صُنع في مصر: متاهة أحمد حلمي

10 أكتوبر 2014
من الفيلم
+ الخط -

إثر أحداث السنوات الأخيرة التي شهدتها مصر وبعض دول الجوار، تضررت السينما المصرية من حالة عدم الاستقرار، فكسد سوقها، وتراجع الإقبال على صالاتها، في ظل اشتعال الشأن العام، وانشغال الناس بهموم المعيشة والتقلّبات السياسية.

وضعٌ دفع بجزءٍ كبير من نجوم الشاشة المصرية إلى الدراما، من منطلق الضمانات المادية التي تعد بها، وتهافت الفضائيات على شراء حقوق بثّها. أما اليوم فيبدو أن السينما المصرية عازمة ـ وإن ببطء ـ على تخطي هذه الأزمة، بدليل الإنتاجات التي استقبلت موسم العيد واستمرّت بعده.

أغلب الإنتاجات السينمائية أصبحت تركّز على موسمي الصيف والعيد، والقليل فقط من يجرؤ على إنزال أفلامه في وقت آخر. ولم يختلف سلوك أحمد حلمي عن غيره من السينمائيين، إذ تصيّد فترة عيد الفطر وما بعدها لعرض فيلم "صنع في مصر".

وفي الواقع، تجاوز الآخرين في هذا السلوك، عندما وجَّه عمله إلى الأطفال أكثر من غيرهم، علماً أن سلوكه مبرر إلى حدّ كبير، في ظل الأزمة الخانقة. لكن ما لا تبرير له هو معاودته اللعب بالأوراق ذاتها.

صحيح أنه اتجه الى الكوميديا الجادّة، وبرع فيها من خلال مجموعة من الأفلام، مثل "آسف على الإزعاج" و"إكس لارج"، لكنه في المقابل فشل في فيلم "على جثتي"، ولم يحقق النجاح المأمول في فيلم "صنع في مصر"، الذي بدت قصته مجرّدة من الابتكار، مع وضوح اقتباسها من فيلم "تيد" (Ted) لسيث مكفارلان.

ومسألة الاقتباس أصبحت عادةً اليوم، فالانقضاض على القصص الأجنبية ليست بالأمر الطارئ، سواء في سينما حلمي أو في السينما المصرية عموماً. لكن مقارنةً بأفلامه السابقة، لم يستطع حلمي في عمله الأخير إخفاء مصدره، رغم المحاولات اليائسة للتحايل على النص وإخراجه.

عموماً، أزمة حلمي وفيلمه ما هي إلا وجه من وجوه تخبّط السينما المصرية وعدم استقرارها على قاعدة جماهيرية ثابتة، وتفضيل الجمهور أفلام الفضائيات وتلك التي يمكن مشاهدتها على الإنترنت، إلى جانب تقلّب المزاج لدى شريحة كبيرة من الناس مع تقلّب الأوضاع السياسية والاجتماعية.

يبدو الأمر وكأنه تجاوز لمرحلة تسيُّد الساحة من طرف نجمٍ، وإحكام السيطرة عليها بصنفٍ واحد من الأفلام، مثلما حدث سابقاً مع نجوم مثل محمد هنيدي، محمد سعد، وحتى أحمد حلمي الذي نال بدوره نصيبه من "الكعكة" فتسيّد ساحة السينما العربية لفترة، بل نافس في بعض أفلامه عادل إمام نفسه، لكنه لم يأخذ بعين الاعتبار أن ما جرى لغيره سيحدث له، إن لم يطوّر أسلوبه الذي كان ناجحاً بالأمس وصار متجاوزاً الآن.

فيلم "صنع في مصر"، بغض النظر عن قصته، يُبرز حلمي نفسه الذي يعرفه الجمهور من خلال بعض أفلامه الأخرى. ويتعلّق الأمر هنا بالجهد الذي بذله في تقمّص كل شخصية من شخصيات هذه الأفلام، على حدة، إذ لا نكاد نلحظ حدوداً واضحة ومميّزة لتعدّد شخصياته؛ فتعابير الوجه هي نفسها، مثل طريقة خلق جو الضحك، وحتى إدارة الحوار. لذلك كانت سقطته متوقعة وأكيدة.

المساهمون