هل ينتزع بايدن وقف إطلاق النار من نتنياهو أم يكتفي بتمطيط المفاوضات؟

18 اغسطس 2024
لحظة وصول بلينكن إلى مطار عمّان، 30 إبريل 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **زيارة بلينكن إلى تل أبيب وتأجيلها**: زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى تل أبيب، المقررة الثلاثاء الماضي، أُجِّلَت في آخر لحظة، مما يعكس إصرار إدارة بايدن على التوصل إلى اتفاق وقف نار في مفاوضات القاهرة.

- **التحديات السياسية والدوافع الأميركية**: الإدارة الأميركية تواجه ضغوطاً بسبب محاولات نتنياهو عرقلة المفاوضات، مما قد يوسع الحرب ويؤثر سلباً على فرص كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

- **تفاؤل البيت الأبيض ومقترح بايدن**: البيت الأبيض متفائل بإمكانية التوصل إلى اتفاق وقف نار في القاهرة، رغم محاولات نتنياهو لعرقلة المفاوضات، لكن المراقبين يرون أن المشروع بات في مهب الريح.

توجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ليلة السبت إلى تل أبيب في زيارة هي التاسعة، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. الزيارة كانت مقررة الثلاثاء الماضي عشية مفاوضات الدوحة لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، لكنها أُجِّلَت في آخر لحظة. ولفت إلى أن الإعلان عنها أمس جاء خالياً من تحديد مدتها، وذلك خلافاً للعادة، ما يوحي بأنها مفتوحة وبما يعكس إصرار واستعجال إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على التوصل إلى اتفاق وقف نار في مفاوضات القاهرة أواخر الأسبوع القادم حسب التقديرات.

الاستعجال له في هذه اللحظة، دوافعه الملحّة في حسابات الإدارة التي تعرف وفق السائد في واشنطن، أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يفتعل عرقلة المفاوضات بقصد دفع إيران إلى الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية وبما يعطيه الذريعة لتوسيع الحرب التي ألزمت نفسها الإدارة "بالدفاع عن إسرائيل" لو نشبت. وهذا ما لا تحتمله واشنطن بايدن في هذا الوقت.

الأسبوع القادم يعقد الحزب الديمقراطي مؤتمره الوطني في شيكاغو لتبنّي ترشيح كامالا هاريس، وفي نهايته (الخميس القادم) يبدأ العد العكسي لانتخابات الرئاسة. الانغماس في حرب في الشرق الأوسط يجدد الاعتراضات في صفوف قواعد الحزب وأنصاره على سياسة إدارة بايدن ونائبته هاريس تجاه الحرب على غزة. وقد يحمل بعض هذه الشرائح على مقاطعة الانتخابات، بما ينعكس سلباً على وضع هاريس التي تحتاج إلى إقبال واسع على التصويت، في ضوء فوارقها الضئيلة التي تفصلها عن المرشح الجمهوري دونالد ترامب. فالمسألة حرجة ولا تتقبل أي اهتزاز في وضعها. وجاء في بعض القراءات أن نتنياهو يتعمّد فتح مواجهة مع إيران في هذا الوقت بالذات لعدة أسباب، من بينها توريط الإدارة، واستطراداً تقديم خدمة لحملة ترامب.

حرص البيت الأبيض على إبداء التفاؤل، ولو المتحفظ، بإمكانية التوصل إلى اتفاق وقف نار في القاهرة، يعكس حاجته لمثل هذه النتيجة أكثر مما يعكس واقع حال المفاوضات التي يواصل نتنياهو "فركشتها" بشروطه المتوالية. وتفاؤلها مبنيٌّ على أساس أن الوزير بلينكن يحمل معه اقتراحاً صاغته الإدارة "لجسر الهوة" القائمة بين إسرائيل وحركة حماس حول مدى وقف النار المفترض أن يستمر بعد نهاية المرحلة الأولى (6 أسابيع) من الخطة التي طرحها الرئيس بايدن بموافقة إسرائيل، كما قال في 31 مايو الماضي، فيما تتواصل المفاوضات حول المرحلة الثانية منها.

مقترح بايدن في مهبّ الريح

المعروف أن الإدارة أكدت مراراً وتكراراً، وخصوصاً وزارة الخارجية، أن الحكومة الإسرائيلية "مع رئيسها وافقت" على ما طرحه الرئيس بايدن، ولو أن هذه الموافقة كانت ملتوية. مع ذلك، تركت الإدارة الانطباع بأنها تكفل التزام نتنياهو كامل الخطة. الآن نتنياهو يتملص. ومن التفسيرات أنه صار أكثر تهرّباً من خطة بايدن بعد أن تردد أن إيران "قد تصرف النظر" عن ردها على اغتيال إسماعيل هنية في طهران لو جرى التوصل إلى وقف نار مستمر في غزة.

ردت إدارة بايدن على هذا التملص بإيفاد وزير الخارجية إلى المنطقة، من جهة لتجميد الردود على اغتيالات إسرائيل، ومن جهة ثانية لمحاولة إنقاذ مشروع الرئيس لوقف النار. بدلاً من التلويح برفع درجة الضغط على نتنياهو وتخريبه المتواصل للمفاوضات، وضع الرئيس بايدن زيارة وزيره تحت عنوان "تجديد تأكيد الدعم الأميركي الفولاذي" لإسرائيل. الالتزام نفسه الذي تظلل به رئيس الحكومة الإسرائيلية لممارسة أشنع انتهاكات العصر في حربه على غزة. ولذلك يرى كثير من المراقبين أن مشروع بايدن بات في مهبّ الريح، خصوصاً بعد انسحابه من المعركة الانتخابية ومعرفة نتنياهو لكيفية استغلال مثل هذه الفرصة، في غياب عزم البيت الأبيض على استخدام العصا الأميركية مع حليف صار بحاجة أكثر فأكثر لحماية واشنطن.

في مثل هذه المعادلة التي يمسك نتنياهو بزمام المبادرة فيها، بات "من المستبعد أن تنتهي مفاوضات وقف النار قريباً إلى نتيجة"، حسب السفير ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون القريب من خط نتنياهو وسياساته، وخصوصاً حيال إيران. في هذه الحالة ترجّح السوابق تمطيط المفاوضات لأيام أو لأسبوع مفتوح على التجديد كمخرج يترك الطريق مفتوحة لشراء ما أمكن من الوقت، إذا بقيت شروط الكبح ومقتضياته فعّالة. وهي الخلاصة ذاتها التي انتهت إليها زيارات الوزير بلينكن السابقة، ولو أن الظرف الحالي قد لا يسمح بتكرار المعزوفة نفسها.