شهرٌ على مجزرة الروضة: ماذا فعلت الدولة؟

29 ديسمبر 2017
مرّ شهر على المجزرة (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -


بعد مرور أكثر من شهر على مجزرة مسجد الروضة التي وقعت يوم الجمعة 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وسقط ضحيتها 320 مصرياً وجُرح مئات آخرين، لم تتبنَّ أي جهة الاعتداء، رغم أن أصابع الاتهام أشارت إلى تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش". وبعد أكثر من شهر لم تقم الدولة المصرية بشيء بعد لا رداً على الجريمة الكبيرة، ولا دعماً للقرية المنكوبة.

إعلامياً، روّجت الدولة المصرية بعد المجزرة، للعنوان الكبير بأنها "تواجه إرهاباً عنيفاً في سيناء، وتخوض حرباً لاجتثاثه"، مما أكسبها دعماً وتأييداً دوليين، حتى أنها حازت على وقفة من أطراف على اختلاف معها، كتركيا مثلاً. وشغلت المجزرة أنظار المصريين عن بقية الملفات في البلاد.

ميدانياً، دفعت الدولة المصرية بوجوهها الدينية ومسؤولي الملف الديني في الحكومة إلى القرية في الجمعة التالية للمجزرة، على أنها "مؤازرة لأهالي الضحايا في مصابهم"، وبجانب  التحشيد الديني للحدث، رُفع مستوى دفع المواطنين للتصدي إلى التنظيم الإرهابي، بالوقوف إلى جانب الدولة المصرية.

أما في الجانب الصحي، فقد تكاثرت الشكاوى التي قدمها أهالي المصابين الذين تتجاوز أعدادهم 150 مصاباً، عن عدم اهتمام الدولة بأبنائهم من خلال عدم تحويلهم لمستشفيات ذات مستويات طبية متقدمة، وحالة التجاهل التي لاقوها خلال تواجدهم في مستشفيات الإسماعيلية والتي نقل إليها جزء من المصابين.

وعلى المستوى العسكري، نفذّ الجيش المصري حملات مداهمات واعتقالات في صفوف المواطنين في مدينة بئر العبد، التابعة للقرية، وذلك بعد أيام من وقوع المجزرة، رغم أن الدولة إلى الآن لم تستطع إثبات الجهة المسؤولة عن الحادثة، بناءً على المعلومات الاستخبارية، وحملات الاعتقال التي طاولت كافة مناطق محافظة شمال سيناء.

وفي قرية الروضة، كشف أحد أعيان القرية الذي منعه المرض من حضور صلاة الجمعة التي شهدت المجزرة، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك حالة من السخط لدى أهالي القرية لعدم انتقام الدولة المصرية من منفذي المجزرة، رغم مرور شهر كامل عليها، ومن دون أن يكون الدعم المعنوي والمادي على المستوى المطلوب".

وأوضح الشيخ القبلي أن "أهالي القرية توقعوا زيارة ميدانية من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي أو رئيس الوزراء، كما يحدث عند وقوع الاعتداءات الكبيرة، أو زيارة من وزيري الدفاع والداخلية على الأقلّ، رغم أن الأخيرين حضرا إلى سيناء قبل أيام إلا أنهما لم يتجها للقرية المنكوبة، مما أوجد حالة من الغضب من الأهالي لعدم سعي قادة الدولة لزيارة القرية".



وأشار إلى أن "الدولة روّجت لنفسها جيداً واستخدمت قضيتنا كورقة إعلامية أمام الدول، لكن على أرض الواقع لم تعطنا حقنا من الاهتمام، واكتفت ببعض المعونات والأموال، وكأنها سترجع لنا أبناءنا الذين كانوا ضحايا للإرهاب، نحن فقدنا الكثير وما قدمته الدولة لا يساوي شيئا أمامه".

وبيّن أنه "على الصعيد العملي أيضاً لم نرَ أي إنجاز حقيقي ضد الإرهاب الذي ضرب قريتنا، ولم تمسك الدولة بأي طرف خيط يدلها على مرتكبي الجريمة وقادتهم. نحن على وشك فقدان الثقة بالدولة وأمنها بأن تنتقم لأبنائنا الذين قتلوا بدم بارد، وهذا ما سيدفعنا للبحث بأنفسنا عن قتلة أبنائنا والانتقام منهم".

ودعا إلى "ضرورة الاهتمام بمصابي الحادثة الذين ما زالوا يتلقون العلاج في عدد من المستشفيات، ونقلهم إلى مستشفيات ذات جودة أعلى في القاهرة"، مؤكداً أنهم "لم يجدوا الاهتمام الكافي في مستشفيات شمال سيناء والاسماعيلية خلال الأسابيع الماضية".

وفي ذكرى مجزرة الروضة، مرّ شهر أيضاً من مدة تفويض السيسي لرئيس الأركان المصري محمد فريد حجازي لـ"إنهاء الإرهاب في سيناء في غضون ثلاثة أشهر كحد أقصى"، إلا أن الحالة الأمنية في سيناء عموماً ما زالت على حالها، بل حتى سُجّل في أول شهر من الحملة وقوع أخطر هجوم بمحاولة اغتيال وزيري الدفاع والداخلية باستهداف طائرتهما في مطار العريش قبل بضعة أيام، ما وضع علامات استفهام على مصير الإرهاب بعد نحو شهرين من انتهاء مدة التفويض.

في المقابل، كشف مصدر مسؤول في إدارة محافظة شمال سيناء، لـ"العربي الجديد"، أن "المحافظة ليس لديها أي خطط لدعم قرية الروضة، أو للتعامل معها بشكل خاص خلال المرحلة المقبلة"، مشيراً إلى "عدم توافر أي دعم من الدولة مخصص للقرية لتطوير بنيتها الداخلية والتعليمية والصحية".

وأوضح المصدر أيضاً أن "الاهتمام الحالي منصب على تطوير مركز بئر العبد كمدينة بالدرجة الأولى، وليس لقرية الروضة على وجه التحديد"، مؤكداً في الوقت نفسه أن "الاهتمام بمدينة بئر العبد جاء إثر مجزرة الروضة وكانت أحد أسباب وضع المدينة على طاولة اهتمام الحكومة والدولة ككل".


المساهمون