ضريبة الدخل تقلّص القدرة الشرائية للأجراء المغاربة

30 مايو 2016
ارتفاع الأسعار يخفض من قيمة الأجور (غونالو سيلفا/ Getty)
+ الخط -
"تحسين الدخل" عنوان عريض لمطلب ينادي به أجراء المغرب منذ عقود. وكل سنة يتجدد هذا المطلب بمناسبة جلسات الحوار الاجتماعي التي تجمع الاتحادات العمالية مع الحكومة، دون أن يجد طريقه إلى التحقق. وحين يتعذر الوصول إلى مبتغى الزيادة في الأجر بشكل مباشر، بمبرر الضغط الكبير الذي ستشكله على الميزانية العامة للدولة، تقترح الاتحادات بديلاً عن هذا الأجراء عبر التخفيض من الضريبة على الدخل التي تشكل عبئاً كبيراً على أجور الموظفين سواء في القطاع العام أو الخاص. هو حل لا يرقى لمستوى الزيادة المباشرة في الأجور، لكنه مع ذلك يبقى كفيلاً بحلحلة أجور صارت عاجزة عن الاستجابة لمتطلبات العيش الكريم في زمن الارتفاعات الصاروخية لأسعار المعيشة في المملكة.
ولفهم الأمر فإن النظام الضريبي المغربي ينص على أن الضريبة على الدخل تطبق على ستة مستويات. ففي حين يعفى أصحاب الأجور السنوية التي تقل عن 30 ألف درهم سنوياً (3 آلاف دولار)، تبلغ النسبة المطبقة 10 في المائة بالنسبة إلى الأجور السنوية بين 30 ألف درهم و50 ألف درهم (5 آلاف دولار) و20 في المائة بالنسبة إلى الأجور بين 50 ألف درهم و60 ألف درهم (6 آلاف دولار)، ثم 30 في المائة من الأجر بالنسبة إلى الفئات التي تحصل على أجور سنوية بين 60 و80 ألف درهم (8 آلاف دولار)، و34 في المائة للأجور بين 80 و180 ألف درهم (18 ألف دولار)، وأخيرا تطبق نسبة اقتطاع في حدود 38 في المائة على الدخول التي تفوق 180 ألف درهم.

يقول محمد هاكاش، عضو اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد، لـ "العربي الجديد"، "إن مطلب التخفيض من الضريبة على الدخل التي ترفعها النقابات منذ سنوات، أقل ضرراً من مطلب الزيادة المباشرة في الأجر، وتبعا لذلك، تطالب النقابات بخفض نسبتها بواقع 4 نقاط من الأعلى على أساس أن تتم زيادة الفئات المشمولة بالإعفاء من أدائها، خاصة تلك التي تحصل على أجور متدنية، وهذا من شأنه أيضاً أن ينعكس إيجاباً على مبالغ المعاشات التي يحصلها المتقاعدون".
وتعتبر النسب المطبقة في المغرب من بين أعلى النسب عالمياً، وهو ما أشارت إليه العديد من التقارير والدراسات، منها تقرير صادر عن مؤسسة KPMG السويسرية صنف المغرب في المرتبة الثانية عشرة عالمياً من حيث ارتفاع نسبة الضرائب على الأفراد والشركات.
من جهته يرى الخبير الاقتصادي إدريس الفينة، "أن نسبة الضريبة على الدخل مرتفعة مقارنة مع عدد من الدول، لكن هذا يفترض إجراء مقارنة حول الأجور أولاً، وهنا سنجد أنها متدنية مقارنة مع دول تماثلنا في الأداء الاقتصادي، وهذا من دون إغفال وجود ضغط ضريبي، وارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية بسبب اعتماد الضريبة على القيمة المضافة، وهذا ما يضعف القدرة الشرائية".
وحسب البيانات الإحصائية الأخيرة لمديرية الخزينة العامة، الربع الأول من السنة الحالية، نجد أن الدولة اقتطعت مبلغاً يفوق 9.8 مليارات درهم كضريبة على الدخل أي بزيادة قدرها 500 مليون درهم مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يعني أن مداخيل الخزينة من الضريبة على الدخل انتعشت بمعدل 5.1 في المائة. ووفق معطيات قانون المالية لهذه السنة تتوقع الحكومة اقتطاع أكثر من 38 مليار درهم من الأجور المصرح بها، رغم أن هذه الأخيرة لم تشملها أيه زيادة طوال الولاية الحكومية التي تنتهي هذه السنة.
ورغم توصيات المناظرة الوطنية للجبايات في الصخيرات، والتي نادت بضرورة توسيع الوعاء الضريبي ليشمل العديد من القطاعات المنفلتة من الرقابة الضريبية، كالمهن الحرة والقطاعات غير المهيكلة، فإن القاعدة الواسعة للملزمين الذين يؤدون الضريبة على الدخل إجبارياً من منبع أجورهم هم موظفو القطاع العام وأجراء القطاع الخاص.
على هذا الأساس يقول الفينة إن: "النمو في المغرب مرتبط بالقدرة الشرائية للمواطنين، وفي كل مرة كانت الحكومات تعمد إلى تحسين أجور الأجراء ينعكس إيجاباً على معدل النمو".
المساهمون