ضغوط أميركية وراء الأحكام بالاعتداء على سفارة واشنطن بتونس؟

21 فبراير 2015
المئات هاجموا السفارة في سبتمبر 2012 (فرانس برس)
+ الخط -


لا تزال قضية الاعتداء على السفارة الأميركية في تونس تتفاعل، وبعد أحكام اعتبرتها الولايات المتحدة مخفّفة بحق المتهمين، أقرّت إحدى الدوائر الجنائية في محكمة الاستئناف، في العاصمة التونسية، أحكام إدانة كانت قد صدرت في المرحلة الابتدائية، في شهر مايو/أيار من العام 2013، ضدّ 20 تونسياً من المتهمين في هذه الأحداث.

وقضت محكمة الاستئناف بتشديد العقوبات على المتهمين في هذه القضية، فرفعت عنهم تأجيل التنفيذ الذي تمتعوا به في المرحلة الابتدائية، وحكمت عليهم بالسجن لفترات تراوحت بين عامين وأربعة أعوام نافذة، كما أعلن المتحدث الرسمي باسم محكمة الاستئناف في العاصمة تونس، كريم الشابي.

يُذكر أن المئات من المحسوبين على التيار السلفي، كانوا قد أقدموا في 14 سبتمبر/أيلول 2012 على مهاجمة السفارة والمدرسة الأميركيتين في تونس، احتجاجاً على فيلم مسيء للإسلام. وقام المهاجمون باعتداءات وأعمال تخريبية، ما أدى إلى مواجهات واشتباكات مع قوات الأمن، نتج منها سقوط 4 قتلى وعدد من الجرحى في صفوف المحتجين.

وفي 29 مايو/أيار 2013، عبّرت السفارة الأميركية في تونس عن عدم رضاها عن الأحكام الابتدائية الصادرة في القضية، معتبرة أنها لا تتطابق مع الخسائر والعنف اللذين حصلا يوم الواقعة. وفي 31 مايو/أيار، أعلنت وزارة العدل التونسية استئناف الحكم الابتدائي الذي وُصِف بالمخفف.

ويُلاحق في هذه القضية 19 متهماً مُطلق سراحهم، وموقوف واحد هو رؤوف بن حسين. ومثُل 6 متهمين فقط أمام الدائرة الجنائية في محكمة الاستئناف في تونس العاصمة، في جلسة الثلاثاء الماضي، فيما لم يحضر البقية لأسباب غير معلومة.

وكانت المحكمة قد أرجأت النظر في هذه القضية لـ 6 جلسات متتالية، كان آخرها يوم 30 ديسمبر/كانون الأول 2014 وذلك بسبب عدم إحضار المتهم رؤوف بن حسين.

وقال المتحدث باسم محكمة الاستئناف كريم الشابي، إن المحكمة أصدرت في ساعة متأخرة من يوم الثلاثاء، حكماً غيابياً بسجن 12 متهماً لمدة 4 أعوام نافذة، كما قضت المحكمة حضورياً بسجن 7 متهمين لمدة عامين، وسجن متهم واحد سنتين ونصف مع النفاذ العاجل.

تشديد الأحكام بحق المتهمين الـ20، لاقى ترحيباً أميركياً، إذ اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية في بيان لها، أن هذه الاحكام الجديدة تُشكّل رداً جدياً على الهجوم على سفارتها الذي سبّب خسائر مادية.

وأعربت الوزارة عن خيبة أملها "لأن الحكم في هذه القضية كان طويلاً ويبقى غير مكتمل، إذ لا يزال هناك عدة مشتبه بهم فارين"، مطالبة بأن يُحال كل المسؤولين عن الهجوم إلى القضاء في أسرع وقت.

أما وكيل المتهمين أنور أولاد علي، فأوضح لـ" العربي الجديد" أن الأشخاص الصادرة بحقهم أحكام غيابية، بإمكانهم الاعتراض، في حين يحق للبقية الطعن في محكمة النقض، موضحاً أنّ هذه الأحكام ليست نهائية، وأن الحكم الاستئنافي قابل للتعقيب والطعن.

ولفت أولاد علي إلى أنّ 14 شخصاً لهم الحق في الطعن، باعتبار أنه حُكم عليهم غيابياً، كما أن هناك أشخاصاً صدر في حقهم الحكم نهائياً، وهؤلاء يمكنهم الاستئناف، كما أن هناك أشخاصاً بلغهم الاستدعاء ولم يحضروا، ويحق لهم استئناف الحُكم ابتداء من تاريخ إعلامهم به.

وتعقيباً على بيان الخارجية الأميركية، أوضح أنّ أغلب المتهمين ليسوا في حالة فرار، وأن هذا الأمر عارٍ من الصحة، معتبراً أنهم موجودون في تونس وأنّ المحكمة قصّرت في إيصال الاستدعاءات.

وأكدّ أولاد علي، أن السلطات الأميركية سبق وتدخلت في الأحكام التونسية التي صدرت في المرة الأولى، إذ احتج السفير الأميركي وقال إن الأحكام ضعيفة، مستغرباً "كيف يمكن لبلد يدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان ويعلّمنا الديمقراطية، أن ينتقد بلداً مستقلاً كتونس ويتدخّل في أحكام صادرة عن القضاء"، معتبراً أنّ الأحكام الأخيرة صدرت تحت ضغوط من السفارة الأميركية.

وأشار إلى أن "ملف القضية انطلق بـ 73 متهماً، وأنه لا توجد أي أدلة أو إثباتات، تؤكد ارتكابهم لجريمة حرق والاعتداء على السفارة الأميركية"، لافتاً إلى أن "هؤلاء وُجّهت إليهم جرائم المجموعات أو جريمة العصيان، وأنه لا يمكن للأحكام فيها أن تكون قاسية كما يُطالب البعض"، موضحاً "أن المحكمة استندت إلى الفصل 190 أي جرائم المجموعات، على الرغم من أن هذا الملف بالذات، لا توجد فيه أي أدلة ملموسة".

وكانت تونس والولايات المتحدة قد نسبتا الهجوم إلى جماعة "أنصار الشريعة" في تونس، التي يتزعّمها سيف الله بن حسين المكنى بأبو عياض، وقد تم تصنيف هذه الجماعة كتنظيم إرهابي من قِبل الولايات المتحدة وتونس، اللتين أصدرتا مذكرات جلب دولية، ضد مؤسس التنظيم الذي يُعتقد أنه في ليبيا حالياً.

اقرأ أيضاً: تونس: القصف المصري شأن ليبي داخلي

           تونس: رئاسة لجنة المالية تهزّ المعارضة