19 يونيو 2019
طبول الحرب
عمر الجنابي (العراق)
صوت الطبول الأميركية يقرع في أذنيّ وكأنه يصدر من المياه الإقليمية ليصل صداه إلى العراق وربما سورية، وبدرجة أقل إلى لبنان واليمن. وبحسب ما أسمعه، فإن الصوت قد لا يصل إلى طهران، على الأقل في الوقت الراهن، أو بحسب ما يصدر من أصوات لهذه الطبول حاليا، ومن لا يسمع هذا الصوت عليه بمراجعة أقرب مقر لفصيل مسلح مدعوم إيرانياً ليرى ويسمع تبدّل ألوان الوجوه وتسارع نبضات دقات القلوب.
لا نقبل اللون الرمادي، فإما معنا أو مع إيران، هذا ما نقلته مصادر صحافية وسياسية قريبة من مكتب رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، عن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الذي زار بغداد بطريقة مفاجئة أو بالطريقة التي يفضّل قادة الصف الأول في الإدارة الأميركية الذين اعتادوا على ركل الباب والدخول من دون التكلف بطرقه أو حتى إصدار أي صوت قبل دخولهم.
ما نقلته المصادر شبه الرسمية عن بومبيو، أنه أخبر رئيس الوزراء بضرورة إخضاع الفصائل المسلحة للحكومة، ومن أي تصرفات طائشة ستضعها تحت مرمى النيران الأميركية المباشرة. ويبدو أن الاستخبارات الأميركية رصدت تحركات جدية لضرب المصالح الأميركية داخل العراق وخارجه، واستخدام منصات إطلاق لصواريخ بالستيَّة من الأراضي العراقية، حيث نشرت تقارير سابقة أنّ عشرات الصواريخ مع منصاتها تمّ نشرها في مناطق متفرقة من البلاد، لكن الولايات المتحدة لم تحرك ساكنا إزاء تلك الأنباء. ويبدو أن التقارير الأخيرة دفعت وزير الخارجية الأميركي إلى هذه الزيارة المفاجئة، والتي تقاطعت مع زيارة رسمية إلى برلين. لكن قبل ذلك بساعات قررت الإدارة الأميركية إرسال قوة بحرية ضاربة مكونة من حاملة الطائرات العملاقة (إبراهام لنكولن) وبصحبتها أربع سفن حربية مدمرة، وتضم هذه القوة البحرية فرقاطتين ومدمرتين وقرابة سبعين طائرة مقاتلة وقاصفة. وقبلها بشهر تقريبا أرسلت واشنطن سربين لطائرات إلى الإمارات، كل تلك القوات، والتي تعد جميعها قوة جوية ضاربة بما فيها طائرات B52 المدمرة، تؤكد أن نية الإدارة الأميركية هي ضرب أهداف محددة، كما حصل في وقت سابق مع العراق قبل الغزو الأميركي واحتلاله. ولعل مخاوف واشنطن من وكلاء إيران في العراق مبررة، لا سيما بعد أن استهدف صاروخ أطلقه مجهولون على قوة عسكرية أميركية أثناء وجودها في قاعدة التاجي شمالي بغداد، إضافة إلى اشتباك مسلح حصل بين قوات أميركية وقوات تتبع للشرطة الاتحادية التي تتكون معظم عناصرها من قوات فيلق بدر بقيادة هادي العامري، قرب مدينة كركوك النفطية، وأصيب على إثر ذلك ثلاثة من عناصر الشرطة الاتحادية. وسبق ذلك كله تهديدات لقيادات في الحشد الشعبي وفصائل مسلحة للقوات الأميركية داخل العراق، في حال أعادت انتشارها على الأرض العراقية. وبعض تلك التهديدات ذهبت إلى أبعد من ذلك لتحذّر من استهداف إيران أو تضييق الخناق عليها، ما يؤكد أن الأمور ستكون معقدة على حكومة عبد المهدي وقيادة الحشد، وحتى القيادة الأميركية، حيث تفرض المواجهة نفسها على الجميع، لاسيما في ظل الاستماتة في الدفاع عن النظام الإيراني داخل العراق، على الرغم من شبه الإجماع الدولي على كبح جماح النفوذ الإيراني في المنطقة.
