تقدم وزير الاستثمار المصري السابق يحيى حامد، ووزير التخطيط والتعاون الدولي السابق عمرو دراج، بطلب رسمي إلى مكتب المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة بسويسرا، لفتح التحقيق في ملابسات وفاة الرئيس الراحل محمد مرسي، أثناء إحدى جلسات محاكمته في السابع عشر من يونيو/ حزيران الجاري.
وقال حامد ودراج في بيان مشترك، إنهما خاطبا مكتب المفوض عبر مكتب محاماة دولي، لطلب إجراء تحقيق دولي نزيه وشفاف في وفاة مرسي، جراء الإهمال الطبي المتعمد داخل محبسه على مدى ست سنوات، وذلك لعدم ثقتهما في التقارير الرسمية المصرية التي تقول إن الوفاة كانت بسبب أزمة قلبية أثناء جلسة للمحاكمة.
وأفاد الوزيران السابقان بأن "هناك تقارير وشواهد على شبهة جنائية في وفاة الرئيس الراحل، في ضوء استهداف النظام المصري لمرسي بشكل ممنهج، ما تسبب في مقتله بشكل مباشر، وكذا تورط النظام في قتل الآلاف من المدنيين خارج إطار القانون خلال السنوات الماضية، وإخفاء الآلاف قسرياً أيضاً، وفقاً للعشرات من التقارير الدولية".
وتابعا في بيانهما، إن "الملابسات التي صاحبت استشهاد مرسي تستلزم طرق كل الأبواب التي قد تُساهم في كشف الحقيقة"، مستدركا بأن "تقديم هذا الطلب لا يستهدف تدخل جهات خارجية في الشأن المصري، ولكن جاء من منطلق الشعور بالمسؤولية في وجوب طلب العدالة لمرسي الذي عملا معه عن قرب؛ وإيماناً منهما بأنه أصبح رمزاً دولياً للثبات على المبدأ، والتضحية في سبيل حرية شعبه وكرامته".
كما شددا على أن مرسي يستحق كل تكريم دولي، وبذل كل الجهود لـ"كشف حقيقة استشهاده مدافعاً عما آمن به، من قيم كونية وإنسانية غير محدودة بمكان أو تيار معين"، فضلاً عن إيمانهما إيماناً عميقاً بأن الحل يكمن في يد الشعب المصري، من أجل نيل حريته وكرامته، "التي عاش واستُشهد من أجلها الرئيس الراحل".
وفي مارس/آذار 2018، أنشئت لجنة مستقلة لمراجعة ظروف احتجاز مرسي، برئاسة النائب في مجلس العموم البريطاني كريسبين بلانت، وعضوية العديد من أعضاء الأحزاب تحت قبة البرلمان البريطاني، وكبار المحامين، غير أن السلطات المصرية رفضت طلب اللجنة بالسماح للوصول إلى مرسي في محبسه بأي شكل مباشر.
ومع ذلك، تمكنت اللجنة المستقلة من مراجعة الأدلة الأخرى، وإجراء تقييم طبي لحالة الرئيس المصري الراحل، لتخلص في النهاية إلى إدانة مجمع سجون طرة شديد الحراسة، المتضمن ما يسمى بـ"سجن العقرب"، بأشد العبارات، على خلفية فشله في معاملة السجناء السياسيين، وفقاً لما يقتضيه كل من القانونين المصري والدولي.
ورأت اللجنة البريطانية أن كل ما صدر عن الرئيس المصري الراحل، مباشرة في أقواله، أثناء بيانه أمام المحكمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، والتصريحات التي أدلى بها نجله عبد الله مرسي، تبدو متسقة مع البيانات المسجلة والموثقة لدى الأمم المتحدة، ووزارة الخارجية الأميركية، ومنظمة "هيومن رايتس ووتش"، ومنظمة العفو الدولية، وغيرها من منظمات حقوق الإنسان حول سوء معاملة السجناء في مصر.
وحسب النتائج التي توصلت إليها اللجنة، فإنها رجحت أن البيانات التي قدمها مرسي صحيحة، لتطابقها مع النتائج التي تم التوصل إليها بخصوص معاملة السجناء في مصر عموماً، والسجناء السياسيين على وجه الخصوص؛ وكذا النتائج التي توصل إليها د. بول وليامز، بشأن عدم تلقي مرسي الرعاية الطبية الكافية، ومعاناته من القصور في العلاج والمتابعة إزاء مرض السكري، ومرض الكبد، اللذين كان يعاني منهما.
واستناداً إلى التقارير الطبية، بينت اللجنة المستقلة احتمالية أن تؤدي نتيجة هذه الرعاية غير المناسبة إلى تدهور سريع لظروف مرسي الصحية على المدى الطويل، وهو ما قد يؤدي إلى الموت المبكر له، مشيرة إلى أن ظروف احتجازه كانت دون المستوى المتوقع للمعايير الدولية للسجناء، وقد تدخل في إطار أنواع التعذيب، نظراً لما تشكله من معاملة قاسية ولاإنسانية ومهينة.