صناعة الدواعش

26 نوفمبر 2015
لا ذنب للطفل العربي (حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -

يولد الطفل العربي بريئاً، لا يكره أحداً ولا يحقد على أحد، ينظر إلى الدنيا من منظور عائلته أولاً، ثم يتأثر بمحيطه، وبمرور الأيام يبدأ وعيه في التشكل، فيكتشف أن في الحياة ما هو أقسى من رفض أمه تركه يغادر المنزل للعب خارجاً، ومن عدم توفير أبيه المال الكافي لشراء ألعاب أكثر ومنحه حياة أفضل.

في كثير من دول العالم؛ تظل الألعاب والملابس والهدايا منتهى آمال الأطفال قبل دخولهم سن المراهقة، بينما الأمور في كثير من دول العالم العربي على العكس، فالأساسيات من طعام وملبس ومأوى غير متوفرة لدى ملايين الأطفال، بينما الحديث عن الرفاهية يعد ضرباً من الجنون، وربما لا يخطر ببال أيهم، ولا حتى يراه في أحلامه.

لا ذنب للطفل العربي في الحال التي يعيشها، والأقسى أنه لا يملك أن يغير من واقعه المأساوي، لكن الأكثر سوءاً يتمثل في الآثار التي تعلق في نفوس هؤلاء الأطفال عندما يشتدّ عودهم وينتقلون إلى مرحلة عمرية أكبر، يكتشفون فيها المزيد من المظالم، ويتمكنون فيها من إدراك مدى الجور الذي نالهم، والمسؤولين عنه.

قبل أشهر عدة، قالت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، إن تنظيم الدولة (داعش) جنّد ما بين 500 إلى 800 طفل عراقي، ونشر التنظيم صوراً وفيديوهات تظهر هؤلاء الأطفال أثناء تلقي التدريب على القتال في معسكرات حربية، ظهر فيها أن أعمارهم تتراوح بين الثانية عشرة والسادسة عشرة.
وبعدها ظهر فيديو طفل سوري اشتهر قبلها بعامين فقط، بحديث مؤثر عمّا ناله ونال أسرته التي لقيت حتفها في قصف لنظام بشار الأسد، لكنه في الفيديو الجديد، كان قد انضم إلى معسكر تدريب تابع لـ"داعش"، وكان يتوعد الجميع بالعقاب حاملاً سلاحاً آلياً.

وبينما بات الشاب البريطاني الكويتي الأصل، محمد أمزاوي شهيراً، عقب تداول وسائل الإعلام العالمية قصتَه وكيفية تحوله من فتى مسالم إلى "جون الجهادي"، أو "جون الذباح"، عرفنا أن الشاب لم يتجاوز عمره الثامنة والعشرين.

وأظهر الكشف عن هوية المشتبه بهم في تفجيرات باريس الأخيرة، أنهم شباب دون الثلاثين، وأن المشتبه به الرئيسي، البلجيكي من أصول مغربية، عبدالحميد أباعود، في السابعة والعشرين من عمره.
وقبل أيام نشر تنظيم ولاية سيناء في مصر، صور انتحاريين فجرا فندقاً يقيم فيه قضاة في مدينة العريش، تظهر أنهما شابان في العشرينات من عمرهما.

كل هؤلاء الأطفال والشباب المسلحين، صنعهم الظلم والقهر والاستبداد والفساد في بلدانهم، والتواطؤ والانحياز والفاشية العالمية التي دعمت، وما زالت، مَن يحكمون تلك البلدان، دون أن يدري هؤلاء أنهم مسؤولون عن صناعة الدواعش.

اقرأ أيضاً: الطفل العربي البائس
المساهمون