يناصر البعض في تونس الطلاق بالتراضي من دون اللجوء إلى المحكمة على عكس آخرين. لكلّ طرف حججه، وهو ما يتسبب في استمرار الجدال في البلاد التي ارتفعت فيها نسب الطلاق في السنوات الأخيرة
يستمرّ الجدال في تونس حول مبادرة دعت إليها منظّمات ومحامون ووزراء سابقون لإقرار مشروع قانون يسمح للتونسيين بالطلاق من دون محكمة، أي بالتراضي بين الزوجين مهما كانت جنسيتهما، بمجرد كتابة الاتفاق على ورقة والتوقيع عليها وإيداعها لدى عدل إشهاد.
وفي وقت يرى بعضهم أنّ هذه المبادرة قد تقلّص من إجراءات وتعقيدات الطلاق، الذي يتحقق وجوباً عن طريق المحكمة، يعتبرها آخرون خطوة إلى الوراء وضرباً لمكاسب وحقوق المرأة. ولا يحصل الطلاق في تونس إلا بحكم قضائي، بحسب الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية. لكن حرصاً من المشرّع التونسي على تفادي الطلاق قدر الإمكان، أوجب الفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية ألا يصدر حكم الطلاق إلّا بعد بذل قاضي الأسرة جهداً في محاولة الصلح بين الزوجين وعجزه عن ذلك.
وتجرى محاولة الإصلاح ثلاث مرّات إذا ما كان لدى الزوجين طفل قاصر أو أكثر. ويمكن الاكتفاء بجلسة واحدة في حال الطلاق بالتراضي. ويقول الناطق الرسمي باسم وزارة العدل سفيان السهيلي لـ "العربي الجديد" إنّ عدد أحكام الطلاق الصادرة خلال السنة القضائية 2013 و2014 بلغت 14 ألفاً و527 حكماً. وخلال السنة القضائية 2014 و2015، سُجّل 14 ألفاً و982 حكماً في الشهر، أي بمعدل 1248 حالة طلاق في الشهر و41 حالة يومياً، لافتاً إلى أن هذه هي الإحصاءات الرسمية الوحيدة المتوفرة حالياً.
وفي ظل زيادة نسب قضايا الطلاق في تونس، يؤكد رئيس الجمعية التونسية للنهوض بالرجل والأسرة والمجتمع، المحامي حاتم المنياوي، لـ "العربي الجديد"، أنّ اقتراح الطلاق من دون محكمة يمكن أن يقلّص من إجراءات التقاضي والأعباء على القضاة، خصوصاً أن الأرقام تشير إلى وجود ما بين 12 ألفاً و14 ألف حكم طلاق سنوياً، من دون احتساب عدد القضايا التي تنتهي بالصلح بين الطرفين. ويشير إلى أن محامين ووزراء سابقين يؤيّدون هذه المبادرة، وقد دعوا المشرّع التونسي إلى وضع مشروع قانون يسمح للزوجين بالطلاق من دون اللجوء إلى المحكمة، اقتداء بالتجربة الفرنسية. ويبيّن أن هذا المشروع يمكن أن ينجح في تونس في حال لم يكن هناك أبناء، وإذا ما باتت الحياة الزوجية بين الطرفين مستحيلة، ما يقلص من إجراءات التقاضي ومصاريف الطلاق، ويحدّ من الطعن في الأحكام.
اقــرأ أيضاً
ويلفت المنياوي إلى أن هذا المقترح أقل تعقيداً من إجراءات التقاضي الحالية، علماً أن أقل مدة طلاق تستغرق شهرين ونصف الشهر، وقد تمتد إلى عام أو أكثر في حال كان هناك أبناء وحضانة ونفقة. يضيف أنّ الجمعية سبق أن اقترحت منذ عام 2011 ضرورة تعديل بعض فصول إجراءات الطلاق، منها الفصل 31 الذي يتحدث عن الطلاق بالتراضي والضرر والإنشاء، لافتاً إلى أنه يمكن اختصار المهل الزمنية. ويبيّن أنّه لا بد من نظرة أشمل للقوانين وتنقيح بعض الفصول من دون تحميل الرجل أكثر من طاقته من نفقة وحرمان من الحضانة، خصوصاً أن القانون التونسي أكثر انحيازاً للمرأة على حدّ قوله. ويبين أنّه يعرف العديد من الأشخاص الذين دمرت حياتهم بسبب إجراءات الطلاق المعقدة.
وتؤكّد رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة، المحامية راضية الجربي، لـ "العربي الجديد"، أنّه لا يمكن لتجربة الطلاق بدون محكمة أن تنجح، لافتة إلى أن المحكمة والقاضي هما الضمانة الوحيدة لحقوق المطلقين. وطالما أنّ عقد الزواج كتابي، فإن الطلاق يبقى كتابياً أيضاً ويحصل بحكم المحكمة. وتشير إلى ضرورة توفر الإرادة والرغبة في قبول الطلاق والموافقة عليه، قبل إصدار المحكمة حكمها.
