صرخة طفل.. واعرباه

15 أكتوبر 2015
لعلّه صرخ ونادى العرب واعرباه (مواقع التواصل)
+ الخط -
هي الجملة التي تردّدت على أفواه الملايين من الناس، حينما رأوا جثّة طفل سوري/ كردي صغير على شاطئ بودروم التركيّة تقذفه أمواج البحر ليسكن جثّة هامدة لا تقوى على الحراك، هو البحر الذي قضى عليه والتهمه من دون أن يأخذ الإذن من أحد.


لَعَلَّه بكى كثيراً قبل أن يغرق وقبل أن تقذفه الأمواج لشاطئ، لربّما هو الأمان بالنّسبة إليه، كم من المرّات بكى وعلا صوته ولم تأتِ إليه أمّه ككل مرّة تلاطفه وتحضنه ليرسِل لها ابتسامة حبّ ورضى، لعلّ أمّه قد ارتمت على الشاطئ المقابل تبحث عنه، ولمّا تجده فسألت رمال البحر ولم تجبها فجلست تنتظر عودته وحضنها قد تيبّس شوقاً لعناقه..

هو المشهد الإنسانيّ الذي تداولته وسائل التوّاصل الاجتماعيّ، مشهد يؤكّد عبثيّة الحياة وقيمة الانسان الهشّة الذي يحلم بالحياة.. فهو الطفل السوري الذي هرب من براثن حرب قد هدمت منزله وشرّدت عائلته، ليكون له اللّجوء والتشرّد عنواناً لمرحلة قادمة، فقد استطاع أن يهرب من ضجيج آلات الحرب والقتل والدّمار من سورية ليصل الأراضي التركيّة، ومن تركيّا يكون الحلم بالوصول لدولة أوروبيّة قريبة، فلا يكون أمامهم سوى البحر أو البرّ ولأن طريق البحر أكثر أماناً بحسب رأيهم فإنّهم يختارونها ولا يعلمون أنّ البحر يغدر بركّابه مثله مثل كلّ الأنظمة العربية التي تخذل شعوبها وتخذل هؤلاء المهاجرين الأطفال..

كلّ ذنب هذا الطفل أنه ركب البحر مع أهله ليجد برّاً آمناً ومكاناً أفضل لحياته وطفولته السّليبة، ليجد ساحة يلعب فيها من دون قصف وصوت دويّ انفجارات، لم يجد هذا الطّفل باباً مفتوحاً أمامه ليستقبله من دبّابات الحرب، فكلّ الطرق كانت موصودة أمامه، فلم تفتح الدّول العربيّة أبوابها لهؤلاء النازحين ولم تستقبلهم بحبّ فقد أحكمت الحدود لتحمي بلادها من العربيّ السوريّ النّازح من حرب ضروس، ولم تقبل استقبال الطّفل ليعانقه الموت على شاطئ تركيا..

لعلّه صرخ ونادى العرب واعرباه: ألا تفتحوا الحدود؟ ألا تستقبلوننا نحن السوريّين والفلسطينييّن إذ هُجّرنا مرّات وانتزع بيتنا ووطننا، ألا تمنحوننا طفولتنا؟

هذا المشهد يتكرّر يومياً من دون أن يحرّك العالم ساكناً فقد اختنق خمسون مهاجراً سورياً داخل شاحنة أمام النّمسا ولم يطرقوا باب الخزّان. لعلّهم خافوا من طرقات أيديهم المرتجفة فيفضح أمرهم ففضّلوا أن يصمتوا، لكنّ الموت كان أقرب إليهم لَعَلَّه أراد أن يرحمهم من عناء التشرُّد.

فلماذا لا تفتح الدّول العربيّة الحدود أمام الإخوة السوريين من دون أن يراهنوا ويلجأوا للبحر.
أما آنَ الأوان ليراهن السّوريون والعرب على أنظمة ودوّل عربيّة ترقى لقيم إنسانيّة وتقبل أن تعيد للأطفال طفولة مسلوبة من دون الحاجة للرّهان على بحر هائج يقذف بالحالمين إلى شاطئ يعجّ بالسائحين العرب الذين يأتون للاستجمام والاسترخاء..

(فلسطين)
المساهمون