عادل الحاج يبيع التنك للعيش

28 مارس 2016
يأمل ألّا يسوء الأمر أكثر (العربي الجديد)
+ الخط -
كثيرون هم الأشخاص الذين تُعاكسهم ظروفهم المعيشية والحياتية، وتحرمهم من العيش الكريم الذي كانوا يطمحون إليه، وهذا حق لا تكفله الحياة دائماً. عادل الحاج المعروف بأبي محمد هو أحد هؤلاء، وقد غيّرت الحياة مسار حياته. كان عامل بناء يتمتع بقوة جسدية، ويتقاضى راتباً يستطيع من خلاله تأمين مستلزمات عائلته الأساسية ولو بالحد الأدنى، قبل أن يتغير كل شيء.
أبو محمد، هو من سكان مخيم عين الحلوة المحاذي لمدينة صيدا في جنوب لبنان. هو لاجئ فلسطيني ولد في بلاد اللجوء، حاله حال العديد من الفلسطينيين الذين يعيشون في هذا المخيم. هؤلاء حرموا من أبسط حقوقهم الإنسانية، مثل حقهم في العمل من أجل تأمين العيش الكريم لهم ولعائلاتهم.

يتحدر من بلدة السميرية في فلسطين. يقول لـ "العربي الجديد": "ولدت في مخيم عين الحلوة، ولم أتمكن من متابعة تعليمي بسبب ظروف أهلي المادية الصعبة. وفي وقت لاحق، تعلّمت مهنة تقيني غدر الزمن وتوفر لي حياة كريمة. في السابق كنت أعمل في ورش البناء، وكنت قادراً على نقل الحجارة والإسمنت على كتفي. لكن بعدما عانيت من أوجاع في ظهري وقصدت الطبيب، تبين بأنني أعاني من مشكلة في العمود الفقري، ولم أعد قادراً على العمل. أيضاً، عانيت من أوجاع في قدمي وخضعت لعلاج طويل. بعدها، منعني الأطباء من مزاولة مهنة البناء حتى لا أعاني مجدداً. ولأنه لم يكن لدي خيار آخر، تركت عملي، وكان علي البحث عن عمل آخر لتوفير احتياجات أسرتي الأساسية.

بدأ البحث عن عمل جديد من دون أن يحالفه الحظ. لكنه لم يستطع العثور على عمل يتناسب ووضعه الصحي. لذلك، عمد إلى جمع العبوات الفارغة، وخصوصاً عبوات المشروبات الغازية لبيعها. منذ ساعات الصباح الأولى، يخرج من منزله ويسير من حي إلى آخر لجمع العبوات، علماً أن ما يحصل عليه لا يعد كافياً. يقول إنه يبيع الكيلو غرام الواحد من هذه العبوات بنصف دولار فقط، مشيراً إلى أن الكيلو غرام الواحد هو عبارة عن سبعين عبوة فارغة.
يقول أبو محمد إنه "على الرغم من أنني أتجول طوال النهار، وأذهب إلى المقاهي والمطاعم للحصول على العبوات الفارغة، إلا أنني لا أستطيع تأمين أكثر من خمسة كيلو غرامات من العبوات الفارغة وبيعها بسعر زهيد". يضيف أن "جمع العبوات الفارغة عمل مرهق جداً، وخصوصاً أنني أضطر للبحث عنها في أماكن مختلفة طيلة النهار، حتى أتمكن من جمع كميات أكبر وبالتالي الحصول على مال أكثر".

عادة ما يقصد أبو محمد المطاعم والمقاهي، حيث يلقي الزبائن العبوات في سلال القمامة بعد الانتهاء منها. يتابع إنه في أحيان كثيرة، يشعر بالتعب من دون جدوى. ويعترف أن لعمره تأثيراً كبيراً، هو الذي اقترب من بلوغ الخمسين. برأيه، يبقى هذا أفضل من أن يمد يده للناس أو من أن تجوع ابنته، علماً أنه ليس هناك من يدعمه مادياً أو يساعده على تأمين احتياجاته سواء من الجمعيات الخيرية أو المؤسسات.

يلفت إلى بعض الناس الذين يصفهم بـ "الأفاضل" والذين يساعدونه في شهر رمضان على وجه الخصوص بالإضافة إلى الأشهر الأخرى. كذلك، فإن آخرين يتولون مصاريف الأدوية، بعدما عجز عن الحصول على مساعدات من المؤسسات.
يتابع أن زوجته توفيت قبل 17 عاماً، وتركت له طفلة صغيرة تبلغ من العمر سنة وتسعة أشهر (في ذلك الوقت). لم يستطع رعايتها بسبب عمله، حتى أنه لم يكن يجد من يرعاها، فتزوج من خالتها (شقيقة أمها). ومع مرور الوقت، أنجبا ابنتين. يلفت إلى أن ابنته الأكبر سناً تزوجت، فيما ما زالت ابنتاه الصغيرتان تدرسان في إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في المخيم. وفي بعض الأحيان، يجد نفسه عاجزاً عن تأمين أبسط الأمور لأسرته، مشيراً إلى أنه يعاني من ظروف مادية صعبة، ولا يستطيع العمل في أي مهنة أخرى بسبب وضعه الصحي. ويتمنى ألا تسوء الأمور أكثر من ذلك، حتى لا يلجأ إلى الاستدانة.

اقرأ أيضاً: كل شيء كان مختلفاً

دلالات