وتُبيّن الجربي أن تونس قطعت أشواطاً عدة في ما يتعلّق بمشاريع القوانين الخاصة بالطلاق، إلا أن الطلاق من دون محكمة يشبه الطلاق العرفي أو الشفهي، لافتة إلى وجود آليات للطلاق السريع لا تستغرق وقتاً طويلاً، خصوصاً في حالات التراضي. وتلفت إلى أنّ الاتحاد المعني بشؤون المرأة يرفض مثل هذه المبادرات، وسيتصدّى لها لأنها محاولة للعودة إلى الوراء، إذ لا بد للطلاق أن يكون تحت حماية القاضي الذي يعاين رغبة الطرفين في الطلاق وعدم وجود إكراه في ذلك.
وترى أنّ الطلاق لا يهم الزوجين فقط بل الأبناء، وقد يؤدي إلى مشاكل في الحضانة والسكن والنفقة. بالتالي، فإنّ كل هذه المشاكل تحلّ عن طريق المحكمة. تضيف: "طالما نصّ الدستور على إجراءات تحمي المرأة، لا تمكن العودة بالحقوق إلى الوراء".
إلى ذلك، يؤكّد المحامي المتخصّص في قضايا الطلاق محمد الهادي غومة، أنّه لا يمكن ترك الموضوع لإرادة الطرفين، بل يجب أن يتدخل المشرّع والقضاء لحماية جميع الأطراف وخلق توازن. يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ القانون التونسي يخلق هذا التوازن، لافتاً إلى وجوب مراعاة مصلحة الأطفال في الطلاق، والمراقبة ضرورية حتى لا يفقد الزواج مفهومه الاجتماعي. ويوضح أنّ الطلاق التعاقدي أو من دون محكمة لا يستجيب لطبيعة المجتمعات العربية والمجتمع التونسي تحديداً، لافتاً إلى أنه يمكن تعديل بعض الإجراءات لتجاوز مجموعة من التعقيدات وطول مدة التقاضي، مشدداً على ضرورة الإبقاء على رقابة المحكمة.
اقــرأ أيضاً
بدورها، ترى المديرة التنفيذية للنساء الديمقراطيات نادية حكيمي أنّ عدم للذهاب إلى المحكمة أمر غير مقبول، لأن الزواج عقد، وفسخ عقد الزواج يستوجب اللجوء إلى المحكمة لضمان حقوق الطرفين. وتشدّد على وجوب دراسة كلّ جوانب الاقتراح، وإن كان يقدم ضمانات تحمي حقوق الزوجين أم لا.
يستمرّ الجدال في تونس حول مبادرة دعت إليها منظّمات ومحامون ووزراء سابقون لإقرار مشروع قانون يسمح للتونسيين بالطلاق من دون محكمة، أي بالتراضي بين الزوجين مهما كانت جنسيتهما، بمجرد كتابة الاتفاق على ورقة والتوقيع عليها وإيداعها لدى عدل إشهاد.
وفي وقت يرى بعضهم أنّ هذه المبادرة قد تقلّص من إجراءات وتعقيدات الطلاق، الذي يتحقق وجوباً عن طريق المحكمة، يعتبرها آخرون خطوة إلى الوراء وضرباً لمكاسب وحقوق المرأة. ولا يحصل الطلاق في تونس إلا بحكم قضائي، بحسب الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية. لكن حرصاً من المشرّع التونسي على تفادي الطلاق قدر الإمكان، أوجب الفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية ألا يصدر حكم الطلاق إلّا بعد بذل قاضي الأسرة جهداً في محاولة الصلح بين الزوجين وعجزه عن ذلك.
وتجرى محاولة الإصلاح ثلاث مرّات إذا ما كان لدى الزوجين طفل قاصر أو أكثر. ويمكن الاكتفاء بجلسة واحدة في حال الطلاق بالتراضي. ويقول الناطق الرسمي باسم وزارة العدل سفيان السهيلي لـ "العربي الجديد" إنّ عدد أحكام الطلاق الصادرة خلال السنة القضائية 2013 و2014 بلغت 14 ألفاً و527 حكماً. وخلال السنة القضائية 2014 و2015، سُجّل 14 ألفاً و982 حكماً في الشهر، أي بمعدل 1248 حالة طلاق في الشهر و41 حالة يومياً، لافتاً إلى أن هذه هي الإحصاءات الرسمية الوحيدة المتوفرة حالياً.
