طلاب الثانوية في مصر: رجعوا التلامذة

29 يونيو 2016
(من تظاهرات الطلبة في مصر، فيسبوك)
+ الخط -

سنة بعد سنة، يطالع الطالب المصري عشرات الكتب، ويستمع إلى مئات الأشخاص كلهم يعدونه بجنة ما بعد الثانوية العامة، قائلين: "اجتهد الآن، لتذق حلاوة الراحة في ما بعد". هذا في ما يخصه، أما أسرته، فتدّخر من قوتها ما يضمن للولد سندًا ماليًا يكفل سنة مليئة بالدروس الخصوصية وحصص المراجعات النهائية، حتى ينال الجميع ما تمنى، أو تحطم أحلامهم وأمنياتهم مكاتب التنسيق، وبعض درجات 100%.

إلا أن هذا العام كان مختلفًا، وزير جاء بضجة على وسائل التواصل الاجتماعي، يقول من صنعوها عبر فيسبوك وتويتر إنه وزير الأخطاء الإملائية، وتسريبات بالجملة منذ بدء امتحانات السنة النهائية لمرحلة الثانوية العامة، وبالتحديد مع امتحان اللغة العربية والتربية الدينية، اعترفت الوزراة منها بتسريب التربية الدينية، وأفاقت بحسب الطلاب عند اقتراب موعد نهاية الامتحانات مع امتحان الديناميكا، لتقول لطلابها: "عفوًا، يبدو أن نماذج إجابات قد سربت، وعليه فقد قرّرنا إعادة امتحان، وتأجيل آخرين".
 

الطلاب ينتفضون
صباح الأحد 26 حزيران/ يونيو، تجمع عشرات الطلاب أمام وزارة التربية والتعليم المصرية احتجاجًا على إعادة امتحان الديناميكا، بعد تسريبه عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مطالبين بإقالة وزير التربية والتعليم المصري، الهلالي الشربيني، متهمينه بالفشل، وفساد الإدارة، ومعلنين عن حشد أكبر ليوم الإثنين، 27 حزيران/ يونيو.

بعد وقفة العاصمة، لم تكد تمر ساعات حتى جابت التظاهرات محافظات مصرية عديدة. ففي المنصورة عاصمة، محافظة الدقهلية، احتشد طلاب المحافظة أمام ديوانها، ومعهم أولياء الأمور، يرددون هتافات مناهضة للوزير، مطالبينه بالاستقالة، ومحتجين على قرارات الوزارة بتأجيل الامتحانات.

لم يقف الطلاب في المنصورة وحدهم، فرغم بعد المسافة، انضم إليهم زملاء في طنطا عاصمة محافظة الغربية؛ مرددين هتافات "شمال يمين.. غيروا القوانين"، "فتش.. فتش في اللجان احنا اللي معانا الامتحان"، الحال نفسه تكرر في أسوان وبورسعيد، وغيرها من مدن مصر.

أميرة أحمد، طالبة بالثانوية العامة، علمي رياضيات، تقول لـ"جيل العربي الجديد" إنها أصيبت بالإحباط من قرار الوزراة بتأجيل الامتحان، وعدم قدرتها على منع تسريبه. وتتابع أن كل ما كانت تحلم به يبدو الآن سرابًا، بسبب مسؤولين لا يستيطعون تلبية مهام وظيفتهم.

تشير أميرة إلى عدم قدرتها على الاستمرار في الدراسة بعد ما حدث، خاصة بعد شعورها أن امتحانات هذا العام ستطول بلا انتهاء ككابوس لا يمكن الإفاقة منه.


معاودة الاحتجاج
يوم الإثنين 27 يونيو/ حزيران، لم يكن باليوم الذي يمر مرور السحاب. ففي صباحه، تجمع مئات الطلبة، وإلى جوارهم لافتات حذرت من الوقوف، أمام مقر وزارة التربية والتعليم، والتي تحمل الآن لقب "الخصم" بجدارة، الهتافات متكررة، منذ الأحد، منددة بتأجيل الامتحانات، وإقالة الوزير، وأن تتحمل الحكومة المصرية مسؤوليتها تجاه ما يحدث من وقائع تسريب الامتحانات، ومعاقبة المسؤولين.

