شيزوفرينيا التضامن

15 أكتوبر 2015
انتهى الاعتصام أمام السفارة الإسرائيلية باعتقال ناشطين (صالح ملكاوي/الأناضول)
+ الخط -
انتفض الشعب الأردني عن بكرة أبيه ضد مواطن امتلك الجرأة/الوقاحة على شتم المسجد الأقصى في ثورة غضبه على مسيرة عفوية، نفذها ناشطون نصرة للمسجد الأقصى وسط العاصمة عمّان يوم الجمعة الماضي، قبل أن يتحرك الأمن العام الأردني الذي تمكن من القبض على الشاتم، ليتضح أنه صاحب محل تجاري سارت المسيرة من أمامه، معطلة عليه رزقه كما يعتقد. حول الشاتم إلى المدعي العام الذي أسند له تهمة "إهانة الشعور الديني"، بعد أن أسند له الشعب الذي شاهد الفيديو الذي يوثق الشتيمة تهمتي الخيانة والعمالة، ووصفه الإعلام بالمنبوذ والمجرم.

حقاً لقد توحد الشعب الأردني ضد جريمة شتم الأقصى التي اقترفها المواطن الذي يعلم تمام المعرفة أن بلاده تمتلك الوصاية على المسجد الذي شتمه، وأن ملكه غاضب مما يحدث للمسجد.
اقترف الشاتم جريمة عوقب عليها شعبياً ويعاقب عليها قضائياً، لكن المصادفة أن الجريمة التي توحد الأردنيون ضدها، حدثت بالتزامن مع فضّ قوات الدرك بالقوة اعتصاماً مقابل السفارة الإسرائيلية في عمّان، بعدما حاول المعتصمون التقدم باتجاه السفارة مطالبين بإغلاقها، وانتهى الاعتصام باعتقال عدد من الناشطين الذين يواجهون تهمتي الاعتداء على رجال الأمن وإثارة الشغب. وهنا تفرق الشعب المتضامن بين مؤيد للمعتصمين رافض لاعتقالهم، وبين مدافع عن قوات الدرك مطالباً بالقصاص من المعتصمين الذين وصفوا بالبلطجة.

واقعة الشتم التي أفردت الصحف الورقية والمواقع الإخبارية مساحة بارزة لإنكارها ونبذها وملاحقة تفاصيلها، أعقبها خبر موجز عن رفض الفعاليات الشعبية في لواء الشونة الجنوبية (في منطقة الأغوار) إقامة مهرجان تضامني مع الأقصى، مبررة موقفها بحرصها على الوحدة الوطنية وأمن واستقرار الأردن، وكأن لسان حالهم يقول إن التضامن مع الأقصى يستهدف أمن واستقرار المملكة.

التوحد ضد جريمة شتم الأقصى لا يمكن أن يكون مفتعلاً، لكن المفتعل أن يختزل التضامن الإعلامي بإدانة شاتم الأقصى، من دون الدفاع عن معتقلي السفارة، أو انتقاد بقائها وبقاء السفير الأردني في تل أبيب، ومواصلة التبادل التجاري مع إسرائيل، والتنسيق الأمني، وغيرها من الملفات التي يستطيع الأردن استغلالها للضغط على إسرائيل.