وفي ظل زيادة نسب قضايا الطلاق في تونس، يؤكد رئيس الجمعية التونسية للنهوض بالرجل والأسرة والمجتمع، المحامي حاتم المنياوي، لـ "العربي الجديد"، أنّ اقتراح الطلاق من دون محكمة يمكن أن يقلّص من إجراءات التقاضي والأعباء على القضاة، خصوصاً أن الأرقام تشير إلى وجود ما بين 12 ألفاً و14 ألف حكم طلاق سنوياً، من دون احتساب عدد القضايا التي تنتهي بالصلح بين الطرفين. ويشير إلى أن محامين ووزراء سابقين يؤيّدون هذه المبادرة، وقد دعوا المشرّع التونسي إلى وضع مشروع قانون يسمح للزوجين بالطلاق من دون اللجوء إلى المحكمة، اقتداء بالتجربة الفرنسية. ويبيّن أن هذا المشروع يمكن أن ينجح في تونس في حال لم يكن هناك أبناء، وإذا ما باتت الحياة الزوجية بين الطرفين مستحيلة، ما يقلص من إجراءات التقاضي ومصاريف الطلاق، ويحدّ من الطعن في الأحكام.
ويلفت المنياوي إلى أن هذا المقترح أقل تعقيداً من إجراءات التقاضي الحالية، علماً أن أقل مدة طلاق تستغرق شهرين ونصف الشهر، وقد تمتد إلى عام أو أكثر في حال كان هناك أبناء وحضانة ونفقة. يضيف أنّ الجمعية سبق أن اقترحت منذ عام 2011 ضرورة تعديل بعض فصول إجراءات الطلاق، منها الفصل 31 الذي يتحدث عن الطلاق بالتراضي والضرر والإنشاء، لافتاً إلى أنه يمكن اختصار المهل الزمنية. ويبيّن أنّه لا بد من نظرة أشمل للقوانين وتنقيح بعض الفصول من دون تحميل الرجل أكثر من طاقته من نفقة وحرمان من الحضانة، خصوصاً أن القانون التونسي أكثر انحيازاً للمرأة على حدّ قوله. ويبين أنّه يعرف العديد من الأشخاص الذين دمرت حياتهم بسبب إجراءات الطلاق المعقدة.
وتؤكّد رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة، المحامية راضية الجربي، لـ "العربي الجديد"، أنّه لا يمكن لتجربة الطلاق بدون محكمة أن تنجح، لافتة إلى أن المحكمة والقاضي هما الضمانة الوحيدة لحقوق المطلقين. وطالما أنّ عقد الزواج كتابي، فإن الطلاق يبقى كتابياً أيضاً ويحصل بحكم المحكمة. وتشير إلى ضرورة توفر الإرادة والرغبة في قبول الطلاق والموافقة عليه، قبل إصدار المحكمة حكمها.
وتُبيّن الجربي أن تونس قطعت أشواطاً عدة في ما يتعلّق بمشاريع القوانين الخاصة بالطلاق، إلا أن الطلاق من دون محكمة يشبه الطلاق العرفي أو الشفهي، لافتة إلى وجود آليات للطلاق السريع لا تستغرق وقتاً طويلاً، خصوصاً في حالات التراضي. وتلفت إلى أنّ الاتحاد المعني بشؤون المرأة يرفض مثل هذه المبادرات، وسيتصدّى لها لأنها محاولة للعودة إلى الوراء، إذ لا بد للطلاق أن يكون تحت حماية القاضي الذي يعاين رغبة الطرفين في الطلاق وعدم وجود إكراه في ذلك.
وترى أنّ الطلاق لا يهم الزوجين فقط بل الأبناء، وقد يؤدي إلى مشاكل في الحضانة والسكن والنفقة. بالتالي، فإنّ كل هذه المشاكل تحلّ عن طريق المحكمة. تضيف: "طالما نصّ الدستور على إجراءات تحمي المرأة، لا تمكن العودة بالحقوق إلى الوراء".
إلى ذلك، يؤكّد المحامي المتخصّص في قضايا الطلاق محمد الهادي غومة، أنّه لا يمكن ترك الموضوع لإرادة الطرفين، بل يجب أن يتدخل المشرّع والقضاء لحماية جميع الأطراف وخلق توازن. يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ القانون التونسي يخلق هذا التوازن، لافتاً إلى وجوب مراعاة مصلحة الأطفال في الطلاق، والمراقبة ضرورية حتى لا يفقد الزواج مفهومه الاجتماعي. ويوضح أنّ الطلاق التعاقدي أو من دون محكمة لا يستجيب لطبيعة المجتمعات العربية والمجتمع التونسي تحديداً، لافتاً إلى أنه يمكن تعديل بعض الإجراءات لتجاوز مجموعة من التعقيدات وطول مدة التقاضي، مشدداً على ضرورة الإبقاء على رقابة المحكمة.
بدورها، ترى المديرة التنفيذية للنساء الديمقراطيات نادية حكيمي أنّ عدم للذهاب إلى المحكمة أمر غير مقبول، لأن الزواج عقد، وفسخ عقد الزواج يستوجب اللجوء إلى المحكمة لضمان حقوق الطرفين. وتشدّد على وجوب دراسة كلّ جوانب الاقتراح، وإن كان يقدم ضمانات تحمي حقوق الزوجين أم لا.