أعلنت عدة شركات عالمية كبرى متخصصة في إنتاج النفط والطاقة زيادة استثماراتها في قطر رغم الحصار الاقتصادي الذي تفرضه ثلاث دول خليجية على الدوحة.
وقالت مصادر في قطاع الطاقة العالمي إنه من بين هذه الشركات، إكسون موبيل ورويال داتش شل وتوتال الفرنسية.
وأعلن الرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول، سعد شريدة الكعبي، الثلاثاء، أنّ الشركة قررت رفع إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن سنويّاً إلى 100 مليون طن حتى عام 2024، وبنسبة زيادة 30%، وأن هذا الأمر سيتم من خلال زيادة الإنتاج من حقل الشمال بنسبة 20%، لتكون قطر المصدّر الأكبر في العالم.
وحسب المصادر "تبذل ثلاث من أكبر شركات الطاقة الغربية مساع لدى قطر كي تشارك في زيادة ضخمة لإنتاجها من الغاز، ما يمنح الدوحة دعما لم يكن مخططا له لكنه يأتي في الوقت المناسب في نزاعها المرير مع جيرانها الخليجيين.
والتقي الرؤساء التنفيذيون لشركات إكسون موبيل ورويال داتش شل وتوتال الفرنسية بأمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في قطر قبل أن تعلن الدوحة عن خطة، يوم الثلاثاء، لزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 30 بالمئة.
وقالت مصادر في الشركات والقطاع لوكالة "رويترز"، إن الرؤساء التنفيذيين عبروا عن اهتمامهم بمساعدة قطر في طموحها لإنتاج 100 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا، أي ما يعادل ثلث الإمدادات العالمية حاليا، خلال السنوات الخمس إلى السبع المقبلة.
ولدى الشركات بالفعل استثمارات كبيرة في الدول الأطراف بالنزاع، وهي حريصة على أن تظل على الحياد بعد أن قطعت السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر العلاقات مع الدوحة في الخامس من يونيو/ حزيران الماضي.
وامتنع متحدثون باسم الشركات الثلاث عن التعليق. لكن مسؤولا تنفيذيا كبيرا لدى إحدى شركات الطاقة الكبرى التي تتطلع إلى التوسع في قطر، قال إن الفرصة التجارية الضخمة تستحق المخاطرة السياسية الكبيرة.
وأكد المتحدث "هناك سياسة واحدة هنا، يجب عليك العمل كشركة تجارية... يجب عليك أن تقوم باختيارات تجارية بحتة وأن تكون قطريا في قطر وإماراتيا في الإمارات".
وعززت مبيعات الطاقة صعود قطر السريع كلاعب إقليمي منذ أواخر التسعينيات. ويسلط اهتمام شركات النفط الكبرى بتوسعات الغاز الطبيعي المسال الضوء على القدرة الاقتصادية طويلة الأمد لقطر خلال خلافها السياسي مع جيرانها.
والتقى دارين وودز، الرئيس التنفيذي لإكسون، وبن فان بيوردن، الرئيس التنفيذي لشل، بأمير قطر بعد أن فرضت أربع دول عربية العقوبات على الدوحة. وزار باتريك بويان، رئيس توتال، الدوحة في الأسابيع الأخيرة.
وتكاليف إنتاج الغاز في قطر، أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم وأكبر مصدر للغاز بعد روسيا، من بين أقل تكاليف الإنتاج في العالم.
ويُنظر إلى الخطة على أنها الطلقة الأولى في حرب أسعار في الوقت الذي تسعى فيه الدوحة للدفاع عن حصتها السوقية، خاصة في مواجهة إمدادات المكامن الصخرية الأميركية ذات كلفة الإنتاج المرتفعة.
واستثمرت إكسون وشل وتوتال بالفعل الكثير في قطر، خاصة في مشروعات تسييل الغاز، والتقى وودز بأمير البلاد في 26 يونيو/ حزيران وبحثا "التعاون" مع قطر التي تعمل إكسون فيها منذ 1935، وفق بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية.
