صرخة شباب فلسطين للمتجنّدين: "ارفض، شعبك بيحميك"

23 ابريل 2015
+ الخط -

إنّ العسكرة بشكل عام تعتبر من العوامل التي تهدّد المجتمعات المدنيّة، على الرغم من المحاولات الدائمة لتسويقها وكأنها من العوامل الأساسية لحماية هذه المجتمعات. فعسكرة المجتمع في إسرائيل تتّخذ طابعاً آخر، فهي العنوان الأساسي لتكريس الاحتلال وتقليص الفجوة الضرورية بين المجتمع المدنيّ والمؤسسة العسكرية. نكاد لا نجد فرقاً بين الاثنين في إسرائيل، فالتجنيد الإجباري هو عماد دولة الاحتلال، ويعتبر الأداة التي تصقل الفرد ليصبح جزءاً من المنظومة الأمنيّة.

تأسّس جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد الإعلان الرسمي عن قيام دولة إسرائيل على أراضي فلسطين المحتلّة. فقد تأسّس من اتّحاد مليشيات العصابات الصّهيونية عام 1948. بعدها تمّ ترسيخ مكانته وأهدافه في القانون الدستوريّ كقانون أساس، وقد تمّ تحديد خضوع جيش الاحتلال لأوامر الحكومة بالإضافة إلى حظر أية قوة مسلّحة بديلة له.

إنّ التجنيد يهدف إلى تذليل أيّ عائق أمام الفكرة الصهيونيّة، لنجد أنّ اختلاف الأعراق والديانات وحتى القوميات يكون جزءاً من هذه المنظومة الأمنيّة التي توهمهم بضرورة الجهوزيّة التامّة وبشكل دائم من أجل مواجهة الخطر الذي يهدّد وجودهم، وللأسف عملت هذه المؤسّسة على استقطاب أقليات دينيّة وبأدوات تفرقة طائفيّة، وقد كان لها بعض النجاحات في هذا المضمار.

منذ تأسيس جيش الاحتلال، وضع الفلسطينيين أمامه هدفاً للوصول إليه، فقد بدأ بسنّ القانون الذي يلزم أبناء الطائفة الدرزية بالتجنيد، بعد الاتفاق الذي أبرِمَ عام 1956 بين وزير الأمن وبعض القادة من الطائفة الدرزية، إذ يفرض التجنيد على الشباب غير المتدينين، وتمّ إعفاء النساء من الأمر، وكلّ من يتنصّل من الخدمة العسكرية تتمّ محاسبته ومحاكمته وفق القانون الإسرائيلي، إذ يزج في السّجن وتراوح مدّة حكمه من سنتين إلى خمس سنوات.

ونسبة لا بأس منها من الفلسطينيين الدروز خدموا في الجيش وما زالوا يخدمون، إلا أن الوعي بكارثية هذه الظاهرة بين الشباب الدروز في نهاية التسعينيات قد ارتفع، ولعدة أسباب، أهمّها انتشار الفضائيات وسهولة التواصل بينهم وبين امتدادهم الطبيعي وحاضنتهم الاجتماعيّة الفلسطينية والعربية، ليدركوا أن انتماءهم الحقيقي هو لأهلهم العرب الفلسطينيّين وأنّ الخطر ليس من هناك، وأن ما يحصل معهم هو اقتلاع من الجذور، وقد بدأ الرفض المتكرّر للخدمة العسكرية وانتشرت الحملات التي تدعو إلى رفض الخدمة مثل حملة "ارفض، شعبك بيحميك" التي يقودها شباب فاعلون وهم يدفعون ومستعدّون لدفع ثمن رفضهم للتّجنيد الإجباري ويوجهون صرخة لهؤلاء المنخرطين في التجنيد، طالبين منهم إعلان الرفض لسياسة التجنيد الإجباري لأنّ الشعب يساند كل هؤلاء الذين يقفون في وجه آلة الاحتلال، وقد أصبح عدد كبير من الشباب الدرزي مدركاً أنّ عسكرتهم تهدف إلى تضليلهم وصهينتهم من خلال الهالة الأمنيّة التي يتم فرضها على المجتمع، وتتمّ مصادرة الحريّات والاضطهاد تحت غطاء هذه المنظومة الأمنيّة.

المساهمون