القوات الأميركية البحرية الضاربة التي وصلت إلى الخليج العربي قد تقوم بضربات جوية لأهداف محددة لها في العراق، وغالبا تلك الأهداف تتبع لفصائل مسلحة قريبة من إيران، حيث تضم مقار لمعظم تلك الفصائل، خصوصاً المقار التي تحوي مراكز تدريب عسكري وضباطاً وعناصر استخبارات إيرانية وعناصر من الحرس الثوري الذين يشرفون على التدريب والتوجيه، خصوصاً في المعسكرات التي تقع في المناطق التي شهدت عمليات عسكرية ضد داعش. وتضم معظم هذه المقار، إضافة إلى المعسكرات، سجوناً سرية تحوي داخلها آلاف المعتقلين المغيّبين قسراً من أهالي المناطق التي كان يسيطر عليها داعش.
ستشهد الأيام القليلة جداً المقبلة تغيراً في مواقف بعض الجهات السياسية واختفاءً لأخرى، في حين ستصعِّد الأطراف القريبة من طهران في خطابها الإعلامي، وسنشهد، كما هو معتاد، ظهور جماعات بمسميات جديدة ووجوه مخفية على الإعلام تهدد وتتوعد المصالح الأميركية في حال التعرّض لإيران أو وكلائها في العراق. وفي الوقت ذاته ستحاول حكومة عادل عبد المهدي والأطراف السياسية المتنفذة، التأخير قدر الإمكان في إعلان الموقف الرسمي النهائي لها، إذا كانت قد اختارت حليب البقر الأميركي أو الساهون الإيراني، في محاولةٍ لكسب الوقت والمناورة لإيجاد وساطة وحل يبعد الحرَج ويأتي لإيران بالفرَج. لكن يبدو أن هذه المرة لا صوتَ يعلو على صوت طبول الحرب، ولا مكان للوكلاء في المنطقة، فهل سمع بومبيو أو سيده ترامب أغنية لطيفة التونسية ليرفضا الرمادي؟ أم أنه زمن غلبة الروم وانتهاء مغامرة عودة هيمنة بلاد فارس في شرق الأرض؟
لا نقبل اللون الرمادي، فإما معنا أو مع إيران، هذا ما نقلته مصادر صحافية وسياسية قريبة من مكتب رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، عن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الذي زار بغداد بطريقة مفاجئة أو بالطريقة التي يفضّل قادة الصف الأول في الإدارة الأميركية الذين اعتادوا على ركل الباب والدخول من دون التكلف بطرقه أو حتى إصدار أي صوت قبل دخولهم.
ما نقلته المصادر شبه الرسمية عن بومبيو، أنه أخبر رئيس الوزراء بضرورة إخضاع الفصائل المسلحة للحكومة، ومن أي تصرفات طائشة ستضعها تحت مرمى النيران الأميركية المباشرة. ويبدو أن الاستخبارات الأميركية رصدت تحركات جدية لضرب المصالح الأميركية داخل العراق وخارجه، واستخدام منصات إطلاق لصواريخ بالستيَّة من الأراضي العراقية، حيث نشرت تقارير سابقة أنّ عشرات الصواريخ مع منصاتها تمّ نشرها في مناطق متفرقة من البلاد، لكن الولايات المتحدة لم تحرك ساكنا إزاء تلك الأنباء. ويبدو أن التقارير الأخيرة دفعت وزير الخارجية الأميركي إلى هذه الزيارة المفاجئة، والتي تقاطعت مع زيارة رسمية إلى برلين. لكن قبل ذلك بساعات قررت الإدارة الأميركية إرسال قوة بحرية ضاربة مكونة من حاملة الطائرات العملاقة (إبراهام لنكولن) وبصحبتها أربع سفن حربية مدمرة، وتضم هذه القوة البحرية فرقاطتين ومدمرتين