أن العلاقات الاقتصادية لم تشهد تراجعات كبيرة. فقد وصلت المبادلات التجارية بين البلدين إلى حوالي 14 مليار دولار.
تفيد بيانات مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية بأن فرنسا حافظت على مركزها أولَ مستثمر في المغرب بحصة 30.8%، حيث بلغ رصيد تلك الاستثمارات 20.4 مليار دولار في 2022، بينما وصلت الاستثمارات المغربية في ذلك البلد الأوروبي إلى 1.8 مليار دولار.
وكانت فرنسا أول مصدر لتحويلات المغتربين المغاربة بحوالي 30.8%، لتصل إلى 3.55 مليارات دولار، كما جاءت في المرتبة الأولى على السياح الوافدين على المغرب، حيث إن الفرنسيين عززوا إيرادات المغرب من السياحة بحوالي 3.36 مليارات دولار.
يتطلع الفرنسيون إلى تكريس حضورهم في المغرب في سياق متسم بالانتقال من صناعة السيارات الحرارية إلى السيارات الكهربائية، وهو ما تعززه النيات الصينية التي تتجه إلى إنجاز مشروع كبير للبطاريات الكهربائية في المغرب.

استثمارات فرنسية في المغرب

ويرنو الفرنسيون إلى الحصول على عقود ذات صلة بمشروع مغربي يرمي إلى مد خطوط السكك الحديدية. هذا ما يؤكده الاقتصادي المغربي جواد الكردودي، رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية، الذي يرى أن المستثمرين الفرنسيين مهتمون بمواصلة المغرب إنجاز المشروع الخاص بالقطار فائق السرعة، حيث ينتظر أن تساهم فرنسا في تمويلات لإنجاز جزء من ذلك الخط السككي.
يؤكد الكردودي لـ"العربي الجديد" أن الفرنسيين يستحضرون مشاريع البنى التحتية التي يطلقها المغرب بمناسبة تنظيم منافسات كأس أفريقيا لكرة القدم في 2025 وكأس العالم في 2030، حيث تضمن تلك المشاريع استثمار حوالي ملياري دولار لإعادة تأهيل وإعداد سبعة ملاعب لكرة القدم.
وتدعم فرنسا الشركات الفرنسية للاستثمار في الصحراء التي تحتضن مشاريع عملاقة لها علاقة بتحلية مياه البحر والطاقات المتجددة، وهو ما يفسر افتتاح مكتب لغرفة التجارة المغربية الفرنسية في الصحراء.

وكان تأكيد فرنسا استعدادها لمواكبة استثمارات المملكة في الصحراء يستحضر الإمكانات التي تتوفر عليها الأقاليم الجنوبية في مجالات الصيد البحري والمعادن والطاقات المتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر.
ويلاحظ الخبير المغربي في قطاع الطاقة المهدي الداودي أن المغرب يتوفر، خاصة في الأقاليم الصحراوية، على إمكانيات لإنتاج الطاقة الكهربائية عبر الرياح والشمس، وهو ما يبرر عرض المغرب في مجال إنتاج الهيدروجين الذي يسخر له مليون هكتار من الأراضي.

ويشير لـ"العربي الجديد" إلى مشروع الطريق السيار الكهربائي بين مدينة الداخلة بالصحراء ومدينة الدار البيضاء لتوفير الكهرباء للمغرب عبر الطاقة المتجددة والحد من استعمال الفحم والفيول، وهو مشروع يستدعي استثمارات ضخمة قد تساهم فيها شركات فرنسية.

المساهمون