صداقات من صنع الشيطان

04 ابريل 2015
+ الخط -
إنسانة عزيزة على نفسي طلبت مني أن أترك مؤقتاً المقالات السياسية، لأكتب موضوعاً اجتماعياً عن الصداقة. ولأن أغلبنا استنشق رحيقها العذب أحياناً، واكتوى من نارها الغادرة الحارقة مرات عديدة، فلم أجد عنوانا أصدق من مقولة الكاتب العراقي جميل شيخو: "كثير من الصداقات من صنع الشيطان".

عانى المغفور له، الحسن الثاني، كثيراً من غدر الأصدقاء، فعاش في حياته أقسى خيانة، يمكن أن يتعرض لها المرء من صديق يثق فيه. مع ذلك، عندما سأله صحافي هل سيستمر في ربط صداقات؟ أجابه الحسن الثاني: "مَنْ لا أصدقاء له ليس بإنسان. وأنا أفضل أن أكون ضحية صداقة على أن أكون قاتل صداقة".

هذا الجواب الحكيم من ملك واع بإكراهات السلطة والحكم، مولع بقراءة كتب التاريخ التي ما فتئت تخبرنا أن الأصدقاء في السياسة أخطر من الأعداء، تجعلنا ندرك أن الحسن الثاني ناضل لكي يعيش الملك والإنسان مع بعضهما جنباً إلى جنب، وألا ينتصر أحدهما على الآخر. فعلى الرغم من تجارب مؤلمة تعرض لها، ظل مؤمناً بقيمة الصداقة، لأنه لا يريد أن يخنق الإنسان فيه.
فمن منا لم يعانِ من صداقةٍ انتهت بجرح دفين؟ مَن مِنّا لم يثق بابتسامة صديق، فسكن إليه وباح له بكل أسراره، وجعله يتنزه في حدائقه، كاشفاً له عما يدور في مكنون صدره، فاضحاً أمامه كل عيوبه، فأصبح كمن يتمشى عاري الروح والنفس والفكر أمامه، ثم، وبعد فوات الأوان، يكتشف أن الصديق لم يكن صديقاً، كان عدوّاً يلبس ثوب صديق، وأنه، في الأصل، كان يضمر له السوء والحسد، ولا يريده أن يرتقي أو أن يكون راضياً وسعيداً؟

801B3919-7232-4F11-BE63-30C4073E7E55
801B3919-7232-4F11-BE63-30C4073E7E55
أمل مسعود (المغرب)
أمل مسعود (المغرب)