وقرابة سبعين طائرة مقاتلة وقاصفة. وقبلها بشهر تقريبا أرسلت واشنطن سربين لطائرات إلى الإمارات، كل تلك القوات، والتي تعد جميعها قوة جوية ضاربة بما فيها طائرات B52 المدمرة، تؤكد أن نية الإدارة الأميركية هي ضرب أهداف محددة، كما حصل في وقت سابق مع العراق قبل الغزو الأميركي واحتلاله. ولعل مخاوف واشنطن من وكلاء إيران في العراق مبررة، لا سيما بعد أن استهدف صاروخ أطلقه مجهولون على قوة عسكرية أميركية أثناء وجودها في قاعدة التاجي شمالي بغداد، إضافة إلى اشتباك مسلح حصل بين قوات أميركية وقوات تتبع للشرطة الاتحادية التي تتكون معظم عناصرها من قوات فيلق بدر بقيادة هادي العامري، قرب مدينة كركوك النفطية، وأصيب على إثر ذلك ثلاثة من عناصر الشرطة الاتحادية. وسبق ذلك كله تهديدات لقيادات في الحشد الشعبي وفصائل مسلحة للقوات الأميركية داخل العراق، في حال أعادت انتشارها على الأرض العراقية. وبعض تلك التهديدات ذهبت إلى أبعد من ذلك لتحذّر من استهداف إيران أو تضييق الخناق عليها، ما يؤكد أن الأمور ستكون معقدة على حكومة عبد المهدي وقيادة الحشد، وحتى القيادة الأميركية، حيث تفرض المواجهة نفسها على الجميع، لاسيما في ظل الاستماتة في الدفاع عن النظام الإيراني داخل العراق، على الرغم من شبه الإجماع الدولي على كبح جماح النفوذ الإيراني في المنطقة.
القوات الأميركية البحرية الضاربة التي وصلت إلى الخليج العربي قد تقوم بضربات جوية لأهداف محددة لها في العراق، وغالبا تلك الأهداف تتبع لفصائل مسلحة قريبة من إيران، حيث تضم مقار لمعظم تلك الفصائل، خصوصاً المقار التي تحوي مراكز تدريب عسكري وضباطاً وعناصر استخبارات إيرانية وعناصر من الحرس الثوري الذين يشرفون على التدريب والتوجيه، خصوصاً في المعسكرات التي تقع في المناطق التي شهدت عمليات عسكرية ضد داعش. وتضم معظم هذه المقار، إضافة إلى المعسكرات، سجوناً سرية تحوي داخلها آلاف المعتقلين المغيّبين قسراً من أهالي المناطق التي كان يسيطر عليها داعش.
ستشهد الأيام القليلة جداً المقبلة تغيراً في مواقف بعض الجهات السياسية واختفاءً لأخرى، في حين ستصعِّد الأطراف القريبة من طهران في خطابها الإعلامي، وسنشهد، كما هو معتاد، ظهور جماعات بمسميات جديدة ووجوه مخفية على الإعلام تهدد وتتوعد المصالح الأميركية في حال التعرّض لإيران أو وكلائها في العراق. وفي الوقت ذاته ستحاول حكومة عادل عبد المهدي والأطراف السياسية المتنفذة، التأخير قدر الإمكان في إعلان الموقف الرسمي النهائي لها، إذا كانت قد اختارت حليب البقر الأميركي أو الساهون الإيراني، في محاولةٍ لكسب الوقت والمناورة لإيجاد وساطة وحل يبعد الحرَج ويأتي لإيران بالفرَج. لكن يبدو أن هذه المرة لا صوتَ يعلو على صوت طبول الحرب، ولا مكان للوكلاء في المنطقة، فهل سمع بومبيو أو سيده ترامب أغنية لطيفة التونسية ليرفضا الرمادي؟ أم أنه زمن غلبة الروم وانتهاء مغامرة عودة هيمنة بلاد فارس في شرق الأرض؟
مقالات أخرى
16 أكتوبر 2017