صحافيون صامدون في الرقة يتحدّثون...

20 سبتمبر 2015
مقاتل من "داعش" في الرقة (Getty)
+ الخط -
يفرض تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تعتيماً إعلامياً على المناطق التي تخضع لسيطرته في سورية، حيث يشدد الخناق على الناشطين الإعلاميين، ويوقع أقسى العقوبات - بما فيها القتل - بحق من يثبت عليه تسريبه معلومات إلى وسائل الإعلام، وقد أعدم بالفعل العديد منهم في عدة مناطق، ولا يزال مصير ناشطين وصحافيين سوريين وعرب محتجزين لديه مجهولا.
في مدينة الرقة (شرق سورية) التي تعد بمثابة عاصمة للتنظيم، يعد الناشطون الإعلاميون هدفاً مباشراً له، ولهذا اضطر أغلبهم إلى الخروج لتركيا، أو إلى ركوب البحر باتجاه أوروبا نجاة بأرواحهم من سكين قطعت رؤوس الكثيرين، بحيث باتت المدينة شبه خالية من ناشطين إعلاميين غير مرتبطين بالتنظيم بشكل مباشر.
يقول وائل (ناشط لا يزال موجوداً في الرقة): "ما زلت موجوداً في مدينتي، ولكني أتحرك بحرص شديد، ولا أستطيع أن أشهر كاميرا إطلاقا فالعقوبة هنا الموت بأبشع الطرق، لذا أحاول أحيانا التقاط صور بجهاز التلفون المحمول وعلى عجل. أعتمد على عيوني في مراقبة ما يجري، فعناصر التنظيم يملكون حساسية مفرطة اتجاه الإعلام".
وفرض التنظيم سيطرته على مناطق واسعة من الجغرافيا السورية، حيث عمل على تجفيف كل منابع الإعلام فيها مفسحاً المجال لإعلامييه الذين وحدهم من يتحرك، ومن يصدّر ما يريد لوسائل الإعلام، عن طريق وكالة "أعماق" التي تتبع للتنظيم الذي قام مؤخراً بحصر استخدام شبكة الانترنيت بـ "مقاه" مرتبطة به، مراقبة منه بشكل مباشر، وذهب أبعد من ذلك حيث أصدر فتوى بحرمة التفرج على التلفزيون.
"إنهم يريدون تجهيل الناس وإرهابهم، وتربية جيل شبيه بالأجيال التي تعلمت في مدارس حزب (البعث) الذي هيمن على البلاد أكثر من 40 سنة. التنظيم ونظام الأسد وجهان لعملة كاسدة"، يقول وائل الذي يفتقد أصدقاء له باتوا في بلاد الاغتراب واضطروا لترك مدينتهم التي "يتحرك بها الأغراب من كل جنسية، بحيث بات السوري غريباً في بلده، وبين أهله". وفق قوله.
وأنشأ ناشطون خارج سورية صفحات على "فيسبوك" منها صفحة "الرقة تذبح بصمت"، وصفحة "دير الزور تذبح بصمت"، حيث يتابع ناشطون من المدينتين ما يجري، لتسليط الضوء على معاناة المدنيين من النظام والتنظيم، حيث لا يزال يعيش آلاف منهم ضمن ظروف إنسانية صعبة بعيداً عن اهتمام الإعلام العربي والعالمي.
وفازت أخيراً "الرقة تُذبح بصمت" بجائزة لجنة حماية الصحافيين الدولية 2015 التي تُمنح سنوياً لمؤسسات إعلامية أو إعلاميين حول العالم تعرضوا لتهديدات بالقتل، أو اعتداءات بدنية، أو ملاحقات قضائية، أو السجن، أو العيش في المنفى خلال مسيرتهم المهنية.
بقول أحد ناشطي دير الزور: "هناك حوالى 300 ألف مدني محاصر من النظام والتنظيم، يفتقدون لأبسط شروط الحياة، فالنظام يرتكب مجازر بالطيران، والتنظيم يرتكب مجازر من خلال إعدامات جماعية، وكل ذلك يتم بعيداً عن الإعلام، حيث تموت المحافظة كلها بصمت". ويتابع: "النظام يحاصر الأحياء التي يسيطر عليهم التنظيم والعكس صحيح، وفي النهاية يدفع مدنيون الثمن الأعلى. جرت مجازر مروعة، ولم نشهد أي اهتمام إعلامي والسبب الرئيسي شح المعلومات والصور والمقاطع المصورة".
المساهمون