مخيمات الشمال السوري... اكتظاظ المدارس يعطل التعليم

13 أكتوبر 2024
تلاميذ خارج إحدى المدارس (محمد الرفاعي/ Getty)
+ الخط -

كثيراً ما يصطدم الأهالي في مخيمات الشمال السوري بالاكتظاظ في المدارس الذي يحول دون تسجيل أولادهم فيها، ما يزيد من نسبة التسرب المدرسي في ظل عدم القدرة على اللجوء إلى المدارس الخاصة.

يُواجه النازحون في مخيمات شمال غربي سورية مشكلات في إلحاق أبنائهم بمدارس المخيمات، وهو ما يحول دون إكمال قسم من التلاميذ تعليمهم، ويعزز ظاهرة التسرب المدرسي التي باتت مقلقة في المنطقة، حيث يعاني قطاع التعليم أزمات عدة أيضاً.
تقيم النازحة سهام البر في مخيمات منطقة دير حسان شمال إدلب، وهي إحدى المناطق التي تشكل تجمعاً ضخماً للمخيمات. البر أم لثلاثة أطفال جميعهم في المدارس. توضح في حديثها لـ "العربي الجديد" أنها حاولت منذ العام الدراسي الماضي إلحاق ابنها بالمدرسة في المخيم، لكنها لم تستطع. تقول: "حاولت تسجيل ابني في المدرسة القريبة منذ أشهر، لكنهم قالوا إنه لا مجال. المدرسة مكتظة ولا يمكنها استقبال المزيد من التلاميذ. ابني يحب الدراسة لكن الظروف تضطره إلى البقاء في المنزل. وأنا قلقة على مستقبله".
في المقابل، تحاول المدارس في المخيمات استيعاب العدد الأكبر من الطلاب، كما يوضح المدرس أسامة الدرويش، العامل ضمن المخيمات في ريف إدلب الشمالي. ويقول إن الاحتياجات تفوق القدرات بكثير. "نحن نرغب في تقديم أفضل ما لدينا. المساحة محدودة وعدد التلاميذ يبلغ الخمسين في الصف الواحد" مضيفاً: "لا يمكن استقبال المزيد. الأطفال متعطشون للتعليم، لكن لا يوجد دعم من المنظمات الدولية، ولا توجد حلول لتوسيع المدارس أو إنشاء فصول جديدة".
ويتجاوز عدد المخيمات في منطقة شمال غرب سورية 1900 مخيم، نحو 62% منها لا تحتوي على مدارس أو أي من المرافق التعليمية، وفق إحصائيات فريق "منسقو استجابة سورية"، علماً أن المدارس في بعض المخيمات عبارة عن خيمة كبيرة أي صف واحد فقط.
فاطمة السعد، وهي أم لثلاثة أطفال تقيم في مخيم الرحمة القريب من مدينة الدانا شمالي إدلب، تقول لـ "العربي الجديد": "يومياً، أذهب إلى إدارة مدرسة المخيم للاستفسار عن إمكانية تسجيل أبنائي في المدرسة. لكن الجواب الدائم هو: لا يوجد أماكن". تضيف: "أشعر بالعجز أمام إصرار أطفالي على الذهاب إلى المدرسة. لكن ماذا أفعل؟ هذا الوضع سيضيع مستقبلهم. ابنتي الكبرى كانت متفوقة في مدرستها قبل النزوح، والآن تقضي أيامها من دون تعليم".

تتابع السعد: "هربنا من القصف بحثاً عن الأمان، لكن الأطفال الآن يواجهون خطراً آخر، وهو التسرب من التعليم. ثلاثة من أبنائي في سن المدرسة، لكنها لا تستطيع استيعابهم جميعاً. لقد تركوا التعليم وبدؤوا العمل لإعانتنا في المصروف بدلاً من الدراسة، وهنا يكمن الخطر الأكبر، ولا طاقة لنا على التعليم الخاص الباهظ".
أما منار العوض، وهي أرملة نازحة أيضاً تقيم في تجمع مخيمات دير حسان، فتقول لـ "العربي الجديد" إنها بعد وفاة زوجها، تحملت الكثير من المسؤوليات، منها مسؤولية خمسة أطفال. تضيف: "يجب أن يكون لهم فرصة في حياة أفضل من خلال التعليم"، كما تقول العوض. تضيف: "الوضع هنا في المخيم لا يسمح بالتعليم بسهولة. المدارس مكتظة، وأطفالي محرومون من التعليم منذ عامين، لا أعرف كيف سيتعلمون أو كيف سيواجهون الحياة من دون شهادات".
بدوره، يقول محمد الحسن، وهو طالب في مرحلة التعليم الأساسي، علماً أنه يجب أن يكون في الصف الثامن، لـ"العربي الجديد": "أحب المدرسة وأشتاق لأصدقائي ومعلمي. كنت الأول في صفي قبل النزوح. أما الآن، فأقضي وقتي في المخيم، ألعب مع الأطفال الآخرين ولا شيء مهمّاً أفعله". يتابع: "أود أن أتعلم وأصبح طبيباً، لكن لا أحد يعرف متى تتسع مدرسة المخيم لمكان لي".

ويرى المدرّس جهاد المصطفى الذي تنقل في مخيمات عدة خلال فترة النزوح قبل الاستقرار قرب مدينة إدلب، أنه لا حلول لأزمة التعليم خصوصاً في المخيمات. يضيف خلال حديثه لـ "العربي الجديد": "هناك مشاكل على مستوى البنية التحتية، والكوادر، ورواتب المدرسين". ويلفت المصطفى إلى أنّ هناك جهوداً كبيرة تبذل في المنطقة من قبل المدرسين ومديري المدارس لقبول الطلاب حتى في حال اكتظاظ الصفوف". يضيف: "من المؤكد أنه يوجد بعض التجاوزات في بعض المدارس، لكن الحالة العامة سيئة".
وتعاني المدارس قلة الموارد والبنى التحتية المدمرة، بينما يشهد نظام التعليم تأخراً وانقطاعاً، وهذا بدوره يؤثر كثيراً على جودة التعليم ووصول الطلاب إلى التعليم، وفق تقرير لمنظمة "بنفسج" حول وضع التعليم في المخيمات السورية.
ووفقاً لتقرير صدر في أواخر عام 2023 الماضي، قدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أن عدد الطلاب خارج المدارس في جميع أنحاء سورية بنحو 2.4 مليون طفل، منهم 800 ألف طفل خارج المدارس في شمال غرب سورية وحدها.

المساهمون