ويبدو أن المسؤولين عن صياغة القرار لم يألفوا بعد، أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت سلاحاً فعلاً، يأتي على الأخضر واليابس، حين يستشعر روادها وناشطوها أن جهةً ما، كيف ما كان لونها، تضرُّ بحقوقهم، وتصادر البعض، أو الكلّ، منها.
فور إعلان قطع خدمات الاتصالات المجانية في المغرب بشكل كامل، سارع شباب يجمعون في دقيقة آلاف التعليقات وعبارات الإعجاب، بالانسحاب من مسابقة مغربية، تختار أهم شخصيات "الويب" سنوياً، ومعها من يبدعون فيه وبه. والسبب، أنّ إحدى شركات الاتصالات في المغرب، تدعم هذه المسابقة، وتسوِّق لنفسها عبرها.
حشد شعب "فيسبوك" في المغرب جميع الأسلحة المتاحة لمواجهة القرار، بل وصلت التعبئة حدّ انسحاب أعضاء من لجنة تحكيم المسابقة المذكورة، ومعها قاطعت شخصيات "ويب" مغربية مشهورة كل الأنشطة والندوات واللقاءات التي تنظمها أو ترعاها أو تدعمها شركات الاتصالات المغربية.
وصل الغضب حدّ الدعوة لسحب الإعجاب على صفحات "فيسبوك" الخاصة بشركات الاتصالات، وفقدت الأخيرة في أقل من 24 ساعة أكثر من 160 ألف إعجاب على صفحاتها، والنزيف متواصل. بل بادر الشباب المغاربة لابتكار تطبيق، يرصد تراجع الإعجاب بصفحاتها، وعبره يمكن التعبئة بشكل أوسع وأكبر لحملة المقاطعة الافتراضية.
هل يعلم القائمون على شركات الاتصالات في المغرب أن المكالمات المجانية حق وليست امتيازا؟ الزبون يؤدي (يدفع) فواتير ربط (وصل) بيته أو هاتفه النقال بخدمة الإنترنت، كما يصبر على الصبيب الضعيف (سرعة الإنترنت البطيئة)، والحيل التي تسقطه في فخ توقيع عقد مكتوب باللغة الفرنسية، وبأحرف صغيرة يحتاج فك "طلاسمها" شهوراً وقد لا توفق في ذلك. هل يعلمون أن آلاف الأمهات والآباء والأسر تعلموا التعامل مع التقنية بسببها؟ نعم بسببها، فهم يلجؤون إليها كلما شدهم الحنين لرؤية وجه أو سماع صوت ذويهم خارج حدود المغرب.
عندنا، تسعير المكالمات الهاتفية باهظ مقارنةً بدول سبقناها إلى قطاع الاتصالات. وعندنا كذلك، يمكن أن تنقطع عنك الخدمة، وتؤدي ثمن التبليغ عنها، سواء عالجوا العطل أم لم يعالجوه... بل عندنا هناك قولة شهيرة مفادها "خلص عاد شكي" يعني "ادفع لهم دراهمهم، وبعدها يمكنك أن تشكو". "حكمة" يضمنون بها مستحقاتهم المالية، قبل حتى أن يسمعوا تفاصيل معاناتك مع خدماتهم.
آلاف الأسر تستخدم "سكايب" كي تطمئن على أبنائها. واليوم، مع قرار حجب الاتصالات المجانية، عليها أن تدفع ثمناً ثقيلاً في الميزان من دون أن تقدم مقابله شركات الاتصالات الحد الأدنى من قيمته.
فعلها شعب "فيسبوك" في المغرب بتدشين حملة الغضب تجاه القرار، ويظهر أن القادم سيكون أكبر وأشمل. هل تتراجع شركات الاتصالات المغربية عن قرارها؟ الجواب اليوم عند شابات وشباب الويب المغاربة.
اقرأ أيضاً: المغرب:8 حقائق يجب أن تعرفها حول منع الاتصالات المجانية وغضب "فيسبوك"