كانت سارة الأجمل بيننا جميعاً، ولم يكن هذا الأمر يفرحها. شعرُها الأسود الطويل وعيناها اللوزيتان البرّاقتان جعلاها الأكثر تميّزاً بين جميع صديقاتها. كنت الأقرب إليها، ولطالما شعرت بما تعانيه. كان الرجال يرونها أشبه بشرارة نار متحرّكة، فيما ترمقها النساء بنظرات غريبة ويتّهمنها بأنها تستغل جمالها ولا تستخدم عقلها كفاية. ولطالما سعى الجميع إلى جلدها من دون الانتباه إلى أنّ روحاً جميلة كانت لصديقتي، صاحبة الجسد النحيل.
أحببتُ وسارة الشاعر الأميركي تشارلز بوكوفسكي. لطالما أضحكتنا جملته الشهيرة: "لا تعرف كم أنت محظوظ لكونك قبيحاً. إن أحبّك الناس، تعرف أنّه من أجل شيء ما". كنّا نردد هذه الجملة دائماً إذا ما شعرنا بأنّ أحدهم يتودّد إلينا. تضحك سارة. كان الأمر أشبه بضحكة خارجة من نار. كنت أعرف في قرارة نفسي أنّها تعيسة. الناس لم يهتموا بأي شيء آخر غير جسدها. "الناس، أولئك الشياطين الصغار"، كما يقول فيودور دوستويفسكي.
في الآونة الأخيرة، تنبّهت إلى أنّ سارة كانت تتعمد أن تكون لطيفة حيال الناس الأكثر قبحاً. تتودد إليهم كمن ينتقم من جماله. ذات مرة، حاولت جاهدة مصادقة إحدى النساء القبيحات. كنت أعرف أنّ الأمر سينتهي بكارثة، إذ لا يمكن للقبيحة أن تصادق الجميلة أبداً. صدق حدسي ولم تستمر صداقتهما طويلاً. شعرت الأخيرة بأنّ سارة تستميل زوجها. رمت المرأة المجنونة ذات يوم كوباً من الزجاج باتجاهها، وقد تسببت لها بندبة على وجهها.
انقطعت أخبار سارة بعدما سافرت إلى الخارج للعمل. مرت ثلاث سنوات من دون أن أعرف شيئاً عنها. ذات يوم، التقيتها صدفة في أحد شوارع بيروت. كانت ترتدي فستاناً أسود بعنق طويل. لم أرها ترتدي يوماً هذا النوع من الفساتين. بدت لي هي نفسها. التعاسة ذاتها. لم أعرف يومها لماذا لم أقوَ على التقدّم نحوها وإلقاء التحية.
تأملت وجهها من دون أن تراني. كأنني رأيت دموعاً في عينَيها. تحت حاجبَيها، رأيت حلقتَين، وأخرى في أسفل شفّتها. هل هي الموضة، أم أنها تحاول الحد من جمالها؟ تساءلت. لماذا لا تكفّ عن تعذيب نفسها؟ وأنا غارقة في أفكاري، لمحت رجلاً يتقدم نحوها وقد بدا قبيحاً. "الجمال لا شيء"، سمعته يقول لها. "يا إلهي! قبيح وكذاب". لعنته في سري. "أنا أكتب الشعر"، أردف مبتسماً. "قبيح وكذاب وشاعر". لعنته مجدداً.
كانت سارة تستمع إليه غير مبالية. فجأة، أزاحت خصلة من شعرها لتظهر الندبة على خدها. تلك الندبة اللعينة. تأملتها مجدداً ثم غادرت المكان. رأيت عينَي هذا الرجل تتسببان بندبة جديدة لصديقتي الجميلة.
اقــرأ أيضاً
أحببتُ وسارة الشاعر الأميركي تشارلز بوكوفسكي. لطالما أضحكتنا جملته الشهيرة: "لا تعرف كم أنت محظوظ لكونك قبيحاً. إن أحبّك الناس، تعرف أنّه من أجل شيء ما". كنّا نردد هذه الجملة دائماً إذا ما شعرنا بأنّ أحدهم يتودّد إلينا. تضحك سارة. كان الأمر أشبه بضحكة خارجة من نار. كنت أعرف في قرارة نفسي أنّها تعيسة. الناس لم يهتموا بأي شيء آخر غير جسدها. "الناس، أولئك الشياطين الصغار"، كما يقول فيودور دوستويفسكي.
في الآونة الأخيرة، تنبّهت إلى أنّ سارة كانت تتعمد أن تكون لطيفة حيال الناس الأكثر قبحاً. تتودد إليهم كمن ينتقم من جماله. ذات مرة، حاولت جاهدة مصادقة إحدى النساء القبيحات. كنت أعرف أنّ الأمر سينتهي بكارثة، إذ لا يمكن للقبيحة أن تصادق الجميلة أبداً. صدق حدسي ولم تستمر صداقتهما طويلاً. شعرت الأخيرة بأنّ سارة تستميل زوجها. رمت المرأة المجنونة ذات يوم كوباً من الزجاج باتجاهها، وقد تسببت لها بندبة على وجهها.
انقطعت أخبار سارة بعدما سافرت إلى الخارج للعمل. مرت ثلاث سنوات من دون أن أعرف شيئاً عنها. ذات يوم، التقيتها صدفة في أحد شوارع بيروت. كانت ترتدي فستاناً أسود بعنق طويل. لم أرها ترتدي يوماً هذا النوع من الفساتين. بدت لي هي نفسها. التعاسة ذاتها. لم أعرف يومها لماذا لم أقوَ على التقدّم نحوها وإلقاء التحية.
تأملت وجهها من دون أن تراني. كأنني رأيت دموعاً في عينَيها. تحت حاجبَيها، رأيت حلقتَين، وأخرى في أسفل شفّتها. هل هي الموضة، أم أنها تحاول الحد من جمالها؟ تساءلت. لماذا لا تكفّ عن تعذيب نفسها؟ وأنا غارقة في أفكاري، لمحت رجلاً يتقدم نحوها وقد بدا قبيحاً. "الجمال لا شيء"، سمعته يقول لها. "يا إلهي! قبيح وكذاب". لعنته في سري. "أنا أكتب الشعر"، أردف مبتسماً. "قبيح وكذاب وشاعر". لعنته مجدداً.
كانت سارة تستمع إليه غير مبالية. فجأة، أزاحت خصلة من شعرها لتظهر الندبة على خدها. تلك الندبة اللعينة. تأملتها مجدداً ثم غادرت المكان. رأيت عينَي هذا الرجل تتسببان بندبة جديدة لصديقتي الجميلة.