يقطن طه غالي في مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين في شرق مدينة صيدا (جنوب لبنان). هو مصابٌ بشلل دماغي منذ الولادة وبالكاد يستطيع الكلام. لا يفهم كل ما يدور حوله. مع ذلك، يحب الحياة وكلّه أمل بالمستقبل.
يبلغ من العمر عشرين عاماً. يجلس على كرسي نقال. لا يستطيع حمل أي شيء بيديه. لكنه قادر على صناعة أعمال فنية جميلة. وهذا ما يمنحه السعادة.
يقول غالي الذي ينتسب إلى جمعية الكرامة للأشخاص المعوقين في مخيم عين الحلوة: "ولدت مصاباً بالشلل الدماغي. دخلت مدرسة خاصة بالأشخاص المعوقين حين كنت في السادسة من عمري، هي لنا المستقبل. بقيت فيها حتى الصف الخامس. كنت الأول في صفي. بعدها بقيت سنة في البيت، لا أذهب إلى أي مكان، لأن المدرسة ليس لديها صفوف إضافية. أُصبت باكتئاب وحزن لعدم خروجي من المنزل، وعدم رؤية رفاقي الذين كانوا معي في المدرسة".
يتابع غالي: "بعد ذلك، قصدت جمعية الكرامة، ثم انتسبت إلى مركز اتحاد المقعدين اللبنانيين الموجود في مدينة صيدا، لتعلم الكمبيوتر والسكرتاريا واللغة الإنكليزية وتنسيق الأزهار. بعد إتمام الدورات، عدت ثانية إلى الكرامة، ومازلت فيه حتى اليوم. أحبّ الذهاب إلى الجمعية يومياً، بخاصة لرؤية أصدقائي والعمل معهم".
في الجمعية، يجمع غالي القناني الزجاجية، ويملؤها بالطبشور الملوّن بعد تكسيره وطحنه بشكل جيد، بمساعدة المشرفة، فتتحول إلى تحفة جميلة. يقول: "أشعر بالفرح لأنني موجود بين أصدقائي في هذا المكان. لطالما شعرت بالضيق في صغري بخاصة حين أقارن نفسي بأطفال آخرين. لم أكن أستطيع أن ألعب أو أتواصل معهم. لكنني سعيد هنا، وأستطيع العمل واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. حلمي في الحياة أن أحصل على وظيفة".
يردف: "أحلم في الحصول على وظيفة تتطلب خبرة في العمل على الكمبيوتر والإنترنت". خلال حديثه، يكرّر هذا الشاب عبارة الحلم. يوضح أن "حلمه كبير جداً، علماً أن معظم السياسيين في البلد لا يكترثون لحقوق الأشخاص المعوقين مما يدفع بأصحاب العمل إلى عدم قبولنا في الوظائف". ينظر بأمل إلى المستقبل، ولم تحجب ظروفه الصعبة الابتسامة عن وجهه.