وبينما يتظاهر الطلبة أمام مقر الوزارة، خرج وزير التربية والتعليم، في مؤتمر صحافي ليعلن للطلبة وأولياء أمورهم، وسائر المهتمين بالقضية، أن الوزراة لم تعترف رسميًا سوى بتسريب امتحاني الديناميكا والتربية الدينية، وهما ما ستتم إعادتهما، وتأجيل بقية الامتحانات إلى أوائل يوليو/ تموز القادم، وهو ما قابله الطلاب بمزيد من الهتافات ضد الوزير وقرارته.

خلال مؤتمره، قال وزير التربية والتعليم، إن تأجيل الامتحانات، جاء حرصًا على مبدأ تكافؤ الفرص، لدى الطلبة، وإن الوزراة تلقت شكاوى خلال انعقاد غرفة عملياتها بشأن تسريب إجابات امتحان الديناميكا.


تصاعد الأحداث
إنعام مجدي، إحدى المحتجات أمام وزارة التربية والتعليم تقول لـ"جيل العربي الجديد": "توجهنا للوزارة كي نقول كلمتنا الرافضة لتأجيل الامتحانات، ومعنا بعض أولياء الأمور، وكان الأمر هادئًا، إلى أن احتجز أمن الوزارة ثلاثة من زملائنا، وطلبوا منا بعدها المغادرة مقابل إطلاق سراحهم، أو الفض بالقوة".

تتابع: "رفضنا الانصراف وتابعنا الهتافات "منظومة فاشلة.. منظومة فاشلة"، في إشارة لمنظومة التعليم المصرية، و"مش هنمشي.. هو يمشي" في إشارة لوزير التربية والتعليم".

وتشير إلى اعتداء الأمن عليهم قائلة: "بعد استمرار الهتافات، تقدم أفراد في زي الشرطة المصرية، وطاردونا حتى محطة مترو سعد زغلول، والسيدة زينب - وسط القاهرة - وهاجموا الصحافيين، وطالبوهم بعدم التصوير".


التحرير
إسلام حمدي، علمي علوم، يقول لـ "جيل العربي الجديد" في السياق ذاته، إنه عقب مطاردة الأمن للطلبة بمحيط الوزارة، عاود الطلاب التجمع بميدان التحرير، وعند محاولتهم دخوله، عادت قوات الأمن لمطاردتهم بالخرطوش والغاز المسيل للدموع في الشوارع المؤدية للميدان وبخاصة شارع محمد محمود.

ويضيف حمدي أن الأمن ألقى القبض على عدد من المتظاهرين يقدر عددهم بـ 25 طالبًا، لم تفرج عنهم سوى الثلاثاء 28 حزيران/ يونيو، بعد عقد جلسات نصح وإرشاد داخل الوزارة، حسب قوله.

ويتابع أن الجلسات تمت بحضور أولياء الأمور، وحثت الطلبة على عدم قطع الطريق أو التظاهر.


بلورة المطالب
فيما دعا عدد من طلبة الثانوية العامة إلى معاودة الاحتشاد يوم الأربعاء 29 يونيو/ حزيران، وحددوا عدداً من المطالب أبرزها، إقالة وزير التربية والتعليم ومحاسبة المتسببين في تسريب امتحانات الثانوية العامة، وإلغاء نظام التنسيق وتطبيق نظام القدرات، وإعادة هيكلة المنظومة التعليمية، وإعطاء المدرس حقه. وتضمنت المطالب إعادة تطوير المدارس الحكومية، والتمسك بكامل مجانية التعليم، وتطوير معامل الأبحاث والتجارب وتطبيقها بدلا من التعليم النظري.

المساهمون