صراع الأفكار النفطية

07 يناير 2015
التراجع العالمي لأسعار النفط (فرنس برس/getty)
+ الخط -
يبدو أن انخفاض أسعار النفط جعل الجميع يذهب إلى ابتكار حلول وخيارات، وهذه الخيارات صدرت أو تصدر عن مسؤولين أو دول منتجة للنفط ومؤسسات تعمل على تنظيم إدارة الأسعار وتلبية الطلب وتحديد سياسات الإنتاج. وهنا نجد منظمة "أوبك" نموذجاً لإحدى أهم الواحات الفكرية والحوارية حول تطورات السوق النفطية العالمية والانخفاض الكبير في الأسعار.
تراجع الاسعار
بدأت أسعار النفط في السوق الأميركية في جلسة التداول الأولى في 2015 في نيويورك، وسط تراجع في السعر، فيما عززت سلسلة من المؤشرات الصناعية المخاوف بشأن الطلب العالمي.
وسجّل برميل النفط في هذه الجلسة (2 يناير/كانون الثاني 2015) خسارة في سعر البرميل المرجعي الخفيف تسليم فبراير/شباط، بقيمة 51 سنتاً، ليصل الى 52.66 دولاراً في سوق نيويورك (نايمكس). وبذلك، حقق السعر أدنى مستوياته منذ بداية مايو/أيار 2009. وهبط سعر خام نفط برنت الأوروبي إلى أدنى مستوى في خمس سنوات ونصف سنة، منخفضاً عن 57 دولاراً للبرميل مطلع الأسبوع الماضي.
وانخفض السعر في العقود الآجلة 1.14 دولار إلى 56.74 دولاراً للبرميل، مسجلاً أقل مستوى منذ مايو/أيار 2009، ثم تعافى إلى 57.20 دولاراً للبرميل.
كذلك انخفض الخام الأميركي الخفيف 60 سنتاً إلى 53.01 دولاراً للبرميل، وكان قد انخفض في وقت سابق إلى 52.70 دولاراً، وهو أقل مستوى منذ مايو/أيار 2009.
لكن، على الجانب الآخر في الأسواق الآسيوية، نجد ارتفاعاً في أسعار النفط في آسيا في الأسبوع الأول من عام 2015، خصوصاً أن أسواق آسيا تشهد نشاطاً بطيئاً في بداية العام بسبب عطلة نهاية السنة، وسط صدور بيانات تشير إلى تراجع في مخزون النفط الأميركي بنسبة تزيد عما كان متوقعاً.
وفي الوقت ذاته، نجد أن سعر برميل النفط الخفيف (لايت سويت كرود) تسليم فبراير/شباط ، قد ارتفع 80 سنتاً ليصل إلى 54.07 دولاراً، بينما ارتفع سعر البرنت نفط بحر الشمال تسليم فبراير/شباط أيضاً 71 سنتاً ليبلغ 58.04 دولاراً في أسواق تشهد مبادلات محدودة بسبب موسم الأعياد.
وشهدت الأسواق العالمية فائضاً في المعروض في العام 2014، نتيجة زيادة إنتاج النفط الصخري الأميركي، وهو زيت خفيف عالي الجودة. وانخفض الاستهلاك عما هو متوقع نتيجة تراجع النمو الاقتصادي العالمي والمنافسة بين عدد من أنواع الوقود البديل. كما تعثرت الإمدادات من بعض دول "أوبك" في الأشهر الأخيرة من 2014، لكن ذلك لم يكن له تأثير يُذكر على الأسعار.
بعد هذا الاستعراض، نلحظ أن كل الأفكار تتحول بالاتجاه نحو منظمة "أوبك". ويبدأ سيل التساؤلات: ماذا ستقرر أوبك؟ كيف ستنهي الازمة؟ ومتى؟... من هنا، لا بد من عرض رؤية العديد من المسؤولين التنفيذيين داخل هذه المنظمة.
في البحث، نجد أن هنالك رأيين لمعالجة هبوط أسعار النفط داخل "أوبك". الرأي الذي نقل عن وزير النفط العراقي الدكتور عادل عبد المهدي، والذي يتوافق مع رأي وزير البترول السعودي علي النعيمي، فيما قدم الرأي الآخر وزير الطاقة الجزائري يوسف يوسفي.
وتقوم وجهة نظر المملكة العربية السعودية، على ترك الأسعار تهبط إلى حد يخرج معه من السوق كل المنتجين الهامشيين الذين يحتاجون إلى أسعار نفط مرتفعة ليواصلوا إنتاجهم، وبذلك تتخلص منظمة "أوبك" من الفائض من دون خسارة برميل واحد من حصتها السوقية. أما المقترح الجزائري فكان يستند إلى أن تقوم دول "أوبك" بخفض 5% من إنتاجها أي ما يعادل نحو 1.5 مليون برميل يومياً.
ترى، هل ستعمل منظمة "أوبك" في إطار النظرية الثانية؟ أم أن النظرية الأولى ستتغلب على الثانية ونستمر في مسيرة انهيار منحنى أسعار النفط في المستقبل؟
لعبة الأسعار باتت لعبة مثيرة فعلياً، وتحتاج الى التأمل، خصوصاً في الدول الريعية داخل "أوبك"، إذ إن تحديات مواجهة الإرهاب والصراعات المسلحة وعقم البرامج الاقتصادية داخل دول منظمة "أوبك"، ستجعل المسألة مثقلة ومؤثرة على الاستقرار الإقليمي. فتنازع الإرادات والأفكار لم يعد يرتكز اليوم على أدوات القوة الصلبة، وإنما على أدوات القوة الذكية... وهذه أخطر الأدوات في التلاعب بمصير الماليات العامة للدول الريعية.
حالياً، الكل يتطلع إلى حلول جذرية يطرحها ويقودها عقلاء "أوبك"، وذلك بهدف وضع سياسات ناجحة، يمكن أن تحقق الاستقرار المالي الإقليمي والدولي.
دلالات
المساهمون