طفلة روسيّة في ضيافة عائلة ألمانيّة

20 مايو 2015
لم تحب الطعام في ألمانيا (العربي الجديد)
+ الخط -
أرادَ الألماني ينس مولر استقدام طفلة من روسيا إلى منزله، لتعيش مع عائلته نحو 12 أسبوعاً، في إطار برنامج خاص لتبادل التلاميذ. تقول زوجته أنيكو لـ "العربي الجديد": "في أحد المساءات، سألني عن رأيي بطفلة جديدة. ظننت لوهلة أنه يفكر بأن ننجب طفلاً جديداً. لكنه سارع إلى توضيح فكرته، وهي أن تزورنا طفلة لفترة معينة. كان قد جمع المعلومات حول الموضوع قبل طرحه. لم أجد مشكلة في الأمر. أما ابنتانا، فتفاعلتا مع الفكرة على طريقتهما".

يحكي مولر لـ "العربي الجديد" عن أسباب استقدامه الطفلة للإقامة في منزله. يوضح أن اهتمامه بموضوع تبادل التلاميذ بدأ قبل نحو 25 عاماً، بعد انهيار جدار برلين. "في ذلك الوقت، حصلت على فرصة للسفر ضمن تبادل للطلاب، لكنني أضعتها. في المقابل، سافر أحد أصدقائي إلى لندن وعاش هناكَ تجربة مختلفة وتعلّم لغة جديدة. أيضاً، لدي رغبة في التجديد. إنه لأمر جيد التعرف إلى طفل جديد".
من جهتها، توضح أنيكو أن زوجها شديد التعلق بالعائلة. كما أن فكرة استضافة طفلة جديدة تنبع بالدرجة الأولى من رغبته في فعل شيء جميل للعائلة "كل حياته تدور حول عائلتنا، عدا عن شعوره الإنساني. هو قادر على تقديم أشياء كثيرة إلى طفلة لا يعرفها". تضيف: "نرغب أن نتيح فرصة لطفلة التعرف على ثقافتنا الألمانية، وخصوصاً إن كان لديها الرغبة في ذلك".
وعن سبب اختيار طفلة من روسيا، يشرح مولر أنه زار روسيا مرتين وكون عنها انطباعا إيجابياً. أراد طفلة لا تنتمي إلى عائلة غنية، وبالتالي ليست قادرة على السفر متى تشاء. كما أن الثقافة الروسية لا تختلف كثيراً عن تلك الألمانية، بعكس الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال. أيضاً، فإن الأطفال في روسيا أكثر ارتباطاً بالعائلة بالمقارنة مع بلدان أخرى.

تكفلت العائلة بدفع جميع مصاريف قدوم الطفلة. تقول أنيكو إن "أحوال عائلات روسيا المادية ليست جيدة"، لافتة إلى أن "استقدام طفل من روسيا أو فرنسا يناسبنا أكثر من استقدام طفل من أميركا على سبيل المثال". وتشرح أن إحدى العائلات الألمانية أرسلت ابنتها لمدة سنة إلى أميركا لتعيش مع عائلة أميركية، وقد كلفتها الزيارة نحو ١٠ آلاف دولار. وهذا مبلغ كبير جداً، علماً أن جزءاً منه يذهب للجمعية المسؤولة عن تحضير الأوراق والرحلة والتأمين الصحي". وتلفت أيضاً إلى التشابه بين الثقافتين، ما يجعل فكرة إقامة الطفلة لديهم أسهل.
وعادةً ما تختار العائلات التلاميذ الراغبين من خلال الإنترنت ضمن مواقع معينة، يعرف من خلالها الأطفال الراغبين عن أنفسهم، ويحكون عن شخصياتهم ومهاراتهم، والأماكن التي يرغبون بزيارتها في ألمانيا. وتتكفّل جمعيات متخصصة بتنظيم عمليات التبادل هذه، وتبحث عن العائلات الراغبة باستضافة أي زائر. تقول أنيكو: "حين رأيتُ صورة هذه الفتاة، وطريقة كتابتها، عرفت أنها قد تنسجم معنا. تراسلنا مع الجمعية وطلبنا استضافتها، ثم صرنا نتراسل من خلال البريد الإلكتروني مع أهلها. ولحسن الحظ أن الفتاة تعرف اللغة الألمانية، وقدومها إلى البلاد سيساعدها على تحسين لغتها".

كانت أنيكو تخشى فقط ألا تنسجم عائلتها مع الفتاة أو العكس، وأقلقها احتمال نشوب خلافات. في هذا الإطار، ترى أن "مدة الثلاثة أشهر تعد جيدة وكافية للزيارة. كما أن هذه الزيارة لا تتطلب المبادلة بين الفتاة وإحدى بناتي".

بدورهما، رحبت الفتاتان الصغيرتان بالفكرة، علماً أن الابنة الأكبر كانت قد بدأت بتعلم اللغة الروسية كلغة ثانية بعد الإنكليزية. ووجدت أن قدوم الفتاة الروسية سيساعدها على تحسين لغتها أيضاً، على الرغم من تنبيه والدتها المستمر لها بضرورة الحديث معها بالألمانية. أما الفتاة الصغرى، فوجدت في زيارتها فرصة لاكتشاف ألعاب جديدة وحكايات لا تعرفها.

يقول الأب إنه ليس لديه أي توقعات أو مخاوف. كل ما يتمناه أن يكون حضورها إيجابياً، و"يحدث تغييراً في حياتنا، وتفرح ابنتي معها، وتعجبها الحياة في ألمانيا وتؤثر فيها".
وصلت الطفلة إلى ألمانيا، وقد واجهت صعوبة في الدراسة بالألمانية، بالإضافة إلى عدم حبها للطعام الألماني. تقول: "أشتاق إلى أهلي، علماً أنها تجربة جديدة وغريبة. أفضل اللعب مع الفتيات بدلاً من الذهاب إلى المدرسة".

اقرأ أيضاً:أطفال ألمانيا يعملون راغبين