شهر واحد لا يكفي للجزائر

07 نوفمبر 2014
الأمير عبد القادر، لـ ستانيسلاف شليبوفسكي، بولندا
+ الخط -

بالتزامن مع الذكرى الستين لاندلاع ثورة التحرير الجزائرية (1954 – 1962)، شهدت "القاعة البيضاوية" في العاصمة، العرض الفني التوثيقي "ملحمة الجزائر الكبرى"، الذي أشرف عليه المخرج المسرحي عمر فطموش، وشارك فيه 180 راقصاً وتقنياً.

العمل الذي أخذ مكاناً له في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وحضره نحو ألف مشاهد، حاول، في لوحات كوريغرافية امتدت ما يقارب الساعتين من الزمن، رصد أهم المحطات التي شكّلت التاريخ الجزائري، بدءاً من سيَر أول الملوك الأمازيغ قبل ما يزيد على قرن من الميلاد، مروراً بالدخول العربي إلى البلد والمقاومة الأمازيغية التي واجهته بين عامي 670 و711، وما تلاها من دويلات حكمت الجزائر معلنة استقلالها عن السلطتين الأموية والعباسية في المشرق العربي، مثل دول الحماديين والفاطميين والرستميين والمرابطين والموحدين، وصولاً إلى الاحتلال العثماني مع بداية القرن السادس عشر، وانتهاء بالاحتلال الفرنسي للبلد، وأبرز ما عرفه من أحداث، منذ بدئه عام 1980 وحتى الجلاء.

نص العرض الذي كان قد كتبه الشاعر الجزائري عمر البرناوي (1935 ـ 2009)، ركّز على الفترة الاستعمارية، متوقفاً بشكل رئيسي عند لحظتين بارزتين في هذه الفترة، هما مجازر 8 أيار/مايو 1945، وثورة التحرير.

كما قدّم العرض قادة الثورات الشعبية التي استمرت حتى ما قبل الحرب العالمية الأولى، وبشكل خاص الأمير عبد القادر، الذي استطاع أن يلمّ شتات القبائل الجزائرية، ويرسم دعائم دولة حديثة (صك العملة، تنظيم الجيش...)، قبل أن يوقّع معاهدة الانسحاب عام 1847، ويغادر البلد إلى منفاه الشامي.

غير أن العرض لم ينل إعجاب عدد كبير من المسرحيين والفنانين الجزائريين، الذين شنوا حملة تهكمية عليه في شبكات التواصل الاجتماعي، معتقدين بأنه لم يرق إلى المستوى المطلوب.

وسخر هؤلاء من أن العرض حاول أن يحاكي 24 قرناً من تاريخ البلاد، في 24 يوماً من التحضير الفني، وهي المدة التي اشتغل فيها عمر فطموش مع الراقصين والتقنيين، بعد انسحاب المخرج العراقي جواد الأسدي من المهمة، إثر خلافات بينه وبين "الديوان الوطني للثقافة والإعلام"، منتج الفعالية والمشرف عليها.

وقد انعكست آثار هذه الفترة التحضيرية القصيرة في ثغرات امتدت على مفاصل كثيرة من العمل، خصوصاً في ما يتعلّق بتعابير الراقصين الجسدية، التي بدت دون المستوى.

في هذا الإطار، كتب الممثل والكاتب المسرحي فتحي كافي، معلقاً بسخرية على الموضوع: "فعلاً، كان العرض متناسقاً، والكوريغرافيا خدمت الهدف الأسمى من العرض. لقد بكيت بملء عيوني على بلادي... أستغفر الله ما أكذبني".

وتساءل أحد المعلّقين: "كيف للمخرج أن يشرف على إخراج الملحمة بالموازاة مع كونه مشرفاً على "مهرجان الجزائر الدولي للمسرح" في مدينة بجاية، والذي انطلق في اليوم الذي عرضت فيه الملحمة؟".

دلالات
المساهمون