وقالت مصادر بالقطاع مقربة من المحادثات، إن "الرئيس التنفيذي لإكسون كان حريصا على المشاركة في زيادة الطاقة الإنتاجية الجديدة للغاز وعبّر عن رغبته في الاستثمار".
وحل وودز محل ريكس تيلرسون الذي ساعدت إكسون تحت قيادته في بناء قطاع الغاز المسال القطري حتى غادر منصبه ليتولى وزارة الخارجية الأميركية في وقت سابق من هذا العام.
وستصبح إكسون أكبر مستثمر أجنبي في قطر في 2017، مع توجيه معظم الأموال إلى منشآت للغاز الطبيعي المسال، الذي يشكل سبعة بالمئة من محفظتها العالمية، بحسب وود ماكنزي للاستشارات.
وكان فان بيوردن، رئيس شل، من أوائل قادة الشركات الأجنبية الذين زاروا قطر بعد اندلاع الأزمة، حيث اجتمع مع أمير البلاد في 14 يونيو/حزيران. وبعد ذلك بعدة أيام أُبرم اتفاق جديد تقوم قطر بموجبه بتوريد 1.1 مليون طن سنويا من الغاز إلى شل، أكبر شركة عاملة في تجارة الغاز الطبيعي المسال في العالم، لخمس سنوات تبدأ في 2019.
وتتضمن عمليات شل في قطر مشروع بيرل جي.تي.إل، وهو أكبر مصنع في العالم لتحويل الغاز إلى وقود سائل. ويعادل إجمالي استثمارات الشركة في الدولة نحو ستة بالمئة من محفظتها العالمية.
وقالت المصادر إن الشركات الثلاث كانت تتوقع أن تقوم قطر بزيادة صادراتها من الغاز المسال منذ رفعت قطر حظراً فرضته ذاتياً على تطوير حقل الشمال، أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، والذي تشترك فيه مع إيران.
وشركات النفط والغاز معتادة على العمل في مناطق محفوفة بالمخاطر. وفي هذا الأسبوع أصبحت توتال أول شركة طاقة غربية تستثمر في إيران منذ رفع العقوبات عن البلاد. ويستخرج المشروع الإيراني، وهو المرحلة الحادية عشرة من تطوير حقل بارس الجنوبي، الغاز من المكمن ذاته الذي يخرج منه غاز حقل الشمال القطري.
وبحث بويان، الرئيس التنفيذي لتوتال، فرصا جديدة في قطاع الغاز الطبيعي المسال وكذلك خطط الشركة لتطوير حقل نفط الشاهين خلال رحلته إلى الدوحة، حسبما أفاد مصدر رفيع.
وقال مصدر كبير بالقطاع إنه يمكن زيادة الطاقة الإنتاجية لقطر من الغاز الطبيعي المسال بما يصل إلى عشرة ملايين طن سنويا بوتيرة سريعة وبكلفة زهيدة نسبيا عبر تحسين المنشآت القائمة وتحديث عدد محدود من الوحدات.
إضافة إلى ذلك، فإن التوسع قد يتطلب بناء مرافئ جديدة لتسييل الغاز بما يتطلب استثمارات كبيرة، وهو ما يمكن أن تقدمه شركات الطاقة العملاقة. وقال توم إلكوت، المحلل لدى وود ماكنزي: "الغاز المسال القطري جزء مهم بالفعل من إجمالي محفظتهم، خاصة بالنسبة لإكسون، لكن توتال وشل أيضا لاعبان مهمان بقطاع الغاز المسال هناك".
وأضاف "الغاز المسال القطري تنافسي جدا. تحسين المنشآت القائمة وتحديث الوحدات سيكون خيارا رخيصا نسبيا لزيادة الطاقة الإنتاجية، لكن لأن القطاع في نقطة منخفضة من دورة الكلفة، فقد يكون من الجيد أيضا إقامة مرافئ جديدة".
(رويترز، العربي الجديد)